انضمت صور أطنان الأسماك النهرية النافقة إلى مشهد التلوث المزمن في بحيرة القرعون الاصطناعية في محافظة البقاع، شرق لبنان. الرائحة في محيط البحيرة مزعجة جداً، ولون المياه فيها يميل إلى الزيتي. ولا ينحصر التلوث في البحيرة وحدها فقط، بل يمتد من منبع نهر الليطاني، الذي يغذي القرعون، في البقاع، وصولاً إلى مصبّه على شاطئ بلدة القاسمية الجنوبية بطول 170 كيلومتراً.
بحسب إحصاءات "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني"، وهي مؤسسة عامة تتولى إدارة المشاريع المتعلقة بالنهر، يحتل حوض الليطاني نحو 20 في المائة من مساحة لبنان، يقع 80 في المائة منها في سهل البقاع و20 في المائة في لبنان الجنوبي. ويبلغ متوسط هبوط الأمطار في حوض النهر 700 مليمتر في السنة، أي نحو 764 مليون متر مكعب، تتوزع على عدة سدود. تشكل حصة بحيرة القرعون الأكبر من بينها، بمعدل 543 مليون متر مكعب. وتشكل مياه الليطاني نحو 40 في المائة من مجموع كمية المياه الجارية في الأنهر الداخلية.
يؤكد رئيس مصلحة الليطاني، المهندس عادل حوماني، أنّ التلوث في البحيرة "يشكل جزءاً فقط من أزمة التلوث الكبرى التي تصيب كلّ النهر بسبب انتشار المعامل الصناعية والمرامل على ضفتيه، إضافة إلى تحويل مجاري مياه الصرف الصحي إلى النهر". ويشير حوماني، في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى "استمرار المشكلة طوال أيام السنة، لكنّ المفارقة أنّ مجرى النهر يتحول إلى قناة صرف صحي مع توقف معظم الينابيع عن تغذيته بالمياه، مع استمرار جريان مياه الصرف الصحي فيه". وتساهم عشرات السدود الصغيرة جداً "التي يبنيها المزارعون على ضفتي النهر لري مزروعاتهم، في تكدس الرواسب الصناعية في المجرى".
يصف رئيس المصلحة "مشروع قانون حوض الليطاني" بـ"المنقذ" لحوض النهر. يهدف المشروع إلى ري المناطق الجنوبية على ارتفاع 800 متر عن سطح البحر من مياه النهر، عبر قنوات ري. ويلحظ "إقرار مبلغ 880 مليون دولار أميركي لإقامة شبكات الري وتنظيف مجرى النهر والبحيرة وحمايتها من التلوث" بحسب حوماني. لكنّ تعطيل مجلس النواب (البرلمان) اللبناني ومعه مجلس الوزراء نتيجة الخلافات السياسية، يمنع إقرار المشروع الذي رفعته اللجان النيابية المشتركة إلى الأمانة العامة للبرلمان عام 2012. كما يشير حوماني إلى أنّ تعطيل البرلمان أدى إلى "تأخير إقرار قبول مبلغ 55 مليون دولار من البنك الدولي لتنظيف بحيرة القرعون وإنشاء شبكة مجار للصرف الصحي في عدد من البلديات التي تتخلص من المياه العادمة عبر رميها في مجرى النهر".
في هذا الإطار، أعلن وزير الداخلية، نهاد المشنوق، عن تشكيل لجنة رسمية من الوزارات والإدارات المعنية، لمتابعة ملف نهر الليطاني الذي يحظى باهتمام ودعم سياسي من رئيس البرلمان، نبيه بري.
اقــرأ أيضاً
من جهتها، تشير مصادر رسمية متابعة لملف النهر إلى أنّ "الوساطات السياسية تحمي عشرات المصانع والمرامل التي تعمل بصورة غير شرعية وترمي نفاياتها في النهر مباشرة. هذا إلى جانب عدم وجود موازنات كافية لفرض الوزارات المعنية كالزراعة والصناعة والصحة، مراقبة حوض النهر ونسب المبيدات التي تستخدم في الزراعة وتتسرب إلى المياه الجوفية، أو التزام المصانع بتركيب الأجهزة اللازمة لتصفية المخلفات الصناعية وعدم رميها في النهر، أو حتى منع بعض المستشفيات من التخلص من النفايات الطبية في النهر".
تشكل وجبة السمك النهري في بحيرة القرعون خياراً رخيصاً لعشرات العمال واللاجئين الذين يفضلونها على تناول اللحوم أو الدجاج، بالرغم من معرفتهم بتلوث المياه في البحيرة والنهر الذي يغذيها. وإن كانت الطبيعة الجغرافية لليطاني تفترض أنه يشكل ثروة مائية للبنانيين، إلا أنّ الواقع معاكس لذلك تماماً بسبب التلوث المركب الذي يعاني منه. ولا يشكل تدني أسعار الأسماك في القرعون سوى مؤشر بسيط على حجم الخسائر الاقتصادية التي تضرب البلدات الواقعة قرب النهر من منبعه وحتى المصب. يستفيد المواطنون اللبنانيون في هذه البلدات من مياه النهر لتربية الأسماك النهرية وبيعها، وريّ المزروعات، وتأمين مياه الشرب للدواجن والمواشي، كما يقيم عشرات الجنوبيين متنزهات نهرية على ضفاف الليطاني خلال موسم الصيف.
يشير الخبير البيئي رجا نجيم إلى "تعدد المخاطر البيئية والصحية التي يسببها تلوث النهر للإنسان والحيوانات والنباتات". منها "إفرازات سامة تصيب الجهاز الهضمي بالأمراض والسرطانات، والأوجاع العضلية، والالتهابات والحساسية الجسدية والتنفسية". يؤكد نجيم لـ"العربي الجديد" أنّ "الحكومة اللبنانية تتجاهل هذه الوقائع العلمية المثبتة بدراسات للتسويق لمشروع ممول دولياً لجر المياه من الليطاني إلى بيروت للاستخدام المنزلي بدعوى أنّها صالحة للاستهلاك".
يشار إلى أنّ تلوث نهر الليطاني ضرب قطاع السياحة النهرية في الجنوب بشكل شبه كامل. لكنّ رئيس بلدية زوطر الغربية، حسن عز الدين، يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "إنقاذ مساحات واسعة من النهر في الجنوب ما زال ممكناً. وبالفعل، أدى إغلاق عدد من المرامل غير الشرعية إلى تراجع نسبة التلوث في مناطق المرامل من 61 في المائة إلى 37 في المائة، وهي نتيجة مبشرة".
اقــرأ أيضاً
بحسب إحصاءات "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني"، وهي مؤسسة عامة تتولى إدارة المشاريع المتعلقة بالنهر، يحتل حوض الليطاني نحو 20 في المائة من مساحة لبنان، يقع 80 في المائة منها في سهل البقاع و20 في المائة في لبنان الجنوبي. ويبلغ متوسط هبوط الأمطار في حوض النهر 700 مليمتر في السنة، أي نحو 764 مليون متر مكعب، تتوزع على عدة سدود. تشكل حصة بحيرة القرعون الأكبر من بينها، بمعدل 543 مليون متر مكعب. وتشكل مياه الليطاني نحو 40 في المائة من مجموع كمية المياه الجارية في الأنهر الداخلية.
يؤكد رئيس مصلحة الليطاني، المهندس عادل حوماني، أنّ التلوث في البحيرة "يشكل جزءاً فقط من أزمة التلوث الكبرى التي تصيب كلّ النهر بسبب انتشار المعامل الصناعية والمرامل على ضفتيه، إضافة إلى تحويل مجاري مياه الصرف الصحي إلى النهر". ويشير حوماني، في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى "استمرار المشكلة طوال أيام السنة، لكنّ المفارقة أنّ مجرى النهر يتحول إلى قناة صرف صحي مع توقف معظم الينابيع عن تغذيته بالمياه، مع استمرار جريان مياه الصرف الصحي فيه". وتساهم عشرات السدود الصغيرة جداً "التي يبنيها المزارعون على ضفتي النهر لري مزروعاتهم، في تكدس الرواسب الصناعية في المجرى".
يصف رئيس المصلحة "مشروع قانون حوض الليطاني" بـ"المنقذ" لحوض النهر. يهدف المشروع إلى ري المناطق الجنوبية على ارتفاع 800 متر عن سطح البحر من مياه النهر، عبر قنوات ري. ويلحظ "إقرار مبلغ 880 مليون دولار أميركي لإقامة شبكات الري وتنظيف مجرى النهر والبحيرة وحمايتها من التلوث" بحسب حوماني. لكنّ تعطيل مجلس النواب (البرلمان) اللبناني ومعه مجلس الوزراء نتيجة الخلافات السياسية، يمنع إقرار المشروع الذي رفعته اللجان النيابية المشتركة إلى الأمانة العامة للبرلمان عام 2012. كما يشير حوماني إلى أنّ تعطيل البرلمان أدى إلى "تأخير إقرار قبول مبلغ 55 مليون دولار من البنك الدولي لتنظيف بحيرة القرعون وإنشاء شبكة مجار للصرف الصحي في عدد من البلديات التي تتخلص من المياه العادمة عبر رميها في مجرى النهر".
في هذا الإطار، أعلن وزير الداخلية، نهاد المشنوق، عن تشكيل لجنة رسمية من الوزارات والإدارات المعنية، لمتابعة ملف نهر الليطاني الذي يحظى باهتمام ودعم سياسي من رئيس البرلمان، نبيه بري.
من جهتها، تشير مصادر رسمية متابعة لملف النهر إلى أنّ "الوساطات السياسية تحمي عشرات المصانع والمرامل التي تعمل بصورة غير شرعية وترمي نفاياتها في النهر مباشرة. هذا إلى جانب عدم وجود موازنات كافية لفرض الوزارات المعنية كالزراعة والصناعة والصحة، مراقبة حوض النهر ونسب المبيدات التي تستخدم في الزراعة وتتسرب إلى المياه الجوفية، أو التزام المصانع بتركيب الأجهزة اللازمة لتصفية المخلفات الصناعية وعدم رميها في النهر، أو حتى منع بعض المستشفيات من التخلص من النفايات الطبية في النهر".
تشكل وجبة السمك النهري في بحيرة القرعون خياراً رخيصاً لعشرات العمال واللاجئين الذين يفضلونها على تناول اللحوم أو الدجاج، بالرغم من معرفتهم بتلوث المياه في البحيرة والنهر الذي يغذيها. وإن كانت الطبيعة الجغرافية لليطاني تفترض أنه يشكل ثروة مائية للبنانيين، إلا أنّ الواقع معاكس لذلك تماماً بسبب التلوث المركب الذي يعاني منه. ولا يشكل تدني أسعار الأسماك في القرعون سوى مؤشر بسيط على حجم الخسائر الاقتصادية التي تضرب البلدات الواقعة قرب النهر من منبعه وحتى المصب. يستفيد المواطنون اللبنانيون في هذه البلدات من مياه النهر لتربية الأسماك النهرية وبيعها، وريّ المزروعات، وتأمين مياه الشرب للدواجن والمواشي، كما يقيم عشرات الجنوبيين متنزهات نهرية على ضفاف الليطاني خلال موسم الصيف.
يشير الخبير البيئي رجا نجيم إلى "تعدد المخاطر البيئية والصحية التي يسببها تلوث النهر للإنسان والحيوانات والنباتات". منها "إفرازات سامة تصيب الجهاز الهضمي بالأمراض والسرطانات، والأوجاع العضلية، والالتهابات والحساسية الجسدية والتنفسية". يؤكد نجيم لـ"العربي الجديد" أنّ "الحكومة اللبنانية تتجاهل هذه الوقائع العلمية المثبتة بدراسات للتسويق لمشروع ممول دولياً لجر المياه من الليطاني إلى بيروت للاستخدام المنزلي بدعوى أنّها صالحة للاستهلاك".
يشار إلى أنّ تلوث نهر الليطاني ضرب قطاع السياحة النهرية في الجنوب بشكل شبه كامل. لكنّ رئيس بلدية زوطر الغربية، حسن عز الدين، يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "إنقاذ مساحات واسعة من النهر في الجنوب ما زال ممكناً. وبالفعل، أدى إغلاق عدد من المرامل غير الشرعية إلى تراجع نسبة التلوث في مناطق المرامل من 61 في المائة إلى 37 في المائة، وهي نتيجة مبشرة".