أيدت هيئة التحكيم الاتحادية في حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي، أمس السبت، قرار المجلس التنفيذي القاضي بإلغاء عضوية كالبيتز، ممثل "مجموعة الجناح" الأكثر تطرفاً، من صفوف الحزب. وجاء القرار ليزيد الانقسامات داخل الحزب، ويعزز الصراع على السلطة بين قياداته والمعسكرات المختلفة في صفوفه.
وعللت الهيئة، المؤلفة من تسعة أعضاء بعد اجتماع عقدته في شتوتغارت، قرارها القاضي بإلغاء عضوية اندرياس كالبيتز، رئيس الكتلة البرلمانية للحزب في ولاية براندنبورغ، بأن الأخير أخفى عضويته السابقة في منظمة "شباب ألماني مخلص للوطن" المتطرفة والمحظورة حالياً عند انضمامه إلى الحزب قبل سبع سنوات. وذكرت الهيئة أن هذه العضوية كانت ستشكل مانعاً أساسياً لقبول انتساب كالبيتز لصفوف الحزب.
وفي تعليقه على القرار شكّك كالبيتز في قانونية الحكم وصحته، وأعرب في حديث له مع شبكة أيه آر دي الإخبارية، عن أسفه لكون الاعتبارات السياسية كان لها الأسبقية في حالته، آملاً بالإنصاف عند التقاضي القادم أمام المحكمة المدنية في برلين.
في المقابل، اعتبر الزعيم المشارك للحزب يورغ مويتن وعرّاب فكرة الاستبعاد والمعارض الشرس لكالبيتز و"مجموعة الجناح"؛ أن موقفه من كالبيتز لا يزال نفسه، وهو أنه يميني متطرف، وأضاف: "أعتقد أن القرار فيه إشارة واضحة للغاية بأنه لا يمكن أن يكون له مكان داخل حزب البديل". وبدوره اعتبر عضو الحزب في البوندستاغ رولاند هارتفيغ، أن إجراء الاستبعاد قد يشكل زلزالاً داخل البديل، ويتسبب بصراع كبير على السلطة في صفوفه، دون أن يستبعد إمكانية حدوث مواجهات بين المجموعات داخل الحزب.
أخفى كالبيتز عضويته السابقة في منظمة "شباب ألماني مخلص للوطن" المتطرفة والمحظورة
ونبّهت شبكة أيه آر دي الإخبارية أن هناك اشتباهاً لدى المراقبين بوجود استراتيجية وراء قرار إلغاء العضوية تهدف إلى منع وضع الحزب كله تحت المراقبة العاجلة من قبل مكتب حماية الدستور، وقد نبّهت أستاذة العلوم السياسية سابين كروب في جامعة برلين الحرة إلى الأمر نفسه، موضحة أن مويتن يحاول إضعاف ممثل بارز لما يسمى "مجموعة الجناح" في الحزب، وهذا مهم بالنسبة للحزب بأكمله، ولكن هذه الخطوة تبقى محدودة التأثير طالما بقي هناك ممثلون بارزون آخرون في صفوفه مثل بيورن هوكه الصديق المقرب من كالبيتز. ونبهت إلى أنه من شأن قرار الاستبعاد أن يُضعف الحزب وبالأخص خلال انتخابات البوندستاغ القادمة، وأشارت إلى أن جمعيات الحزب في الولايات الشرقية على وجه الخصوص لن تستسلم بسرعة للواقع المستجد، وأن هناك الكثير من احتمالات وقوع نزاعات وصراعات الداخلية بين الهياكل الحزبية للبديل، والتي قد تطول حتى موعد الانتخابات العامة العام المقبل. كما رأى الكاتب السياسي ألفرد شميت أن القرار قد يشكل وللوهلة الأولى انتصاراً لمويتن، لكن التكلفة ستكون كبيرة على الحزب مع تشكّل معسكرات قد ترتّب آثاراً وعقبات أخرى من شأنها أن تتسبب بهزيمة مويتن وأتباعه، ومن ذلك تقسيم الحزب إذا ما اتخذت شخصيات أساسية قراراً بالانسحاب من صفوفه، وسط الصراع القائم حالياً بين نهج مويتن الزعيم المشارك للبديل الذي يسعى لصد القوى اليمينية المتطرفة في الحزب، وبين القيادي البارز والرئيس المشارك الثاني للحزب ألكسندر غاولاند، واليس فايدل رئيسة الكتلة البرلمانية للحزب، الذين عبروا عن رفضهم طرد كالبيتز.
ويبقى السؤال الأهم، إلى أي مدى يريد الحزب أن يوجّه نفسه نحو اليمين؟ وكيف يريد أن يتطور سياسياً؟ وهل ستدفع التطورات الحالية والقادمة بمويتن لتأسيس حزب البديل الديمقراطي، كحزب يميني محافظ قد يحظى بأمل في المشاركة في الحكم، بعد أن أدرك مويتن في وقت متأخر أنه وأقرانه من الذين لا ينتمون إلى المعسكر المتطرف داخل البديل، ليس لديهم فرصة ضد الجناح اليميني إذا سمحوا لهم بالسيطرة على مفاصل الحزب؟ أم أن قرار مكتب حماية الدستور فرض رقابة على الجناح اليميني المتطرف داخل البديل سيعزز موقفه؟
يُذكر أن هيئات التحكيم الداخلية في الأحزاب الألمانية، تُعتبر إلزامية بموجب قانون الأحزاب السياسية في ألمانيا، وعادة ما تتشكل من كبار صناع القرار في صفوف الأحزاب، ولا يتعين على أعضائها أن يكونوا من المحامين ولكن أغالب أعضائها من القانونيين عادة، وتكون مداولاتها سرية. ويمكن مقارنة عمل هذه الهيئات بالمحاكم المدنية العادية، وتستند في الكثير من قراراتها إلى قانون المحاكمات المدنية الذي يرتكز على الأخذ بالأدلة والإثباتات واستجواب الشهود والاستماع إلى الشخص المعني. وفي أغلب الأحزاب تكون هذه الهيئات موجودة على مستوى الولايات وعلى المستوى الاتحادي، وغالباً ما يكون دورها مناقشة قضايا استبعاد أفراد من الحزب.