أليس من انتصارات أخرى؟

28 مايو 2015
+ الخط -
أجلس أمام التلفزيون، فلا أجد إلا صورة التأميم المكررة، أو رفع العلم المحفوظة، وأتمني أن لا يتبادر إلى ذهنك أبداً أنني أقلل من شأن تلك اللحظات، بل إنها لحظات كنت أتمني لو عشتها بنفسي، لكن سؤالي: هل توجد لدينا إنجازات أخرى؟ هل لا يوجد سعد زغلول أو مصطفي النحاس أو طلعت حرب أو الشعراوي أو عبد الحليم محمود أو أحمد زويل أو مجدي يعقوب أو فاروق الباز، تلك الأسماء التي بات القديم منها أن يصبح خارج نطاق الذاكرة. لماذا دائما نخفي، بقصد أو بدونه، سجلات الانتصارات المدنية، لماذا تحولنا إلى دولة الجيش، ونسينا أنه جيش الدولة؟
أليس ذلك كله بسبب مجموعة من القادة العسكريين الذين تجري السلطة في عقولهم مجرى الدم من العقول ليس تجاه فرد، لكنه تجاه مؤسسة تؤمن بأن السلطة لا تصلح أن تكون في أيدي غيرهم
لذلك، لا يألون جهدا في تلميع صورتهم العسكرية، وإظهار أنفسهم في أنهم أناس لا يعرفون الخطأ أو الهزيمة، لا ينسون ولا يحبون ولا يسرقون، بل إنهم بشر غير هذا البشر، هم بشر خارقون للعادة. تلك الصورة التي يثبت خطأها ما حدث لمصر من ويلات، منذ حكموا البلاد، بل من المؤكد أنه كان لهذه الويلات أثر أو تأثير كبير في ويلات الدول العربية المجاورة.
لكنهم لم يكتفوا بتلميع صورتهم، للحفاظ على الحكم، بل تخطوا ذلك إلى تشويه صورة أضدادهم من المدنيين، ليكون أوثق في تثبيت صورة (البلد دي مينفعهاش إلا واحد عسكري)، ولا أخفي عنك أن هذه الكلمة قد تكون كفيلة لفوران الدم في عروقي عند سماعها من كثيرين، وكأن من حكمنا قبل ذلك كان مدنياً، أو كأن ما حدث من ويلات كان بسبب حكم مدني، أو أن البلاد نعمت بالخير الوفير في ظل الحكم العسكري.
ودعني أسألك سؤالا عندما يأتي هذا النوع من الحكام المناسبين للبلاد بتلك الكوارث، فما بال الحكام غير المناسبين للبلاد. هل هناك أسوأ من هذا الحال الذي عليه مصر الآن؟
ومن لم يستطيعوا تشويهه فقد أخفوا ذاكره في الحاضر أو الماضي، حتى تظل هذه الصورة قائمة في أذهان أغلب عقول هذا الشعب البسيط الذي كان المتضرر الأكبر من هذا الوضع.
لكني أيضاً أسأل سؤالاً كيف استسلم المدنيون لهذا الوضع، منذ بدايته، مرورا بكل تلك المحطات، ومتى ستكون نهايته وإلى أن تجد جوابا لهذه الأسئلة، أدعو الله معي عسى أن يكون الخلاص من هذا الحكم قريباً.

C6A0B2C1-8523-4E0C-9CC1-42AE7D15CCE6
C6A0B2C1-8523-4E0C-9CC1-42AE7D15CCE6
أحمد نصر (مصر)
أحمد نصر (مصر)