أطفال كثيرون في باكستان يعانون من الفقر، خصوصاً في المناطق الريفية بسبب الإهمال الحكومي والفساد، ما يؤدي بهم إلى العمالة والزواج المبكر وغير ذلك. في هذا الإطار، أطلقت الحكومة حملة دعم علها تحمي الأطفال مدة عامين
يواجه الأطفال في باكستان صعوبات كثيرة، من بينها الحرمان من أبسط الحقوق والتهميش من قبل الحكومات المتعاقبة.
لذلك، لقي قرار الحكومة منح راتب شهري للأمهات والأطفال لمدة عامين بعد ولادتهم لتأمين احتياجاتهم الغذائية والأساسية قبولاً واسعاً، علماً أن البعض شكّك في تنفيذ القرار. وكانت قرارات مماثلة قد اتخذت في حالات كثيرة، وباتت مجرّد حبر على ورق.
وتُشير إحدى الإحصائيات إلى أن عدد الأطفال في باكستان يتجاوز 80 مليوناً، ومعظمهم محرومون من أبسط حقوقهم في الحياة. ويعيش 21 في المائة منهم في المناطق الحضرية أو المدن، فيما يعيش البقية في المناطق الريفية. وترتفع نسبة الفقر والعوز في هذه المناطق، علماً أن معظم الأطفال محرومون من حقوقهم في التعليم، والرعاية الصحية، ومياه الشرب النظيفة، وغيرها.
وفي بلد تكثر فيه المشاريع الحكومية وغير الحكومية بهدف تحسين أوضاع الأطفال، يُلاحظ أنهم يتعرضون لمخاطر عدة في حياتهم منذ الصغر. وتُشير بعض الإحصائيات إلى أنّه من بين كل ستة أطفال، يموت طفل واحد قبل الوصول إلى عمر الخامسة. ومعظم تلك الوفيات هي نتيجة سوء التغذية أو فقدان الرعاية الصحية أو المياه الصالحة للشرب، كما يموت يومياً أكثر من طفل نتيجة هذه الأسباب.
وتؤكد تلك الإحصائيات أن 30 في المائة من الأطفال في باكستان يعانون من نقص في الوزن، و50 في المائة منهم يعانون مشاكل في النمو، في ظل غياب الرعاية الصحية، وتحديداً في المناطق الريفية.
في هذا الصدد، تقول الناشطة الباكستانية نوريه خان، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الحديث عن حياة الطفل، وتحديداً حالته الصحية، لأمر مؤلم". وتلفت إلى أن الطفل محروم من أبسط حقوقه، وتحديداً في المناطق الريفية. والأسباب تتمثل في ضعف الأداء الحكومي وتهميش هذه المناطق، والحرمان من التعليم بشكل عام.
تضيف أن الأهل لا يعرفون كيفية تحسين أوضاعهم المعيشية، لكنهم ينجبون الأطفال، ما يعرضهم لمشاكل كثيرة. وتوضح أن الحل الحقيقي يكمن في العمل المنسق بين الحكومة والمؤثرين في المجتمع بهدف نشر الوعي، لأن الحكومة بمفردها لا تستطيع فعل شيء. باكستان بلد فقير وهناك دائماً نقص في الميزانية. لذلك، لا بد أن يأتي التغيير من خلال توعية الشعب، تحديداً من خلال تثقيف الوالدين والمؤثرين في المجتمع.
ويواجه الأطفال مشاكل عدة، خصوصاً في ما يتعلق بالتعليم. وعلى الرغم من التحسّن الملحوظ بشكل عام، إلا أن نحو 23 مليون طفل محرومون من التعليم، بينما 71 في المائة من الأطفال يلتحقون بالتعليم الابتدائي، ما يحرم شريحة كبيرة منهم من التعليم.
والأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى تدهور الواقع التعليمي للطفل تتمثل في تدهور الواقع الاقتصادي، تحديداً في المناطق الريفية، حيث تغيب الخدمات الأساسية في معظم المدارس، كدورات المياه، والمياه الصالحة للشرب، علاوة على تدني مستوى المدرسين التعليمي. ففي ظل الفساد، يتم تعيين أساتذة نتيجة رشاوى، وبالتالي لا يحضر معظمهم إلى المدارس نتيجة لغياب الرقابة الحكومية.
وتشير الناشطة خان إلى أن التغير الأساسي يأتي من خلال التعليم والتثقيف، إذ إن أزمة القطاع التربوي هي أساس المشكلة. لذلك، "علينا أن نبني جيلاً جديداً ومثقفاً يعي ما يفعل من أجل إحداث تغيير على المدى البعيد".
هذا الواقع يجبر الطفل الباكستاني على العمل مبكراً لتأمين احتياجاته واحتياجات أسرته في ظل الفقر، إضافة إلى زواج القاصرات، والزواج بالإكراه في بعض الأحيان نتيجة الأعراف السائدة. وكثيراً ما وعدت الحكومات المتعاقبة بإطلاق مشاريع وتخصيص ميزانيات من أجل تأمين الحماية للأطفال، إلا أن كل تلك المشاريع بقيت حبراً على ورق، وما زال الطفل الباكستاني يعاني من دون أي تغييرات إيجابية في حياته.
من جهته، يقول المعلّم في مدرسة حكومية والناشط الاجتماعي في منطقة أبدره في مدينة بيشاور، فياض الله مؤمن، لـ "العربي الجديد": "كثيراً ما أسمع عن مشاريع جديدة لتحسين حالة الطفل لدى كل حكومة. لكن في الواقع، الأمر لم يتغير. منذ 20 عاماً، وأنا أتابع أي تغير ملحوظ في نظام التعليم الحكومي، والاهتمام بالطفل بشكل يغير حياته. نعم، هناك بعض الإجراءات الروتينية وبعض التحسن في المدن. في المقابل، تعاني المناطق الريفية من المشاكل نفسها، والأطفال محرومون.
في الوقت الحالي، أعلنت حكومة رئيس الوزراء عمران خان إطلاق حملة يتم من خلالها توزيع راتب خاص للطفل والأم منذ الولادة وحتى بلوغه العامين، بهدف تحسين حالة الأم والطفل، الصحية والنفسية.
في هذا الصدد، تقول مستشارة رئيس الوزراء ثانية نشتر: "الكثير من الأطفال يضيعون في بلادنا بسبب سوء التغذية. وتدشن الحكومة حملة لتوزيع رواتب مدة عامين بعد الولادة قدرها 3500 روبية باكستانية (نحو عشرين دولاراً) شهرياً، ألفان للأم، و1500 للطفل، من أجل الحفاظ على صحتهما". ورحبت الناشطة نوريه خان بالحملة شرط تنفيذها بشكل نزيه، آملة ألا تؤدي أية صفقات إلى فشلها.