أزمة أوكرانيا تضع اثرياء الروس بلندن تحت المجهر

11 ابريل 2014
لندن من عواصم المال المحببة للروس
+ الخط -

تضع أزمة أوكرانيا ثروات المستثمرين الروس في بريطانيا تحت المجهر، ولكن حتى الآن لم تخسر هذه الثروات الا جزءا ضئيلا كما يقول خبراء مال في لندن. وتتركز ثروات الروس، في حي المال البريطاني، في الشركات المسجلة في البورصة والعقارات وبعض الاستثمارات الفاخرة في الاندية الرياضية وملاعب الغولف. ومن بين الاستثمارات التي تأثرت حتى الآن صناديق الاستثمارات في الاسواق الناشئة التي تقدر خسارتها بمبالغ تتراوح بين مليار وملياري دولار.

ليام بيلي الشريك في وكالة" نايت فرانك"، كبرى شركات العقارات في لندن، قال لـ" العربي الجديد" " نراقب جيداً حركة الاستثمارات الروسية في العقارات البريطانية في أعقاب أزمة أوكرانيا، ولم  نر حتى الآن أية  تغييرات في الاستثمارات  الروسية". وقدر بيلي في تعليقاته لـ" العربي الجديد" حجم الاستثمارات الروسية في المساكن البريطانية التي يفوق ثمنها مليوني جنيه استرليني بنسبة 4%، كما قدر حجم الاستثمارات الروسية في العقارات فوق 10 مليون جنيه استرليني بحوالى 10%.
واضاف بيلي القول" من الصعب التنبؤ بتأثر الاستثمارات العقارية في بريطانيا بأية اجراءات عقابية على روسيا في المستقبل"، ولكنه لاحظ "أن هنالك زيادة في الاستثمارات الصينية والآسيوية في السوق البريطاني التي ربما تعوض أية خسارة مستقبلية في حجم الاستثمارات الروسية".

من جانبه يقول جوشاوا ريموند، كبير استراتيجيي الاستثمار في سيتي انديك: " العقارات البريطانية ستتأثر، لأن أحد عوامل انتعاشها صفقات الأثرياء الروس، واذا حرم الروس من الاستثمار في العقارات البريطانية فإن ذلك سيؤثر على انتعاش العقار". ويستبعد عدد من الخبراء في سوق المال، أن تتخذ لندن اجراءات عقابية متشددة على الاستثمارات الروسية في لندن، لأن روسيا سترد بالمثل وستكون النتيجة خسارة بريطانيا.

وحسب الاحصائيات الرسمية لحجم الاستثمارات بين البلدين، وبلغة الارقام ، فإن أي حظر أو تجميد للأموال الروسية سيضر بريطانيا أكثر من روسيا. ولدى المملكة المتحدة استثمارات في روسيا تقدر بحوالى 46 مليار استرليني (حوالى  76.82 مليار دولار) ، كما ان لدى روسيا استثمارات تقدر بحوالى 27 مليار جنيه استرليني (حوالى 45.09 مليار دولار) حتى العام 2011.
وحسب احصائيات بنك التسويات الدولية الاخيرة، فإن قروض البنوك البريطانية للقطاع العام والشركات الخاصة في روسيا تقدر بـ19 مليار جنيه استرليني (حوالى 31.37 مليار دولار) وعليها التزامات للقطاع العام والخاص الروسي مبالغ تقدر بحوالى 42 مليار جنيه استرليني (حوالى 70.14 مليار دولار)، معظمها في شكل ضمانات مالية، وذلك حتى نهاية العام الماضي . وهذه الأرقام ليست كبيرة ، بحيث تجعل فرض اجراءات عقابية بريطانية على روسيا ذات تأثير كبير. ولكن  ما يجعل فرض اجراءات عقابية على روسيا قراراً صعباً على بريطانيا هو حجم الاستثمارات المالية الروسية المستوطنة في بريطانيا. فهنالك جالية كبيرة من الأثرياء الروس في بريطانيا.

وحسب التقديرات الرسمية، يبلغ عدد الروس في بريطانيا حوالى 150 الف روسي، معظمهم من كبار المستثمرين، وبينهم أثرياء كبار أحتلوا مراكز متقدمة في قائمة فوربس للاثرياء مثل ابراهيموفيتش الذي يملك نادي تشيلسي اللندني الشهير، وعسمانوف، وآخرون يملكون مئات وعشرات الملايين. وهؤلاء يشكلون نسبة مهمة في ماكينة تدوير المال وصناعة الصفقات في حي المال البريطاني.
وعلى صعيد حي المال، يقول خبراء في سوق المال البريطاني "إن أسهم الشركات الروسية المسجلة في بورصة لندن ستنخفض في حال تطبيق اية اجراءات عقابية واسعة، كما ان الشركات البريطانية التي تتعامل مع روسيا ستواجه، هي أيضا، احتمالات هبوط اسهمها".
ولكن حتى الآن لا توجد دلائل على أن بريطانيا تنوي تطبيق اجراءات عقابية على المستثمرين الروس، وأن التوجه البريطاني يضغط في اتجاه معاقبة روسيا على مستوى الطاقة وامدادات الغاز الطبيعي، حيث تبيع شركة غازبروم حوالى 80 مليار دولار سنوياً الى دول الاتحاد الاوروبي.

ويذكر أن بريطانيا أصبحت مهبط الطائرات ومربط اليخوت الفارهة للروس، منذ نهاية القرن الماضي الذي شهد نزع" الشارات الحمراء"، وتوزيع ارث الاشتراكية على فئة من المقربين، حينما هبط الثراء على القياصرة الروس الجدد.

منذ ذاك الوقت فتن الروس بلندن، فتنتهم عروس "التيمز" بحريتها وتنوعها، وفتنت هي كذلك، بصرفهم اللعوب الباذخ وشبق التملك للمقتنيات الثمينة. لقد وجد أباطرة المال الروس الجدد في لندن العاصمة المثالية للاستثمار والترفيه والدخول إلى المجتمع الرأسمالي من أوسع أبوابه. ورحبت لندن هي أيضا - بطبعها الأرستقراطي - بالأثرياء الجدد ومنحتهم عضوية في كثير من الأندية الخاصة، وأتاحت لهم فرصة التعرف إلى المجتمع الرأسمالي العالمي، عبر شركات العلاقات العامة التي تنظم الحفلات وتجمع بين الأثرياء والمشاهير. ولكن في السنوات الاخيرة تدفق المستثمرون من الصين والشرق الاقصى وأخذوا يخطفون البريق من الروس.

دلالات
المساهمون