وصف ناشطون عراقيون الأوضاع التي يمر بها عشرات آلاف النازحين الفارين من مناطق القتال في مدينة الموصل، بأنها "كارثية"، مع استمرار شح الدعم الحكومي المقدم لهم، وقلة خبرة الفرق الإغاثية التابعة للحكومة أو للمنظمات الدولية.
وسخّرت فرق الإغاثة مئات الشبان للعمل معها ممن لا يملكون الخبرة، في مقابل رفض الموظفين الأجانب العمل في العراق خوفاً من الأوضاع، كما يتضح النقص في الكوادر الطبية النسائية، خصوصاً أن النازحات من نساء وفتيات يرفضن معاينة الأطباء لهن.
وسُجلت، اليوم الأربعاء، وفاة أول طفلة في مخيم خازر تبلغ من العمر ثلاثة أيام، بسبب مشاكل تعرضت لها أثناء ولادتها، وفقا لنشطاء عراقيين.
وقال مدير منظمة السلام العراقية لحقوق الإنسان، محمد علي، إن "الحكومة تمسك يدها عن النازحين، فالخبز الذي وصل إلى المخيم أمس غير صالح للاستهلاك البشري، واليوم لا بطانيات لديهم، وأي زخة مطر ستغرقهم. كما أنها (الحكومة) ترمي بالثقل على الأمم المتحدة التي على ما يبدو تعتمد لغة البيانات التي تعبر عن القلق كما تفعل في سورية، من دون أن تحرّك ساكناً لحل الأزمة".
وأوضح علي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، "فرق الإغاثة غير قادرة على التعامل مع وصول 100 عائلة دفعة واحدة، فكيف إذا بدأ التوغل العسكري الحقيقي داخل الموصل، وخرجت موجات بشرية هائلة نحو المخيمات؟". وحذّر من أنّ أي تقصير يفضي إلى موت أي من النازحين، يجعل الحكومة والأمم المتحدة متورطتين به، كونها هي من دعتهم إلى الخروج وترك منازلهم.
وفي هذا السياق، ذكر الناشط الميداني عمر الحديدي أن "موجات النزوح مستمرة من قرى وأطراف وأحياء الموصل الشرقية، مع تصاعد المعارك بين القوات العراقية وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، ولا توجد مخيمات كافية لإيوائهم، والمساعدات شحيحة جداً، واضطر أغلب النازحين إلى التوجه نحو الصحراء".
كما حذّر الحديدي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، من أنّ "كارثة إنسانية بانتظار المدنيين أمام موجات النزوح المتوقعة، في ظل وجود أكثر من مليون ونصف المليون مدني داخل الموصل حتى الآن، من المتوقع نزوحهم تباعاً مع استمرار المعارك".
ولفت إلى أن نقص المخيمات دفع بعض النازحين إلى التوجه نحو الحدود العراقية السورية في الصحراء، وحفروا في الأرض لإيواء أطفالهم من البرد الشديد، وهم بلا طعام ولا غذاء منذ أسابيع، وتوفي عدد من الأطفال نتيجة البرد والجوع والأمراض.
إلى ذلك، أوضح أحد موظفي الأمم المتحدة، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، أنهم "يعانون من قلة خبرة فرق الإغاثة في إسعاف وإغاثة النازحين، إضافة إلى قلة عدد المخيمات إلى حد كبير جداً، فما وفّرته وزارة الهجرة لا يكفي لاستيعاب أكثر من 50 ألف نازح، وأعلنت قدرتها على استيعاب 100 ألف نازح فقط، وهذه كارثة حقيقية أمام مليون ونصف المليون مدني في الموصل".
وكان عضو لجنة الهجرة والمهجّرين البرلمانية، زاهد الخاتوني، قد نبّه، في وقتٍ سابق، قبل انطلاق معركة الموصل، أن "نازحي الموصل قد يواجهون أوضاعاً معيشية بائسة في مخيم ديبكة مع قرب انطلاق العملية العسكرية على المدينة".
وطالب المجتمع الدولي والحكومة العراقية، بالاستعداد لنزوح جماعي مرتقب لأكثر من مليون ونصف المليون مدني. لكن مطالباته وغيره من السياسيين والناشطين لم تلق آذاناً صاغية.
وحذرت الأمم المتحدة، في وقت سابق، من "كارثة إنسانية" في الموصل، معتبرةً أنها ستكون أسوأ كارثة بشرية على مدى سنوات طويلة قادمة.
وكشف بيان سابق للأمم المتحدة صدر نهاية 2015، أن المنظمة لا تستطيع تقديم الدعم للنازحين العراقيين بسبب قلة الدعم المالي، وتوقف الدول المانحة عن تقديم الأموال اللازمة لإغاثة النازحين العراقيين، في وقتٍ تعجز فيه الحكومة العراقية عن إغاثتهم.