تحديات كثيرة تقف في وجه المرأة الأفغانية، منها الحروب التي أرهقت البلاد إضافة إلى الأعراف والتقاليد. على الرغم من ذلك، نجحت نساء كثيرات في تحدّي العراقيل، لا سيما في المناطق الآمنة نسبياً مثل العاصمة كابول والمدن الرئيسية كمدينة جلال آباد في الشرق، وهرات في الغرب، وبلخ في الشمال، حتى إن بعضهن وصلن إلى مناصب سيادية. وبشكل عام، تقود نساء السيارات في بعض المدن، كما نجحت كثيرات في متابعة تعليمهن، متحديات كل العوائق.
سابقاً، لم تكن المرأة تستطيع الخروج إلى السوق والعمل في التجارة بحكم الأعراف والتقاليد السائدة. إلا أن الأمور تغيرت ونجحت في إثبات قدرتها على العمل وإعالة أسرتها، وإثبات جدارتها في المجتمع. في هذا الإطار، تقول الناشطة عابد وهاب لـ "العربي الجديد" إن "الأحوال تغيرت والنساء بتن أكثر جرأة على الخروج إلى السوق والعمل، من دون أن يعني ذلك تجاوز الدين. لكن المعضلة الأساسية تكمن في الوضع الأمني. عدا ذلك، فإن الأعراف والتقاليد تمنع المرأة من الخروج من المنزل والعمل من أجل تأمين لقمة العيش من جهة، وأداء دورها في المجتمع من جهة أخرى. اليوم، هناك فنادق تديرها نساء. كما أنّ بعضهن يقدن سيارات أجرة، فيما أنشأت أخريات مؤسسات تجارية".
حضور النساء في المجتمع يقتصر على المدن الرئيسية. أما المناطق النائية والريفية، خصوصاً تلك الواقعة تحت سيطرة حركة "طالبان"، فلم يتغيّر حالها كثيراً، باستثناء السماح للفتيات بالتعليم وللمرأة بالذهاب إلى العيادات والمستشفيات. ولا يرتبط الأمر بسطوة طالبان فقط، بل أيضاً بالتقاليد التي ما زالت متجذرة في هذه المناطق.
إلا أن التطور في مجال التجارة الذي أحرزته المرأة الأفغانية اصطدم بجائحة كورونا وما تبعها من أضرار، في ظل عدم وجود أي دعم لها، سواء من قبل الحكومة أو المجتمع المدني، على الرغم من أن الحكومة وعدت بأن تفعل ما في وسعها وقد باتت فخورة بما قدمته المرأة لمجتمعها خلال الأعوام الماضية، على حد قولها.
في منطقة سليم كاروان، وتحديداً في الشارع الرئيسي، فتحت نساء ثلاثة مطاعم تعتمد على طهي الأطعمة الأفغانية المنزلية. وكان هناك أماكن لجلوس الرجال على أن يقدم أطفال الطعام لهم، أو يوصل البعض الطعام إلى المنازل. إلا أن فرض القيود على الحركة في أفغانستان أدى إلى توقف أعمالهن.
واضطرت صاحبة أحد المطاعم إلى إغلاق مشروعها، بينما اضطرت أخرى إلى ترك محلها بسبب عدم قدرتها على تأمين بدل الإيجار. وبقي الثالث الذي كان مبيعه جيداً خلال شهر رمضان الماضي، قبل أن يتراجع. تقول صاحبة المطعم نورزيه لـ"العربي الجديد": "نحن أيضاً على وشك الإقفال، وإن كان رفع القيود مفيداً بعض الشيء. معظم زبائننا من المارة، وكانوا يجلسون في مكان خاص لهم. أما الآن، فلا نستطيع أن نفتح القسم المخصص لجلوس الزبائن بحكم قيود الحكومة، ونادراً ما يأتي الناس ويأخذون الطعام إلى منازلهم".
وتؤكّد نورزيه أن الوجبات التي تقدمها خفيفة ورخيصة والربح قليل. وكلما زاد عدد الزبائن، كان الربح أكبر. أما الآن، فليس هناك عدد كافٍ من الزبائن، فيما يطالب صاحب المحل ببدل الإيجار. وتوضح أن أربع نساء كن يعملن معها، لكنهن عاطلات عن العمل منذ فترة، علماً أنهن أرامل أو فتيات يحتجن إلى العمل من أجل تأمين لقمة العيش لأسرهن.
وهذا حال العاملات في التجارة في الأقاليم، بل يكاد يكون أكثر سوءاً. ففي إقليم باميان، تعاني النساء اللواتي يعملن في تجارة السجاد بسبب تراجع العمل.
إلى ذلك، تقول المسؤولة في إدارة بيع وتجارة الصناعات اليدوية عذرا علي، والتي تبيع السجاد في سوق أرجه بمدينة باميان، في بيان، إن عملها توقّف بسبب جائحة كورونا، موضحة أن النساء العاملات كن يجمعن الصناعات اليدوية من السجاد والملابس المطرزة ويبعنها في فصلي الربيع والصيف، خصوصاً للسياح الذي يأتون إلى باميان. إلا أن الجائحة أدت إلى تعليق السفر ما أثر على عملهن، علماً أنهن ما زلن يدفعن بدل الإيجار. على الرغم من ذلك، باتت تعمل على تدريب نساء على العمل في مجال التجارة وتثقيفهن، من دون أي مردود مالي، علماً أنها تحتاج إلى تأمين المال لعائلتها المكونة من ثمانية أشخاص.
بدورها، تقول سليمه صادقي التي تعمل في المجال نفسه إنها في وضع سيئ بعدما قضى كورونا على موسم السياحة، مشيرة إلى أنها طلبت الدعم من الحكومة من دون أي استجابة. ورداً على مطالب النساء العاملات في مجال التجارة في إقليم باميان، يقول مسؤول غرفة التجارة في الإقليم علي رضا حسن زاده، إن الحكومة تعمل جاهدة من أجل مساعدة هؤلاء النساء، وقد تواصلت الحكومة المحلية مع عدد من المؤسسات الدولية، من دون أي استجابة حتى الآن.