أسبوعان من المجازر يمنحان النظام تقدماً واسعاً شرقي حلب

أحمد حمزة

avata
أحمد حمزة
29 نوفمبر 2016
8800F101-5A51-4D86-98A9-DE4090F5B7EE
+ الخط -
مهّدت المجازر التي خلفتها عشرات الغارات، وراح ضحيتها أكثر من 300 مدني خلال الأسبوعين الماضيين فقط، لتداعٍ غير مسبوق في دفاعات فصائل المعارضة السورية شمال شرقي حلب، المحاصرة والمجوّعة تماماً منذ نحو 17 أسبوعاً. وتقدمت قوات النظام والمليشيات المساندة لها، والمدعومة بغطاء جوي ناري كثيف، أمس الإثنين، في معظم المناطق الواقعة في الجزء الشمالي من أحياء شرقي المدينة، لتفقد المعارضة السورية بذلك، وللمرة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات، نحو نصف مناطق سيطرتها هناك. لكنها لا تزال تحتفظ بما يزيد عن نصف المساحات التي كانت دخلتها أواسط يوليو/ تموز عام 2012، والتي تواصلت الضربات الجوية عليها طيلة يوم أمس، مخلفةً ضحايا جدد من السكان.

هذا التفوق الميداني غير المسبوق في مدينة حلب، لصالح قوات النظام والمليشيات، والذي بدأت إرهاصاته منذ يومين، عندما فقدت المعارضة حي هنانو، جاء بعد أسبوعين كاملين من حملة قصف مدفعي ومئات الغارات للطيران الحربي والمروحي على حلب. وبدأت هذه الحملة التي اتبعت "سياسة الأرض المحروقة"، يوم الثلاثاء 15 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. ومنذ ذلك اليوم، تحاول قوات النظام والمليشيات التغلغل عبر أكثر من محور اشتباك، لا سيما المحور الشمالي من جهة مساكن هنانو، والمحور الجنوبي من جهة الشيخ سعيد، وفي خطوط التماس بحلب القديمة. ونجحت حتى الآن، فقط باقتحام حي هنانو يوم الأحد الماضي.

وأتاح تقدم القوات المهاجمة عبر المحور الممتد من أطراف مدينة حلب الشرقية لداخل مساكن هنانو نحو منطقة سليمان الحلبي، تقسيم مساحات سيطرة المعارضة السورية شرقي المدينة لقسمين: شمالي وجنوبي. ومع ساعات عصر أمس الإثنين، فقدت فصائل المعارضة السورية سيطرتها على معظم أجزاء القسم الشمالي، الذي يتألف من مجموعة أحياءٍ أبرزها من الشرق للغرب: هنانو والحيدرية وبعيدين والشيخ خضر والشيخ فارس والهلك وبستان الباشا. وتتصل الأطراف الغربية للحيين الأخيرين بحي الشيخ مقصود الذي يخضع لسيطرة "وحدات حماية الشعب" الكردية، والتي استثمرت، من جهتها، الموقف مع تداعي دفاعات المعارضة السورية. ووسعت هذه الوحدات مناطق سيطرتها في الشيخ مقصود، لتشمل اعتباراً من صباح أمس، حي بستان الباشا بالكامل، وأجزاء من أحياء الهلك وبعيدين والحيدرية، فيما أخضعت قوات النظام، الزاحفة من الشرق، مع مليشيات مساندة لها، نحو 10 أحياء، أبرزها: الصاخور وعين التل وجبل بدرو. وتداخلت مناطق سيطرتها الجديدة، مع المساحات التي أخضعتها حديثاً الوحدات الكردية في أحياء: الحيدرية وبعيدين والشيخ فارس والشيخ خضر، على الرغم من أن وسائل إعلام النظام الرسمية وشبه الرسمية، سوقت بأن كل هذه المناطق باتت تحت سيطرة "الجيش السوري"، دون ذكر اسم الوحدات الكردية.


في المحصلة، تمكنت القوات المهاجمة عبر استراتيجية تقسيم الأحياء الشرقين لقسمين، من تشتيت مقاتلي المعارضة عبر إشغالهم بعدة محاور. وضاعف ذلك من الصعوبات التي تواجه الثوار الذين يقاتلون تحت حصار طويل، تخللته معارك استنزاف كثيرة، وسط غطاء جوي كثيف للقوات المهاجمة التي تتفوق أيضاً بامتلاكها لخطوط إمدادات بالذخيرة والعنصر البشري، بعكس القوات المدافعة، والمحاصرة منذ نحو أربعة أشهر. وانكفأت فصائل المعارضة السورية إثر معارك اليومين الأخيرين، للقسم الجنوبي من الأحياء الشرقية ومساحته نحو 25 كيلومتراً مربعاً. ويتألف من عدة أحياء، أبرزها: القاطرجي والشعار وطريق الباب وكرم الجبل وكرم الطحان وقاضي عسكر وكرم الحبل والميسر والفردوس والمشهد والشيخ سعيد.

في غضون ذلك، واصلت قوات النظام محاولات تقدمها على جبهات أخرى. وقال مصدر بالمعارضة السورية المسلحة لـ"العربي الجديد"، يوم أمس، إن "المعارك بين الفصائل المقاتلة وقوات النظام، باتت على أطراف دوار الصاخور ودوار الجزماتي وجسر المشاة وحيي طريق الباب والشعار، في وقت تمكنت فيه قوات النظام من السيطرة على محطة المياه في حي سليمان الحلبي".

وبالتزامن مع المعارك العنيفة، واصل الطيران الحربي شن غاراته على أحياء مختلفة في القسم الجنوبي من شرقي حلب، كانت أعنفها في حي الشعار، الذي قُتل فيه، بغارة واحدة، أكثر من عشرة مدنيين. وعاودت مروحيات النظام، وفق مصادر محلية، "استهداف مناطق المعارضة ببراميل تحوي غاز الكلور". وأكد مدير المكتب الإعلامي للدفاع المدني في حلب، إبراهيم أبو الليث، لـ"العربي الجديد"، مقتل "أكثر من عشرة مدنيين وإصابة نحو 20 آخرين، جراء استهداف الطيران الحربي الروسي بصواريخ وقنابل عنقودية للمنازل في حي الشعار، شرق حلب المحاصر، ظهر (أمس)". وأضاف أن "الحصيلة مرشحة للارتفاع بسبب وجود عشرات المصابين والعالقين تحت الأنقاض".

بموازاة ذلك، تحدث "مركز حلب الإعلامي" عن "قصف من طيران النظام المروحي ببراميل تحوي غاز الكلور السام على حي القاطرجي وحي قاضي عسكر في مدينة حلب المحاصرة". وكانت حصيلة ضحايا القصف الجوي على حلب وريفها، بلغت يوم الأحد الماضي، 39 قتيلاً، إضافة لإصابة نحو 200 مدني، حسب إحصائية "الدفاع المدني السوري".

ونتيجة لهذه الغارات، مع المعارك العنيفة على جبهات القتال، سُجلت حركة نزوح، هي الأوسع من نوعها، لآلاف السكان من الأحياء التي باتت جبهات قتال، نحو الأحياء الأبعد عن نقاط الاشتباك، التي تتعرض بدورها لغارات جوية كثيفة. واتجهت مئات الأسر نحو مناطق سيطرة الوحدات الكردية في الشيخ مقصود، فيما سجلت حركة نزوح أقل نطاقاً، نحو مناطق سيطرة النظام السوري، إذ يخشى الأهالي من أن يتم اعتقالهم كونهم قادمين من مناطق كانت تسيطر عليها المعارضة السورية منذ أربع سنوات.

من جهة أخرى، أفادت مصادر موالية للنظام السوري عن مقتل اثنين وإصابة 7 أشخاص بجروح، نتيجة سقوط قذائف صاروخية على حي حلب الجديدة، جنوب مدينة حلب، وإصابة 30 شخصاً بسقوط قذائف على مناطق سيطرة النظام، في حي الإسماعيلية ومحيط مدرسة الأمين والقصر البلدي وجامع الرئيس، وعلى حي الفرقان، غرب مدينة حلب.

ذات صلة

الصورة
آثار قصف روسي على إدلب، 23 أغسطس 2023 (Getty)

سياسة

شنت الطائرات الحربية الروسية، بعد عصر اليوم الأربعاء، غارات جديدة على مناطق متفرقة من محافظة إدلب شمال غربيّ سورية، ما أوقع قتلى وجرحى بين المدنيين.
الصورة
غارات روسية على ريف إدلب شمال غرب سورية (منصة إكس)

سياسة

 قُتل مدني وأصيب 8 آخرون مساء اليوم الثلاثاء جراء قصف مدفعي من مناطق سيطرة قوات النظام السوري استهدف مدينة الأتارب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة
الصورة
قوات روسية في درعا البلد، 2021 (سام حريري/فرانس برس)

سياسة

لا حلّ للأزمة السورية بعد تسع سنوات من عمر التدخل الروسي في سورية الذي بدأ في 2015، وقد تكون نقطة الضعف الأكبر لموسكو في هذا البلد.
الصورة
غارات جوية إسرائيلية على دمشق 21 يناير 2019 (Getty)

سياسة

قتل 16 شخصاً وجُرح 43 آخرون، في عدوان إسرائيلي واسع النطاق، ليل الأحد- الاثنين، على محيط مصياف بريف حماة وسط سورية.