دخل أطباء تونسيون، اليوم الخميس، يومهم الثاني من الإضراب العام الذي أطلقوه أمس، للمطالبة بإيجاد آليات تحول دون توقيف العاملين بالطب بسبب مخالفات مهنية، وإصدار قانون ضبط المسؤولية الطبية وحقوق المرضى.
ولم يفلح يوم الإضراب الأول في التأثير على القضاء، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية بقابس، جنوب تونس، أمس، حكماً بحق طبيب وممرض موقوفين، يقضي بسجن الأول لمدة سنة والثاني ستة أشهر، في ما يُعرف بقضية مستشفى قابس، والتي اتهما فيها بالقتل غير المتعمد الناتج عن إهمال وتقصير.
وعبّر الأمين العام لاتحاد أطباء الاختصاص والممارسة الحرة، فوزي الشرفي، لـ"العربي الجديد"، عن صدمة الأطباء من الأحكام الصادرة ضد الطبيب سليم الحمروني والممرض صالح عبد اللاوي بتهمة الإهمال، مبيّناً أن المسار القضائي لم يتخذ شكله الاعتيادي في القضية و"تم الاستماع إلى المتهمين في جلسة واحدة، وإغلاق التحقيقات".
وأوضح الشرفي أن "مثول الزميلين في حالة إيقاف، والاحتكام إلى تقرير الاختبار دون اللجوء إلى الطب الشرعي، هو حيف كبير"، معتبرا أنّ وزارة الصحة قدمت اختبارا يبرئ الطبيب حمروني من تهمة التقصير في عملية نقل الدم التي تسببت في الوفاة "لكن تم تجاهل الاختبار لأن القضاء لم يطلبه".
وأشار إلى أنهم كانوا يأملون أن يحافظ القضاء على استقلاليته بعيدا عن التجاذبات السياسية، ولكن الأحكام الصادرة ستزيد من مناخ انعدام الثقة، "هناك العديد من التساؤلات حول العدالة والقضاء. ما صدر من أحكام سيزيد من شعور الأطباء بالخوف مستقبلا. السلطة التنفيذية والتشريعية تتحملان المسؤولية في ذلك".
وأفاد أمين اتحاد الأطباء بأن "إضراب أمس كان ناجحاً، وخاصة في القطاع الخاص، المتوقع أن يكون التأثير أكثر حدة اليوم. المرضى تفهموا مطالبنا وأسباب الإضراب، خاصة مع تأمين العمل في أقسام الخدمات الاستعجالية والحالات الطارئة".
ويطالب الأطباء بتوفير محاكمات عادلة وعدم محاكمتهم وفق المجلة الجزائية، ويقول الشرفي إنه رغم مساعيهم لتوفير قنوات حوار مع القضاء عن طريق جمعية القضاة، إلا أن "كل المحاولات فشلت".
وتابع أنهم اضطروا إلى قبول مثول زميلهم أمام القاضي إيماناً بالعدالة ونزاهة القضاء، "لكن لم يتم استيفاء شروط المحاكمة العادلة. عملية نقل الدم كانت معقدة، ومثل هذه الحالات صعبة ودقيقة، وبالتالي كان لا بد من الاستناد إلى التقارير الطبية بدلا من تعريض حياة الزميلين المهنية للضياع بسبب الحكم الصادر ضدهما".
وأضاف الشرفي أن وقفة احتجاجية ستعقد صباح اليوم، أمام مقر وزارة الصحة، وستليها جلسة عامة للأطباء للاتفاق على جملة من القرارات التصعيدية، مبينا أنهم سيدافعون بكل صرامة عن مطالبهم، وأنهم مصممون على مواصلة النضال.