أحمد العلي... هكذا نمت في الحدائق العامة

09 مارس 2020
كنت من المنشقين عن الجيش (العربي الجديد)
+ الخط -

واجه أحمد العلي عوائق كثيرة في رحلة لجوئه من سورية إلى تركيا. فارق أهله واقتيد إلى الخدمة العسكرية، ثم سجنته "النصرة"، حتى وصل أخيراً إلى تركيا حيث بدأ حياةً جديدة.
يحكي الشاب السوري أحمد العلي لـ"العربي الجديد" عن المصاعب التي خاضها منذ انطلاق الثورة في بلاده وحتى وصوله إلى حال من الاستقرار في تركيا. فيروي أنّه ولد في مدينة دمشق في منطقة الصالحية. "كنت لا أزال تلميذاً، ووالدي لديه ورشة لتصنيع أغطية الريغارات عندما انطلقت الثورة. اضطر والدي عندها إلى إغلاق الورشة، بينما تركت أنا الدراسة واتجهت للعمل في صيانة السيارات. إخوتي الشبّان كانوا حينها محاصرين في الغوطة، فبقيت أنا السند الوحيد لعائلتي. تخلّفت عن الخدمة العسكرية، لكنني اضطررت إلى الالتحاق بجيش النظام بعدها، بينما ساعدني صاحب ورشة صيانة السيارات الذي كنت أعمل لديه، لأحصل على إجازات لأزور أهلي. وبعد ثلاثة أشهر من التحاقي بالجيش، نُقلتُ إلى منطقة جسر الشغور في إدلب، حيث كانت تجري معارك ضارية. حوصرنا هناك لأيام، قبل أن أقرر مع صديق لي، الانشقاق عن الجيش. وبالفعل هذا ما حدث".

يتابع العلي: "نسّقنا مع أشخاص نعرفهم، ثم غادرنا مشفى جسر الشغور الذي حوصرنا فيه، وهناك اعتقلتنا جبهة النصرة. لم أستطع حينها التواصل مع أهلي، وبعد فترة أخلت الجبهة سبيلنا، فتواصلت مع عائلتي التي كانت قد أقامت مراسم العزاء لي، ظناً منها أنني فارقت الحياة".



لم يجد بعدها أمامه سوى الذهاب إلى تركيا، إذ يقول: "وضعت فكرة الذهاب إلى تركيا نصب عينيّ. وصلت إليها وبقيت عند قريب لي مدة ثلاثة أشهر، حتى وجدت عملاً براتب بالكاد يكفي لسدّ حاجاتي الأساسيّة. بعد فترة قصيرة، فهمت أنني أصبحت عبئاً على قريبي، فصرت أنام في الحدائق العامة. لحسن حظّي وجدت بعدها عملاً آخر، كنت أمشي إليه لأنني لم أكن أملك أجرة الطريق. تعرّفت عندها إلى صديقي بدر الذي بقي يساعدني ويدعمني حتى غادر تركيا إلى ألمانيا. بعد مغادرته وجدت نفسي وحيداً مجدداً، ولم يكن أمامي سوى ربّ العمل الذي عملت لديه في دمشق. اتصلت به وأمّن لي عملاً لدى صديق له في إسطنبول. عملت في الخياطة لثلاث سنوات في إسطنبول، وبعدها لحق بي أهلي إلى هنا. أصبح روتين العمل في الخياطة مرهقاً ومملاً، فانتقلت إلى حرفة طلاء الأواني، وهو عمل أحببته كثيراً وأحببت الأتراك معه، إذ هم يعاملونني معاملة جيدة. عانيت بداية من مشكلة اللّغة، لكنني تغلّبت عليها مع الوقت. أعتقد أنّه لو أنّني بقيت في سورية لخسرت مستقبلي تماماً، فمن بقوا في سورية يصارعون الموت كلّ يوم".

ويختم العلي: "حالياً أطمح إلى الحصول على الجنسية التركية لأتمكن من مغادرة البلاد والعمل مترجماً من العربية إلى التركية. فهناك العديد من العمّال الأتراك في الدول العربية المختلفة الذين يحتاجون إلى مترجمين".