بات من المؤكد أن الأحزاب الفاشية في أوروبا، تحديداً اليمين المتطرف أو "اليمين الوطني" كما يسمّي نفسه، على مشارف تحقيق نتائج إيجابية في انتخابات البرلمان الأوروبي، المقررة بين 23 مايو/أيار الحالي و26 منه، عكس فشلها في بلدانها. فعملاً بنظام البرلمان الأوروبي، وعكس البرلمانات الوطنية، يجتمع النواب في مجموعات سياسية، تتكوّن من أحزاب مختلفة. إحداها مجموعة "أوروبا أمم وحريات" التي تضم الأحزاب المتطرفة. وبحسب آخر استطلاعات الرأي فيمكن لهذه المجموعة أن تضاعف عدد نوابها في البرلمان الأوروبي، لتنتقل من 37 مقعداً حالياً إلى أكثر من 80 مقعداً في الدورة المقبلة من أصل 705 مقاعد. وهو ما سيجعل "أوروبا أمم وحريات" تحتل المركز الرابع على لائحة المجموعات السياسية الأوروبية. في السياق، فسّرت الخبيرة في الشؤون الأوروبية، كيارا ديفيليشي، ظاهرة تصاعد تمثيل الأحزاب المتطرفة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي بعكس وضعها في بلدانها، بالقول إن "الأنظمة الانتخابية في مجموعة من الدول الأوروبية لا تسمح بوصول هذه الأحزاب إلى البرلمانات الوطنية، بينما يسمح النظام النسبي المطبّق في الانتخابات الأوروبية لها بالحصول على مقاعد. كما تستفيد هذه الأحزاب من التصويت الغاضب، فالعديد من المواطنين يستعملون هذه الانتخابات فقط للتعبير عن رفضهم لمجموعة من السياسات الاقتصادية والاجتماعية".
وستمنح هذه الزيادة المتوقعة في عدد مقاعد "أوروبا أمم وحريات" المزيد من الموارد، سواء من ناحية عدد المناصب المخصصة للمجموعة والوسائل المالية، أو من ناحية استخدام الوسائل اللوجستية للبرلمان الأوروبي. وسيكون ذلك بمثابة دعم ملموس للعديد من الأطراف المكونة للمجموعة، كما سيعمل على جذب أطراف أخرى مشتتة للانضمام إلى التكتل. وأضافت ديفيليشي أن "هذه الزيادة ستؤهل المجموعة لتولي مناصب رئيسية في البرلمان كرئاسة اللجان. فإمكانية الحصول على أحد مناصب نواب الرئيس في البرلمان أكثر رمزية من حيث السلطة، لما تمنحه من دعاية، لأن نواب الرئيس يرأسون الجلسة العامة بشكل دوري، ويمتكلون الحق في التعبير بشكل كبير".
من جهته اعتبر الخبير في الشؤون الأوروبية، ألان فرانشون، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "هذه المجموعة تستفيد من ظاهرة مزدوجة. فمن ناحية، هناك النجاح الانتخابي الوطني للعديد من أعضائها، لا سيما حزب رابطة الشمال الإيطالية والتحالف الفلاماني البلجيكي؛ ومن ناحية أخرى، تجتمع بعض المنظمات السياسية لتكوين حزب كما هو الحال بالنسبة لحزب بديل من أجل ألمانيا، الذي تطور من حزب مناهض لأوروبا إلى حزب يميني متطرف، أو حزب الشعب الدنماركي الذي أصبح أكثر جذرية".
ولفت إلى أنه "هناك بعض التقدم المهم على المستوى الوطني لمجموعة من الأحزاب الأخرى، على سبيل المثال في فنلندا أو إستونيا، لكنه لا يؤدي إلى تغييرات كبيرة من ناحية عدد المقاعد على المستوى الأوروبي. أما بالنسبة للتجمع الوطني الفرنسي بزعامة مارين لوبان، فإن النتيجة التي تتوقعها استطلاعات الرأي ترجح حصوله على 22 في المائة من مجموع أصوات الناخبين الفرنسيين ما يعادل نتائج الحزب في انتخابات 2014 حين حقق أعلى مستوى له بنسبة 25.4 في المائة".
ومن المنتظر هيمنة الإيطاليين والفرنسيين على مجموعة "أوروبا أمم وحريات"، واحتلال نصف عدد المقاعد. وفي الوضع الحالي لاستطلاعات الرأي، يفقد التجمع الوطني الفرنسي لمارين لوبان، الجبهة الوطنية سابقاً، موقعه المتقدم لصالح رابطة الشمال الإيطالية لماتيو سالفيني. وبحسب فرانشون، فإنه "على الرغم من التوقعات بحصول المجموعة على أكثر من 80 مقعداً، فإن ذلك لن يمنحها الوزن الكافي للتأثير بشكل كبير على السياسة الأوروبية. ولكن سيكون لها دور جذاب على بعض المجموعات الأخرى من المناهضين للبناء الأوروبي، وحتى على بعض الأطراف التي تنتمي إلى المجموعات التقليدية مثل حزب الاتحاد المدني المجري للرئيس فيكتور أوربان، المنتمي إلى الحزب الشعب الأوروبي اليميني، أو حزب حق وعدالة للبولندي ياروسلاف كاجنسكي، المنضوي تحت لواء المحافظين، خصوصاً في مواضيع مثل الهجرة، وصلاحيات المفوضية الأوروبية أو التكامل الأوروبي.