وصوّت البرلمان الألماني على قانون اقترحته الحكومة الفيدرالية منذ يوليو/ تموز 2018، بدعم من وزير الداخلية هورست زيهوفر، في إطار حملة على الهجرة بعد تحول سياسي في ألمانيا بتفوق اليمين.
ويصنّف هذا القانون تونس والمغرب والجزائر، إضافة إلى جورجيا ''بلداناً آمنة''، وحظي بموافقة 509 نواب، فيما صوّت ضده 138 عضواً آخرين، وتحفظ أربعة أعضاء عن التصويت. ويسمح هذا القانون لسلطات الهجرة في ألمانيا برفض شبه تلقائي لطلبات لجوء رعايا هذه الدول دون تبرير الرفض، وكذلك تسريع عمليات ترحيل من رفضت طلبات لجوئهم، لاعتبار أن تونس والدول الثلاث الأخرى هي بلدان آمنة، ولا توجد بها ملاحقة سياسية أو ممارسات أو عقوبات غير إنسانية أو مهينة.
وأكد النائب عن الجالية التونسية بالخارج، وعضو اللجنة الدائمة لشؤون الأمم المتحدة بالاتحاد البرلماني الدولي محمد بن صوف لـ"العربي الجديد"، أنّ السلطات التونسية تجمعها اتفاقيات دولية مع السلطات الألمانية وعدد من الدول الأوروبية، في ما يتعلق بملف الهجرة غير النظامية، ويتم إعادة أعداد من المهاجرين غير الشرعيين بشكل دوري إلى الأراضي التونسية.
ولفت إلى أن ألمانيا أعادت إلى تونس عام 2016 قرابة 116 مهاجراً تونسياً وأكثر من 1100 مهاجر عام 2017، فيما بلغ عدد العائدين عام 2018 قرابة 550 مهاجراً غير شرعي، وهذه العمليات تتم في إطار الاتفاق المبرم بين البلدين.
وبيّن بن صوف أنّ العلاقات التونسية الألمانية متميزة، وبرلين تدعم تونس في هذا المجال وبدورها تونس تحترم جميع الاتفاقيات الثنائية.
وحول مصادقة البندستاغ على تصنيف تونس من بين البلدان الآمنة، أوضح بن صوف أنّ هذا القانون لن يدخل حيز التنفيذ قبل الموافقة عليه من مجلس الولايات، إذ يحتاج الإجراء إلى موافقة هذا المجلس (المجلس الأعلى للبرلمان).
وأضاف بن صوف، أنه "يجب الأخذ بالاعتبار الجانب الآخر من إقرار ألمانيا تونس بلداً آمناً وتداعياته الإيجابية على صورة البلاد، لاعتبار تحسن الوضع الأمني وغياب الانتهاكات الحقوقية، وتوفر شروط المحاكمة العادلة، وتطور مؤشر الديمقراطية، وهو ما يخدم صورة البلاد على المستوى الاقتصادي والسياحي، إلى جانب تحسين مناخ الاستثمار".
وتعارض جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، إدراج دول المغرب العربي على قائمة "الدول الآمنة"، بسبب تواصل الانتهاكات فيها من خلال ما يتم تسجيله من تضييق ومسّ بالحريات الفردية، وحالات التعذيب والتمييز الذي يستهدف المثليين وبالخصوص في المغرب والجزائر، بدرجات أكثر من تونس التي تشير هذه الجمعيات إلى تحسن مؤشرات احترام الحقوق والحريات فيها، غير أنها لا تبرر لألمانيا أن ترى في هذه الدول ملاذاً وملجأً من المضايقات والانتهاكات لتمنع طلبات اللجوء.
من جانبه، عبّر حزب الخضر الألماني المعارض عن نياته عرقلة هذا المشروع الذي يقوده اليمين الصاعد في ألمانيا، بدعم من وزير الداخلية زيهوفر الذي يبحث عن تكريس سلسلة من إجراءات تشديد سياسة اللجوء الألمانية.
وما زالت ميركل تعاني تبعات الفضيحة التي تناقلتها وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية الألمانية، بعد طرد وترحيل تونسي قالت الحكومة إنه كان مرافقاً شخصياً لأسامة بن لادن، بالرغم من رفض القضاء الألماني لذلك لتحاول السلطات الألمانية استعادته، لكن طلبها قوبل برفض من تونس.
ويمثل هذا القانون المحاولة الثانية للسلطات الألمانية، بعد مشروع قانون أول رفضه عام 2017 مجلس الشيوخ الألماني، لعدم حيازته غالبية مريحة بسبب معارضة حزبي الخضر واليسار الراديكالي، لتشرع حكومة ميركل من جديد في سياسة تطهير ألمانيا من اللاجئين وغلقها في وجه الوافدين الجدد من المغرب العربي.
ووعدت ميركل أنصارها في الحزبين الحاكمين، الديمقراطي المسيحي والحزب الاجتماعي المسيحي البافاري، بإيقاف تدفق الوافدين التونسيين والجزائريين والمغاربة، بعد تدحرج شعبيتها داخل ائتلاف الحكم بسبب تدفق آلاف اللاجئين من بؤر التوتر والقتال.