وقال الرئيس الأفغاني، أشرف غني، في خطاب بمناسبة انطلاق العام الدراسي الجديد قبل أيام: "قررنا بعد نقاش في المجلس الوزاري ومع زعماء الشعب ورموزه أن نسمي العام الجديد بعام التعليم، ليكون محور عملنا في هذا العام، وكي يذهب ملايين الأطفال المحرومين من التعليم إلى المدارس". مضيفا أن حكومته "وضعت خطة متكاملة للعام الدارسي الجديد، وستعلن خلال الأيام القليلة القادمة".
وأشار الرئيس الأفغاني إلى أن "ثمة مشاكل كثيرة في مجال التعليم في أفغانستان، خاصة في المناطق النائية التي تعاني معظمها من حالة أمنية متأزمة. ففي إقليم هلمند وحده أكثر من 50 مدرسة تحولت إلى مراكز أمنية أو مراكز لمسلحين، كونها تقع في مناطق الحرب. إضافة إلى الفساد المستشري في هذا القطاع، حيث ما زالت الكتب المدرسية تباع في الأسواق بينما طلاب المناطق النائية محرومون منها".
ويشير الإعلامي عزيز أحمد تسل، وهو أحد المعنيين بالتعليم في الجنوب الأفغاني، إلى أن "هناك بعض التحسن، ولكن قطاع التعليم مليء بالمشاكل، والوضع الأمني أثر إلى حد كبير على القطاع، علاوة على الفساد المتغلغل، وفقدان الكوادر العلمية، فأغلب المعلمين في المناطق النائية في الجنوب تخرجوا من المدارس نفسها ضعيفة المستوى".
ويضيف تسل: "يعيش المعلمون معاناة أخرى مع الرواتب التي لا تصلهم في أوقات محددة، وهي زهيدة أصلا، ما يدفع أغلبهم إلى ممارسة مهنة أخرى بجانب التدريس، وكثير منهم فلاحون. حتى أن بعض المعلمين يستخدمون طلابهم في أعمالهم الشخصية، فأيام الزراعة والحصاد تعمل أعداد من الطلاب في خدمة أراضي الأساتذة. وفي كثير من الأيام يتغيب الأساتذة عن المدارس لانشغالهم في الحقول أو بأعمالهم الشخصية".
ويقول شفيق الله وزير، وهو أحد المعلمين في منطقة خوجياني، شرق أفغانستان، إن "الكثير من الأساتذة لا يحضرون إلى المدارس إلا فترة وجيزة في الصباح، ثم ينطلقون نحو أعمالهم الأخرى بسبب غياب الرقابة".
وعقدت الحكومة امتحانا شاملا لتعيين مدراء التعليم في الأقاليم، الأمر الذي اعتبره كثيرون خطوة للقضاء على الفساد في القطاع، حيث كانت التعيينات سابقا في الإدارات الإقليمية تتم على أساس العلاقات والرشاوى.
يقول الناشط الاجتماعي عبد الباسط مبارز، إن "الفساد داء أساسي في كل مناحي الحياة في أفغانستان، خاصة في مجال التعليم، وانعقاد امتحان لتعيين مسؤولين خطوة مهمة لأجل القضاء على الفساد وتحسين الحالة السيئة للقطاع. خطة الحكومة لتحسين حالة التعليم قد تكون نافعة، ولكنها لا تكفي لتحسين حالة التعليم في أفغانستان، إذ إن هناك أسبابا كثيرة أخرى تؤثر على تحسن حالة التعليم أو ترديها. إذ كيف يمكن للحكومة أن تفتح المدارس في المناطق النائية التي تعاني من حالة أمنية مزرية".
ويلفت الناشط إلى أن "الأعراف السائدة في جنوب أفغانستان من أهم معوقات التعليم، وبالتالي فإن الحكومة لا تستطيع شيئا إزاءها، خاصة في ما يتعلق بالفتيات، إذ إن الكثير من الآباء لا يسمحون لبناتهم بالذهاب إلى المدارس، وهي معضلة أساسية يحتاج حلها إلى جهود حثيثة، خاصة من علماء الدين ومن الزعامات القبلية".
واتخذت بعض الخطوات في أقاليم الجنوب، ومنها بكتيا، التي عين حاكمها، شميم كتوازي، مستشارين له من زعماء القبائل وعلماء الدين بهدف الوصول إلى المناطق النائية بهدف فتح المدارس التي أغلقت لأسباب مختلفة في الإقليم، وحث القبائل ليس فقط على المساعدة، بل واتخاذ قرارات لتخطي العادات والأعراف التي بموجبها تمنع القبائل الفتيات من التعليم.
يقول أحد زعماء القبائل لـ"العربي الجديد": "نرحب بكل الخطوات التي تتخذها الحكومة لتحسين حالة القبائل، وما نعرفه أن الحكومة بدأت تدرك جذور المعضلة، وهي تعتزم أن تحل تلك المشاكل، فهي لأول مرة تستعين بالزعامات القبلية وعلماء الدين، مدركة أنه الأساس في هذا الخصوص".