أسفرت الضغوط والاتصالات التي أدارتها أجهزة في الدولة المصرية مع رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق، ورئيس الأركان الأسبق الفريق سامي عنان، عن خروجهما بشكل نهائي من سباق الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة العام المقبل، كما تكشف مصادر سياسية مصرية اطّلعت على تفاصيل الاتصالات، لـ"العربي الجديد"، لافتة إلى أنه "تم إيصال رسالة بالغة الوضوح لشفيق وعنان، بأنه لن يتم السماح لأي من قيادات القوات المسلحة الحاليين أو السابقين بخوض الانتخابات الرئاسية في مواجهة الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي".
وجاء بيان شفيق، الذي حمل في طيّاته تراجعاً عن فكرة الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في النصف الأول من العام 2018، ليكون بمثابة إشارة واضحة لنجاح الضغوط التي مورست عليه لثنيه عن قرار الترشح. وقال شفيق في بيان نشره على حسابه الرسمي في موقع "فيسبوك"، إنه يسعى بكل جدية إلى دعم واستقرار الأوضاع في مصر مع كل الأطراف، مضيفاً: "أشعر بالارتياح لصدق النوايا والمساعي التي لمستها خلال الفترة الماضية منذ عودتي لأرض الوطن". وتابع: "أراعي جهود الدولة، وقواتها المسلحة والأمنية، في مواجهة الإرهاب الذي يتربّص بالوطن، وهو ما يتطلب وحدة الصف في مواجهته بكل عزم"، معتبراً أن "هذه المساعي المحمودة ستؤتي ثمارها الطيبة قريباً"، مشدداً على سلامة وصمود الدولة أمام كل المخاطر التي تواجهها.
وقالت المصادر إنه تمت الموافقة على بعض مطالب شفيق المتعلقة بإغلاق ملف بعض القضايا المتعلقة بالفساد المالي والكسب غير المشروع المتهم بها، ورفع القيود عن تحركاته هو وبناته الثلاث وأحفاده، والسماح لهم بالعودة إلى مصر والعيش بشكل طبيعي، مع تقديم مخصصات مالية تليق برئيس وزراء سابق وكذلك قائد عسكري أسبق. في حين لاقت المطالب الخاصة بقيام شفيق بدور سياسي معارضة شديدة، ورفضاً قوياً من ممثلي الأجهزة التي أدارت النقاش مع شفيق.
وأكدت المصادر أنه أمام تمسك شفيق بموقفه، تم تحريك أحد البلاغات، من خلال تحويل النائب العام بلاغاً يتهم المرشح الرئاسي السابق بإثارة الرأي العام من الخارج وبثّ بيانات تحريضية، إلى نيابة أمن الدولة العليا، وذلك بناء على مقطعي فيديو، كان قد تم بثهما لشفيق في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أحدهما بثته وكالة "رويترز" للأنباء وأعلن من خلاله عزمه على الترشح للرئاسة، والثاني تبعه بعد ساعات وبثته فضائية "الجزيرة"، وأكد خلاله قيام السلطات الإماراتية باحتجازه ومنعه من السفر، معتبراً ذلك تدخلاً في الشأن المصري بعدما أعلن عزمه على الترشح للرئاسة، وذلك قبل أن تقوم الإمارات بترحيل شفيق على متن طائرة خاصة إلى مصر في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الحالي.
وقالت المصادر إنه فور تحريك البلاغ الأول، أعلن توصّل شفيق لـ"صيغة وسط" تضمن تحقيق جزء من مطالبه، وفي المقابل يعلن بموجبها تراجعه عن الترشح للرئاسة، وهو ما سيحدث في بيان يحمل هذا المعنى خلال الأيام القليلة المقبلة، بحسب المصادر. وكانت محامية شفيق، دينا عدلي حسين، قد أكدت في تصريحات صحافية، أن عدد البلاغات المقدّمة ضد موكلها والتي تم حصرها، تجاوزت المائة بلاغ، مضيفة أنه في ما يتعلق بموقفه حول قضية أرض الطيارين، فقد تم حسمها منذ عام 2012 وحصل فيها على براءة غيابياً بحكم نهائي وباتّ، ولا يجوز فتحها مرة أخرى بقوة القانون، متابعة أنه كانت هناك قضيتان أخريان تُنظران أمام المحكمة وأخذ فيهما براءة غيابياً أيضاً.
في السياق ذاته، اعتذر شفيق، السبت الماضي، عن توقيف أجهزة الأمن مؤيدين له، مطالباً إياها بتوضيح أسباب التوقيف. وقال شفيق في بيان نشره عبر صفحته على "فيسبوك": "أعتذر بشدة، لكل شاب تم التحفظ عليه، لمجرد علاقته الشخصية بي، أو أنه من مؤيديّ أو أنه كان مشاركاً وداعماً لي في الحملة الانتخابية الرئاسية 2012"، دون تحديد أعدادهم. وأضاف: "أعتذر لهم ولأسرهم إذا كان التحفظ عليهم لهذا الأسباب، وأرجو من السلطات المختصة سرعة إيضاح الأمر"، واصفاً الأمر بـ"الموقف الخطير".