حملَ بعض اللاجئين خلافاتهم وصراعاتهم في بلدانهم الأصلية إلى ألمانيا، والتي جاءوا إليها بهدف بدء حياة جديدة بعيداً عن الحرب والفقر والموت. فألمانيا، كغيرها من الدول الأوروبية، شهدت اشتباكات بين اللاجئين لأسباب سياسية وعرقية ودينية، أدّت إلى وقوع إصابات بينهم وبين رجال الشرطة، والذين تدخلوا لفرض الأمن.
أسبابٌ كثيرة تؤدّي إلى حدوث مشاكل في مراكز اللجوء، منها الاكتظاظ وضيق المكان. هناك أيضاً عائق اللغة الذي يجعلهم غير قادرين على التفاهم مع بعضهم بعضاً. يضاف إلى ما سبق القلق الذي يشعر به معظم اللاجئين؛ بسبب احتمال رفض طلبات لجوئهم. جميع هذه العوامل وغيرها تؤدي إلى زيادة أعمال العنف، وتثير مخاوف المسؤولين.
وشهد عدد من المدن الألمانية وقوع اشتباكات بين اللاجئين. على سبيل المثال، أدى شجار بين 70 باكستانياً و300 ألباني إلى إصابة 14 شخصاً بجروح في كاسل. هذه الحادثة كانت العنوان الأبرز في عدد من الصحف الألمانية. كذلك وقعت حادثة أخرى في دردسن بين سوريين وباكستانيين، وكذلك بين أفغان وسوريين، علماً أن معظم الاشتباكات تحصل انطلاقاً من دوافع سياسية ودينية، بهدف فرض السيطرة على مركز اللجوء.
وتجدر الإشارة إلى أن عدداً من اللاجئين يحاولون فرض سيطرتهم في مركز اللجوء، حتى إنهم يشكلون مجموعات ويفرضون قوانين خاصة بهم. كما أن العديد من هذه الاشتباكات ترتبط بأسباب سياسية، علماً أن كثيرين لم يتركوا خلافاتهم وراءهم، بل ما زالوا متمسكين بأفكارهم وآرائهم السياسية.
أحياناً، قد تؤدّي الخلافات بين اللاجئين إلى الاشتباك بالأيدي للفوز بالمساعدات. في مدينة كولن الألمانية، تسبب خلاف بين اللاجئين على تقاسم المساعدات التي وصلت إليهم من ملابس وأحذية وألعاب للأطفال وغيرها باتخاذ قرار من قبل إدارة المركز بعدم تقديم المساعدات مباشرة إلى اللاجئين، بهدف الحد من التوترات التي تنشأ بينهم.
اقرأ أيضاً: عنصرية رغم الاندماج في ألمانيا
إلى ذلك، أقلقت هذه الاشتباكات المسؤولين، وخصوصاً حول إمكانية أن يتمكن هؤلاء من الاندماج في المجتمع الألماني والالتزام بالقوانين. وكانت نقابة الشرطة الألمانية قد طالبت بتوزيع اللاجئين على مراكز الاستقبال بحسب انتماءاتهم العرقية والدينية، ما أدى إلى جدل كبير في البلاد. ورأى كثيرون أنه لا يمكن تحقيق الأمر بسبب صعوبة تأمين مراكز لجميع هؤلاء. كذلك اعترضت شخصيات سياسية بارزة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الشريك مع الائتلاف الحاكم على الفصل بين سكان مراكز اللجوء وفقاً للعقيدة أو الجنسية على الرغم من الاشتباكات، لافتين إلى استحالة تطبيقها.
في المقابل، تقول منظّمات غير حكومية، وعدد من الخبراء، إن الاختلاف العرقي أو الديني يعدّان سببين هامشيين، ويشيرون إلى أن التوتر ناجم قبل أي شيء آخر عن الأعداد الهائلة من اللاجئين الذين يتشاركون مكاناً واحداً، ويفتقدون الخصوصية، بالإضافة إلى صعوبة التواصل في كثير من الأحيان. وهناك أيضاً القلق الناتج عن انتظار البت في ملفاتهم، وخصوصاً أنهم لا يعرفون الوقت الذي تستغرقه الإجراءات القانونية قبل البت في مصيرهم.
في هذا السياق، اقترح بعضهم توقيع اللاجئين الذين يرغبون بالبقاء في ألمانيا على اتفاق ملزم عند التقدم بطلب اللجوء، كوسيلة ضغط للابتعاد تماماً عن العنف. ودعت نائبة رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي، يوليا كونكتر، إلى توقيع اتفاق يتضمن عقوبات في حالة عدم الالتزام.
من جهتها، ترى الباحثة في مجال الدراسات الإسلامية لمياء قدور أنه تجب الاستعانة بموظفين يوزعون بين المراكز، على أن يتولوا تهدئة النفوس. وتشير إلى أن ما يحصل بين اللاجئين ليس مستغرباً، لافتة إلى أنه من الطبيعي أن تنشب خلافات بين هذا العدد الكبير من الناس داخل أماكن ضيقة. كما أن كلّ ما مرّوا به وعانوه أوصلهم إلى حالة من التوتر ستكون نتيجتها المشاكل.
طائرات للترحيل
أعلنت الحكومة الألمانية الأسبوع الماضي بدء دراسة إمكانية الاستعانة بطائرات الجيش لترحيل المهاجرين الذين ترفض طلبات لجوئهم. ولأنه ثمّة فرص ضئيلة لقبول طلبات اللجوء، تريد الحكومة ضمان مغادرة من ترفض طلباتهم سريعاً، لتتمكن من دراسة ملفات السوريين والمهاجرين الآخرين الأوفر حظاً. وقال الناطق باسم الحكومة شتيفن زايبرت إن استخدام طائرات مدنية أولوية.
اقرأ أيضاً: إيواء اللاجئين... تحدّي ألمانيا الأكبر