أسماء صنعت الفارق في ليلة سقوط الكبار

05 يناير 2015
المدرّبان مويس ونونو اللذان هزّا عرش الكبار (العربي الجديد)
+ الخط -
يوم كروي حافل ومفاجآت بالجملة، وكأننا على موعد مع سقوط الكبار. ريال مدريد يخسر أخيراً ويتوقف رصيده الحافل منذ فترة بعيدة، أما برشلونة فيسقط كالعادة في "الباسك" من دون سابق إنذار، وكانت الأجواء الإنجليزية قريبة من صاعقة أخرى بخروج مانشستر سيتي من بطولة الكأس، لولا أهداف ميلنر الحاسمة، وتألق اللاعب الأهم على الإطلاق في الثلث الهجومي الأخير، دافيد سيلفا، وأسماء أخرى تستحق مزيداً من الاحترام.

# صانع اللعب المهاري
دافيد سليفا، الرجل الذي يضع مانويل بليجريني كامل خطته وفق قدراته، جناح يملك رؤية فنية رائعة، ويأتي دائماً بألعاب غير متوقعة، يجيد الدخول في العمق ويتولى مهام صناعة اللعب، وإيصال الكرات إلى زملائه في الثلث الأخير من الملعب، لذلك يعتبر سيلفا بمثابة الهدية للمهندس قائد مان سيتي، خصوصاً أنه أخف من ريكلمي وأكثر تقنية من كازورلا، الثنائي الذي استخدمه مانويل بشكل رائع مع فياريال على فترات متباعدة.

وعرف سيلفا التألق كجناح صريح مع فالنسيا، سيلفا وماتا على الأطراف مع المهاجم الأسطوري دافيد فيا في العمق، الثلاثي الذي أضاف رونقاً خاصاً لطريقة لعب الخفافيش في ملاعب الليجا، وبعد انتقاله إلى إنجلترا، أصبح الجناح المهاري أكثر نضجاً، وزادت خبرته مع ثقل تكتيكي حقيقي كفيل بوضع اسمه في مقدمة قائمة الأفضل داخل ملعب الاتحاد.

يمتاز دافيد بقدرة كبيرة على التحكم بالكرة، والتحكم لا يعني المراوغة فحسب، بل معرفة كيف وأين ومتى يمرر الكرات إلى رفاقه، وهذه المزايا اكتسبها بسبب لعبه على الخط في مساحات ضيقة، مما جعله شديد الحساسية في مسألة فقدان الكرة، وحينما انتقل إلى العمق باتت مهمته أسهل وأيسر لأنه يجد فراغاً شاسعاً، ليس فقط على طرف واحد بل في العمق وفي كافة أطراف المستطيل الأخضر، ورقمياً وإحصائياً، عدد الدقائق التي يحصل اللاعب فيها على الكرة يكون 3، وبالنسبة لأعظم اللاعبين الذين يجيدون التصرف يكون 4 إلى 5 دقائق، أما مع المدافعين فيكون دقيقتين فقط.

لذلك، السؤال يجب أن يكون، ماذا ستفعل خلال الـ 86-87 دقيقة الباقية من دون الكرة، والإجابة ستخبرك حتماً إذا كنت لاعباً جيداً أم لا، لأن المباراة تشمل الكرة ودونها، فتّش عن صناعة القرار، عن الفراغ، عن التمركز. وسيلفا من أهم اللاعبين في البطولة الإنجليزية الذين يجيدون التحرك من دون كرة والحصول دائماً على أفضل الأماكن الممكنة.

# اللاعب التكتيكي
نسمع دائماً عن اللاعب الذي يعشقه المدربون، إنه ذلك الشخص الذي يخدم أفكار المدير الفني ويُطبقها باحترافية شديدة داخل المستطيل الأخضر، وإنزو بيريز، الوافد الجديد لفالنسيا، واحد من هؤلاء القادرين على إضافة الفارق في أي مكان يلعب فيه بالملعب، وكان له دور محوري في التحول إلى طريقة لعب (3-5-2) أمام ريال مدريد في قمة "الميستايا".

وكان إنزو بيريز المنقذ في تشكيلة "التانغو" في المونديال الأخير، خصوصاً مع المستوى العادي لكلٍّ من أجويرو وهيجواين، لذلك اكتفى سابيا بلاعب واحد منهما في الهجوم رفقة الثنائي ميسي ودي ماريا ولافيتزي، مع مد الوسط بلاعب ثالث حقيقي مثل إنزو، ليساعد منطقة الارتكاز، ويجعل الفريق اللاتيني أقوى في الضغط ويصنع حائطاً دفاعياً متقدماً أمام رباعي خط الظهر بالخلف.

يترك بيريز موقعه على الطرف ويدخل في العمق رفقة بقية لاعبي الوسط إذا كانت الهجمة للخصم من المنتصف، مما يؤدي إلى تعامل مذهل مع الكثافة العددية والهروب من مصيدة الضغط التي يحاول تطبيقها، لذلك يعتبر الأرجنتيني لاعباً بارعاً في المناطق المزودجة، فيما يعرف بالـ Mixed Zone بين الوسط الصريح والريشة المائلة للجناح.

واستخدم نونو، مدرب "الخفافيش"، عدة تكتيكات مركبة أمام بطل العالم، ولعب بمزيج بين 3-3-3-1، 3-4-1-2، 3-1-4-2، معتمداً على ثلاثي دفاعي صريح، وعمل زيادة عددية بالمنتصف من أجل الضغط على وسط "الريال" والحصول على التمريرة الثانية، مع الاعتماد على مثلث هجومي يصنع الضغط على دفاع الميرينجي، وكان بيريز هو المفتاح الرئيسي لصعود معظم لاعبي فالنسيا للأمام، بقدرته على التغطية الخلفية وإعطاء الحرية لضغط لاعبي الوسط وزيادة الأظهرة الهجومية.

هدف التعادل لفالنسيا جاء عن طريق الثنائي جايا وباراجان، لعبة من اليسار إلى أقصى اليمين، مع صعود كامل لمعظم لاعبي فالنسيا، وذلك بسبب وجود لاعب وسط قادر على الجميع بين أكثر من مركز في المباراة نفسها.

# بعبع برشلونة
يلعب  ريال سوسييداد دائماً عن طريق الأطراف، خطط 4-3-3 / 4-2-3-1 وأخيراً مع مويس 4-4-1-1، كاسترو وكارلوس فيلا أجنحة صاروخية، تشابي بيريتو لاعب مميز جداً في التمرير، لذلك يتألق الفريق بشكل طولي مباشر، تمريرات سريعة من الوسط إلى الأطراف، واختراق سريع أثناء التحولات من الدفاع للهجوم، لذلك عانى البارسا أمام هذه النوعية من الفرق.

ولاعب بقيمة كارلوس فيلا يجد نفسه بشدة داخل ملعب "الأنويتا"، إنه الجناح السريع القادر على شغل كافة مراكز الهجوم، ولا يكتفي فقط بالتمركز على الخط، بل يدخل كثيراً في العمق ويحاول قدر المستطاع أن يستغل المساحات الشاغرة بين القنوات وخلف الدفاعات، وبالتالي يجد المكسيكي نفسه نجماً فوق العادة في كافة المباريات الكبيرة.

سيناريو مباراة "البرسا" كان بمثابة الهدية لسوسييداد ولاعبيه، حيث التقدم بهدف مبكر واستفزاز المنافس للخروج من مناطقه ومحاولة التسجيل، وهنا تصبح الأجواء مناسبة تماماً لمزيد من التألق بالنسبة لفيلا، اللاعب غير القابل أبداً للتصنيف، لأنه ليس جناحاً فقط أو ساعداً هجومياً، بل يلعب في بعض الأحيان كمهاجم صريح داخل وخارج منطقة الجزاء.

سريع، مهاري، منطلق، يجيد التعامل مع الدفاعات المتقدمة، هكذا هي قدرات اللاعب المكسيكي، الذي يجد نفسه في كل مباراة يخوضها أمام برشلونة، لأنه باختصار بمثابة المصل المضاد لطريقة تمركز الدفاع "الكتالوني"، لأن السرعة في النهاية تتفوق على الخط المتقدم، ليفوز فريق مويس في النهاية.
المساهمون