12 ابريل 2017
أرض بلا شمس
علي طيبا (سورية)
هاجرت الجماعات البشرية عبر التاريخ من أراضيها، بسبب الحروب بين الإمبراطوريات القديمة، أو بسبب الكوارث الطبيعية، مثل الصقيع الذي هربت منه الجماعات الهند أوربية التي هاجرت إلى الشرق الأوسط. وربّما من استقر واندمج منهم أطلق على هذه الأرض اسم سورية، وهي تعني باللغة السنسكريتية، الشمس.
اليوم، يعيش السوريون نتائج كارثة غير طبيعية، وهي ليست حربا بين جيوش نظامية لقوى عظمى، بل شكل مستحدث لعنف عبر وكالات تديرها مكاتب فارهة، لمجرمين يرتدون أزياء أنيقة، يحكمون من مناصب رفيعة، ويتواصلون عبر أحدث وسائل التواصل الرقمي، وينشرون كتائب الموت في أرض الشام التي غابت شمسها.
تتكرّر اليوم تجربة الهجرة الجماعية لأبناء التغريبة السورية الذين قذفت بهم الرياح نحو الشمال البارد. كانت مغادرة أرض الشمس أمراً شديد الصعوبة. ولكن، لا بديل، بعد أن فتحت عليها أبواب الجحيم.
كانت في بلاد الشمس حقول القمح على مدى النظر، والكرامة هي ثروة أبنائها. ولكن، مع توالي الغزاة وتجبّر الحكّام، صارت عيونهم تخشى الشمس، وتأنس ظلّ الجدران، حتى وصلت، في آخر الزمان، إلى حدّ القبول بظلّ الأحذية التي أقيمت لها النصب التذكارية، وصارت المفاضلة للمجموعات المستحدثة بين حذاء وحذاء.
صارت رائحة البسطار العسكري خلاصاً لكل الأطراف المتطيّفة، بعد أن سوِّقت الأحذية العسكرية عبر خدمات التواصل الاجتماعي، عبر مباهاة كلّ طرف بفخر الصناعة الأميركية أو الروسية، بعد توصيل مرتزقة الدنيا والآخرة عبر خدمة البريد السريع، حيث لم يبق ابن فكرة منحرفة، إلا وداس على أرض الشمس، الأمر الذي دفع السوريين إلى البحث عن الباب الخلفي للدخول في القرن الجديد، وإن كان تحت راية اللجوء، بعد أن أغلقت أبواب الجنة والجحيم في وجوههم.
تبدأ معاناة اللاجئين في تلك البلاد الباردة منذ لحظة تجاوز خط العرض 37 شمال سورية، وتكاد تصل إلى القطب الشمالي. ومع طول وقت الانتظار، ومراوحة الحلول العسكرية والسلمية في المكان، أصبح من العادات اليومية للاجئين متابعة درجات الحرارة والأحاديث المكرّرة حول كلمات اللغات الجديدة والضحك على لفظها ومعانيها العربية.
فتحت الأزمة موضوع الهوية الوطنية السورية، وهو الأمر الذي يفتقده السوريون، على الرغم من تضحياتهم في سبيلها، والأثمان التي دفعوها من تبنّي شعارات القومية العربية، وتصدّرهم محور المقاومة، فبعد عقود من توزيع وطنيتهم بين الأحزاب القومية التي تسيّدت الساحة السياسية في سورية، لم يحصل أو يطل السوريون منها في النهاية، لا على بلح الشام والعراق أو عنب اليمن وتطوان، بعكس كلّ الكيانات السياسية الحديثة التي اقتنعت بحدودها الوطنية، وقطعت أشواطاً في مسيرة مستقبل أبنائها.
اليوم، يعيش السوريون نتائج كارثة غير طبيعية، وهي ليست حربا بين جيوش نظامية لقوى عظمى، بل شكل مستحدث لعنف عبر وكالات تديرها مكاتب فارهة، لمجرمين يرتدون أزياء أنيقة، يحكمون من مناصب رفيعة، ويتواصلون عبر أحدث وسائل التواصل الرقمي، وينشرون كتائب الموت في أرض الشام التي غابت شمسها.
تتكرّر اليوم تجربة الهجرة الجماعية لأبناء التغريبة السورية الذين قذفت بهم الرياح نحو الشمال البارد. كانت مغادرة أرض الشمس أمراً شديد الصعوبة. ولكن، لا بديل، بعد أن فتحت عليها أبواب الجحيم.
كانت في بلاد الشمس حقول القمح على مدى النظر، والكرامة هي ثروة أبنائها. ولكن، مع توالي الغزاة وتجبّر الحكّام، صارت عيونهم تخشى الشمس، وتأنس ظلّ الجدران، حتى وصلت، في آخر الزمان، إلى حدّ القبول بظلّ الأحذية التي أقيمت لها النصب التذكارية، وصارت المفاضلة للمجموعات المستحدثة بين حذاء وحذاء.
صارت رائحة البسطار العسكري خلاصاً لكل الأطراف المتطيّفة، بعد أن سوِّقت الأحذية العسكرية عبر خدمات التواصل الاجتماعي، عبر مباهاة كلّ طرف بفخر الصناعة الأميركية أو الروسية، بعد توصيل مرتزقة الدنيا والآخرة عبر خدمة البريد السريع، حيث لم يبق ابن فكرة منحرفة، إلا وداس على أرض الشمس، الأمر الذي دفع السوريين إلى البحث عن الباب الخلفي للدخول في القرن الجديد، وإن كان تحت راية اللجوء، بعد أن أغلقت أبواب الجنة والجحيم في وجوههم.
تبدأ معاناة اللاجئين في تلك البلاد الباردة منذ لحظة تجاوز خط العرض 37 شمال سورية، وتكاد تصل إلى القطب الشمالي. ومع طول وقت الانتظار، ومراوحة الحلول العسكرية والسلمية في المكان، أصبح من العادات اليومية للاجئين متابعة درجات الحرارة والأحاديث المكرّرة حول كلمات اللغات الجديدة والضحك على لفظها ومعانيها العربية.
فتحت الأزمة موضوع الهوية الوطنية السورية، وهو الأمر الذي يفتقده السوريون، على الرغم من تضحياتهم في سبيلها، والأثمان التي دفعوها من تبنّي شعارات القومية العربية، وتصدّرهم محور المقاومة، فبعد عقود من توزيع وطنيتهم بين الأحزاب القومية التي تسيّدت الساحة السياسية في سورية، لم يحصل أو يطل السوريون منها في النهاية، لا على بلح الشام والعراق أو عنب اليمن وتطوان، بعكس كلّ الكيانات السياسية الحديثة التي اقتنعت بحدودها الوطنية، وقطعت أشواطاً في مسيرة مستقبل أبنائها.