مع إعلان بروكسل، أمس الثلاثاء، عن التوافقات على المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي، خيم الامتعاض على الساحة السياسية الألمانية حول طريقة إدارة الأمور بين قادة الدول الأوروبية ورؤساء حكوماتها نظرا لعدم الاهتمام بـ"نموذج المرشح الأعلى".
النموذج سابق الذكر تم تقديمه في عام 2014، ويبدو أنه تم دفنه أمس، الأمر الذي تسبب أيضا بإحباط لدى أعضاء حزب الشعب الأوروبي المحافظ مع فشلهم في إيصال مرشحهم مانفريد ويبر، الذي يمثل الكتلة الأكبر في البرلمان الأوروبي الى رئاسة المفوضية، ما اعتبر أنه محاولة فرض على الناخبين الاوروبيين مرشحا بعيدا عن إرادتهم، وهنا يتضح مدى خطورة ذلك.
اعتبر ترشيح وزيرة الدفاع الألمانية فون دير لين لرئاسة المفوضية الأوروبية مفاجأة كبيرة وغير متوقعة بعد أسابيع من الصراع على المناصب في بروكسل، وفي هذا الإطار عبرت الأحزاب الألمانية عن رفضها للاجتماعات والتركيبات داخل الغرف المغلقة، رغم أن فون دير لين امرأة ألمانية وستعيد المنصب إلى البلاد بعد 52 عاما.
الزعيم السابق للائتلاف الاشتراكي مارتن شولتز قال لـ"دير شبيغل" وبكلام حاد، إن فون دير لين هي أضعف وزيرة في الحكومة الاتحادية الألمانية، أما السياسي عن حزب الخضر سفين غيغولد فانتقد ترشيحها بالقول، إنها لم تكن مرشحة مثلى للانتخابات الأوروبية ولا تزال هناك لجنة تحقق في أداء عملها، وما إذا كانت قد منحت عقودا لخدمات استشارية بشكل صحيح، أوروبا تستحق أفضل، على حد قوله.
أما زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي في بافاريا ماركوس سودر، والذي ينتمي إليه مرشح حزب الشعب الأوروبي ويبر، فاعتبر في حديث مع وكالة الأنباء الألمانية أن ما حصل يشكل هزيمة للديمقراطية في أوروبا، وأن ويبر هو الرئيس الشرعي للمفوضية، ومن المرير أن الديمقراطية فقدت وفازت اجتماعات الغرف الخلفية، مضيفا "بالطبع من الجيد لألمانيا أن تتمكن من استعادة رئاسة المفوضية الأوروبية بعد عقود"، وموضحا "إننا نقبل القرارات بدافع المسؤولية عن البلد وأوروبا، لكننا لا نستطيع أن نعبر عن سعادتنا اليوم بتحقيق نقطة لألمانيا ولكنها هزيمة لأوروبا".
وأبرزت "شبيغل أون لاين"، تعليقات أعضاء في حزب الشعب الأوروبي، بينها أن فون دير لين لن تكون أفضل حالا في استراسبورغ، في إشارة الى عدم الرضا عن أدائها في وزارة الدفاع الألمانية، وإذا ما ترشحت للانتخابات غدا فلن يكون لها أدنى فرصة بالنجاح، وطرحت شبيغل بعض التساؤلات بينها، هل السياسي الذي يواجه صعوبات واضحة في قيادة وزارة الدفاع قادرعلى إخراج الاتحاد الأوروبي من أزمته؟
في المقابل اعتبر عدد من المحلليين أن فون دير لين ليست غريبة عن الاتحاد الأوروبي والناتو.
أوروبياً، نقلت "رويترز" ما قالت إنه رضا الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون عن التوصل الى اتفاق بين جميع الأطراف في الاتحاد، لافتا الى أن الترشيحات كانت "ايجابية وودية" وتعني بداية جديدة، والإجماع هو نتيجة للتحالف الفرنسي - الألماني، وبنظر الفرنسيين فإن انتخابها قد يشكل دفعة الى الأمام لتعزيز تعاون عسكري أوثق في الاتحاد الأوروبي.
أما بالنسبة لويبر، فإن هناك حديثا يتداول عن توجه مستقبلي يقضي بانتخابه مع حلول نصف المدة البرلمانية الثانية، أي بعد عامين ونصف العام لرئاسة البرلمان الأوروبي، فيما يبدو وكأن هناك توافقاً على التناوب بين المحافظين والاشتراكيين على مدى الخمس سنوات المقبلة في استراسبورغ.
المفارقة كانت في اتفاق 27 دولة أوروبية على اسم فون دير لين وامتناع المستشارة الألمانية ميركل عن تأييد زميلتها المقربة في الحزب المسيحي الديمقراطي، لأن الحزب الاشتراكي الشريك في الائتلاف الحاكم الذي تقوده المستشارة لم يوافق على تسمية الوزيرة لهذا المنصب الأوروبي.