وقد بات معروفاً أن ناجي قد حوكم في شباط/ فبراير وأدين بما يسمى "خدش الحياء العام"، بعد نشر صحيفة "أخبار الأدب" مقتطفاً من روايته "استخدام الحياة" سنة 2014، وتقدّم أحد القراء بشكوى ضده بعد عام من نشر المقتطف.
جلسة الاستشكال هذه هي الرابعة منذ أن صدر الحكم، بعد أن كان الروائي قد بُرّئ من التهم الموجهة إليه في شهر كانون الثاني/ يناير 2016، لكن المدّعي العام فاجأ الجميع باستئنافه الحكم ليكسب الدعوى ضد الكاتب، في سابقة غريبة من نوعها يصرّ فيها الادعاء على النيل من كاتب أو روائي بهذا الشكل.
مطالبات كثيرة واحتجاجات ودعوات للتدخّل من أجل وقف هذا الحكم رفعها كتّاب ومثقفون من دون أن تلقى فائدة أو صدى، وها هو ناجي يكاد ينهي السنة الأولى من حبسه، دون أن يحرّك السيسي أو وزير ثقافته إصبعاً في هذا الخصوص، رغم أن الدستور المصري يمنع صراحة سجن وحبس الأدباء والفنانين بسبب أعمالهم، ويثبت للمبدعين حقّهم في حرية التعبير الإبداعي، لكن هذا لم يمنع القضاء من إصدار الحكم والمؤسّسات المعنية من التفرّج على تنفيذه.
قضية ناجي لم تظل حبيسة الجغرافيا الثقافية المصرية، بل أصبحت عالمية بعد أن تبنّتها مؤسسة "القلم" PEN الدولية، والتي اعتبرت في حبس روائي لأنه كتب بضعة مشاهد جنسية امتهاناً لحرية التعبير التي تحميها "الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية" التي وقّعتها مصر.
وكان 120 كاتباً وفناناً عالمياً، وقّعوا في أيار/ مايو الماضي، على بيان يدعون فيه السيسي إلى إطلاق سراح أحمد ناجي، وكان من بينهم فيليب روث وتشيمامندا نغوزي أديشي وباتي سميث ووودي آلن وستيفن سوندهايم. وفي الشهر نفسه منحت مؤسسة PEN ناجي "جائزة بن/باربيري" لـ حرية الكتابة.
ورغم ما شهدته الثقافة المصرية من أخطاء وعثرات هذه السنة، ومن تراجع كبير في المزاج العام وحريات التعبير وحركة الكتابة والنشر، بل وحتى ما يسود من إحباط عام وملموس على حسابات المثقفين والكتّاب والفنانين المصريين في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن قضية أحمد ناجي صاحب روايتي "روجرز" و"استخدام الحياة"، قد تكون أسوأ ما حدث لحرية الكتابة والتعبير في السنوات الأخيرة في مصر، وأفضل ممثل على ما وصلت إليه الأحوال.