فتحت قضية خسائر المؤسسة الليبية للاستثمار (الصندوق السيادي) لدى مصرفين غربيين والبالغة 2.1 مليار دولار عبر ليالي حمراء، ملف نهب وإهدار الأموال الليبية المتواصل على مدار 11 عاماً، حيث كشف مسؤولون ليبيون لـ "العربي الجديد" عن القصة الكاملة وتفاصيل جديدة حول فساد الصندوق الذي تأسس في 2005 في عهد معمر القذافي الذي أطاحت به الثورة في عام 2011، وحتى الصراع المحموم بين الأطراف المختلفة على ما تبقى من الغنيمة.
وفي هذا السياق، وصف مدير المؤسسة الليبية السابق للاستثمار، محسن دريحة، ما حدث بمعظم فترات المؤسسة بلعب الميسر أو القمار، حيث تم التلاعب بأموال الليبيين وإهدار جزء كبير منها.
وكشف المدير السابق للمؤسسة، لـ"العربي الجديد"، أن هناك معارضة حصلت من قبل مسؤولين داخل المؤسسة نظير فتح ملف مصرفين غربيين، وهما غولدن ساكس وسوسيتيه جنرال، لأن الاستثمارات تكبدت خسائر مالية فادحة.
وحول دقة ما نشرته صحف غربية بشأن ليالي حمراء وراء خسارة أموال طائلة في مصرف غولدن ساكس قال دريحة، إن هناك استمالة لموظفين ليبيين من مصرف غولدن ساكس للحصول على ميزات استثمارية، ولكن حكاية الليالي الحمراء لا يوجد لدي أي معلومة بشأنها، واستطرد قائلاً، ولكن هناك أطراف مستفيدة بشكل كبير بشأن هذا الاستثمار.
وكانت صحيفة "دايلي ميل" البريطانية كشفت، أخيراً، تفاصيل تخص عملية احتيال على ليبيا قام بها مصرف جولدن مان ساكس الاستثماري الأميركي، وما أسفر عنها من تكبيد البلاد خسائر تتجاوز 2.1 مليار دولار، عبر بائعة هوى عمرها 25 عاماً أوقعت مسؤولاً ليبياً إبان عهد نظام القذافي من أجل إقناعه بتوقيع صفقة مالية ضخمة بين المصرف الأميركي ومؤسسة الاستثمار، كما سردت الصحيفة البريطانية تفاصيل أخرى من الليالي الحمراء التي قضاها مسؤولون ليبيون وأقارب لهم مع فتاتي ليل بفنادق دولتين عربيتين.
وأوضح دريحة، أن الاستثمارات التي خضعت في إدارتها إلى توجيهات القذافي مباشرة أو تدخل ابنه سيف الإسلام تنوعت، ومنها استثمارات بقيمة ثلاثة مليارات دولار في بنك "يونيكريديت" الإيطالي لم تكن ذات جدوى اقتصادية، ولكنها كانت بأمر من القذافي شخصياً لإرضاء رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك.
وحسب المسؤول الليبي السابق فإن هذه الاستثمارات الليبية أبان عهد القذافي كانت ذات مخاطر عالية ولاسيما أن الاستثمار كان في فترة الأزمة المالية التي يمر بها العالم، كما أن محفظة ليبيا الأفريقية البالغ رأسمالها خمسة مليارات دولار خضعت لإملاءات القذافي مباشرة خاصة المتعلقة بشراء شركات اتصالات أفريقية ونحوها، موضحاً أن نجل القذافي ومقربين منه لعبوا دوراً كبيراً في عمليات فساد بأموال الصندوق.
كما أكد أن قضية إدارة المصرفين الغربيين لأموال ليبية ضخمة تدخلت فيها أطراف خارجية، مشيراً إلى أن بعض الموظفين في المؤسسة الليبية للاستثمار أخفوا ملفاً معلوماتياً مهماً في أحد المكاتب ثم تم العثور عليه بعد ذلك، ويحتوي الملف على اتفاقية استثمار في المشتقات المالية.
وأشار إلى أن المؤسسة الليبية بحاجة إلى إعادة هيكلة استثمارات الصندوق سواء كانت نفطية أو سندات مالية أو عقارات من أجل اتخاد إجراءات التصفية للشركات الخاسرة والحفاظ على أموال الليبيين.
وأوضح أنه لا توجد آلية محددة بشأن الاستثمارات والجدوى الاقتصادية لها، مضيفاً أن الصندوق السيادي تكبد خسائر مالية، منذ تأسيسه في عام 2005، بنحو خمسة مليارات دولار، وكان من المفترض أن يجني أرباحاً سنوية بنحو 5% من رأسماله سنوياً.
وحسب تقديرات المؤسسة التي تتولى إدارة أموال ليبيا بالخارج، فإن أصولها موزعة على محفظة طويلة المدى وشركة استثمارات خارجية ومحفظة أفريقية وشركة الاستثمارات النفطية، ويتمثل نصف الاستثمارات في سندات وأموال سائلة، والنصف الآخر مكون من 550 شركة موزعة بين العالم العربي وأفريقيا وأوروبا.
ويقع معظم أصول المؤسسة السائلة تحت الحظر، منذ نحو 6 سنوات، نتيجة مطالبة المجلس الانتقالي أثناء الثورة، خوفاً من استيلاء أطراف أخرى عليها، ما حرم البلاد منها على الرغم من الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها.
اقــرأ أيضاً
ويرى المحلل المالي، عمرو فركاش، أن استثمارات الصندوق في أفريقيا كانت أكثر تسيساً وفساداً. وأوضح أن الإدارات التي تولت موارد البلاد في فترة القذافي كانت غير مهنية، ولذا انتهت بقضايا الإغراء من عاهرات وعمولات وإنشاء شركات في لندن يديرها أحد أصدقاء سيف القذافي، ومنها شركة "كا أف أم كابيتال".
ومن جانبه أكد عضو مجلس الأمناء بالمؤسسة الليبية للاستثمار سابقاً، أبوبكر الحبشي، لـ "العربي الجديد"، أن الاستثمارات الليبية لم تحقق عوائد مالية باستثناء المحفظة طويلة المدى، في ظل شبهات فساد عديدة تحيط ببعض العمليات.
وتلقت "العربي الجديد"، رداً مقتضباً على تساؤلاتها بشأن قضايا الفساد التي تلازم الصندوق، من مكتب رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار التابعة لحكومة طبرق (شرق) والتي يديرها حسن بوهادي، وتضمن البيان الذي أرسله المكتب تصريحات لبوهادي يقول فيها "إن أموال الصندوق تخضع لقرار تجميد من مجلس الأمن، والمصارف العالمية لا تدير الأصول بشكل جيد بما يحقق عائداً مالياً للصندوق".
وأضاف أن "الاستثمار في مصرف غولدن ساكس به مشتقات مركبة ذات خطورة عالية ولا تتماشى مع طريقة عمل المحافظ الليبية" ولم يعط بوهادي أيّ تفاصيل أخرى.
وتفاقم الصراع على منصب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للصندوق بعد دخول المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني طرابلس ومباشرة أعماله، منذ نحو 3 شهور، وكانت الحكومتان المتنافستان في طرابلس وطبرق عين كل منها رئيساً للمؤسسة، وفي ما كلفت حكومة طبرق، حسن بوهادي، بالإدارة التنفيذية للمؤسسة الليبية للاستثمار والتي تدار في مالطا، في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، كانت حكومة الإنقاذ الوطني التابعة للمؤتمر الوطني العام عينت عبدالرحمن بريبيش، مديراً تنفيذياً للمؤسسة.
ولا تزال الأموال الليبية المنهوبة في الخارج حبيسة نزاعات قضائية، ومنها أكثر من قضية لاسترداد أكثر من 3 مليارات دولار من مصرفي غولدمان ساكس الأميركي وسوسيتيه جنرال الفرنسي في محكمة لندن التجارية العليا، حتى الآن، حيث يطالب كل طرف بأحقية رئيس المؤسسة المعين من قبله للتعاطي مع هذه الأموال.
وتأسس الصندوق السيادي الليبي برأس مال 50 مليار دولار، منذ 11 عاماً، وكانت تدار استثماراته عبر مجلس الأمناء للمؤسسة الليبية للاستثمار ويضم في عضويته وزير المالية ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ووزير التخطيط والمدير التنفيذي للمؤسسة الليبية للاستثمار ولا تتخذ قرارات الاستثمار إلا بعد اعتمادها من المجلس.
وكان مجلس الأمناء والإدارة التنفيذية يخضعان لتوجيهات القذافي مباشرة والذي كان يحرك الاستثمارات لخدمة مصالحه السياسية، وعلى سبيل المثال سحبت ليبيا أموالاً تقدّر بنحو مليار دولار من سويسرا وحولتها إلى إيطاليا بسبب توتر العلاقات مع سويسرا دون أي خطة استثمارية ناجحة. وحسب محللين، كان لبزوغ سيف الإسلام القذافي دور كبير في عمليات الفساد ومنها المصرفان الغربيان.
ويقول أحدث تقرير لديوان المحاسبة بطرابلس، إن إجمالي أصول المؤسسة الليبية للاستثمار تبلغ 68.8 مليار دولار، حتى نهاية سبتمبر/أيلول من العام الماضي، وإن المؤسسة تتكون من صافي الموارد النقدية بـ 50.6 مليار دولار وموارد عينية 14.7 مليار دولار، بالإضافة إلى أصول أخرى.
اقــرأ أيضاً
وفي هذا السياق، وصف مدير المؤسسة الليبية السابق للاستثمار، محسن دريحة، ما حدث بمعظم فترات المؤسسة بلعب الميسر أو القمار، حيث تم التلاعب بأموال الليبيين وإهدار جزء كبير منها.
وكشف المدير السابق للمؤسسة، لـ"العربي الجديد"، أن هناك معارضة حصلت من قبل مسؤولين داخل المؤسسة نظير فتح ملف مصرفين غربيين، وهما غولدن ساكس وسوسيتيه جنرال، لأن الاستثمارات تكبدت خسائر مالية فادحة.
وحول دقة ما نشرته صحف غربية بشأن ليالي حمراء وراء خسارة أموال طائلة في مصرف غولدن ساكس قال دريحة، إن هناك استمالة لموظفين ليبيين من مصرف غولدن ساكس للحصول على ميزات استثمارية، ولكن حكاية الليالي الحمراء لا يوجد لدي أي معلومة بشأنها، واستطرد قائلاً، ولكن هناك أطراف مستفيدة بشكل كبير بشأن هذا الاستثمار.
وكانت صحيفة "دايلي ميل" البريطانية كشفت، أخيراً، تفاصيل تخص عملية احتيال على ليبيا قام بها مصرف جولدن مان ساكس الاستثماري الأميركي، وما أسفر عنها من تكبيد البلاد خسائر تتجاوز 2.1 مليار دولار، عبر بائعة هوى عمرها 25 عاماً أوقعت مسؤولاً ليبياً إبان عهد نظام القذافي من أجل إقناعه بتوقيع صفقة مالية ضخمة بين المصرف الأميركي ومؤسسة الاستثمار، كما سردت الصحيفة البريطانية تفاصيل أخرى من الليالي الحمراء التي قضاها مسؤولون ليبيون وأقارب لهم مع فتاتي ليل بفنادق دولتين عربيتين.
وأوضح دريحة، أن الاستثمارات التي خضعت في إدارتها إلى توجيهات القذافي مباشرة أو تدخل ابنه سيف الإسلام تنوعت، ومنها استثمارات بقيمة ثلاثة مليارات دولار في بنك "يونيكريديت" الإيطالي لم تكن ذات جدوى اقتصادية، ولكنها كانت بأمر من القذافي شخصياً لإرضاء رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك.
وحسب المسؤول الليبي السابق فإن هذه الاستثمارات الليبية أبان عهد القذافي كانت ذات مخاطر عالية ولاسيما أن الاستثمار كان في فترة الأزمة المالية التي يمر بها العالم، كما أن محفظة ليبيا الأفريقية البالغ رأسمالها خمسة مليارات دولار خضعت لإملاءات القذافي مباشرة خاصة المتعلقة بشراء شركات اتصالات أفريقية ونحوها، موضحاً أن نجل القذافي ومقربين منه لعبوا دوراً كبيراً في عمليات فساد بأموال الصندوق.
كما أكد أن قضية إدارة المصرفين الغربيين لأموال ليبية ضخمة تدخلت فيها أطراف خارجية، مشيراً إلى أن بعض الموظفين في المؤسسة الليبية للاستثمار أخفوا ملفاً معلوماتياً مهماً في أحد المكاتب ثم تم العثور عليه بعد ذلك، ويحتوي الملف على اتفاقية استثمار في المشتقات المالية.
وأشار إلى أن المؤسسة الليبية بحاجة إلى إعادة هيكلة استثمارات الصندوق سواء كانت نفطية أو سندات مالية أو عقارات من أجل اتخاد إجراءات التصفية للشركات الخاسرة والحفاظ على أموال الليبيين.
وأوضح أنه لا توجد آلية محددة بشأن الاستثمارات والجدوى الاقتصادية لها، مضيفاً أن الصندوق السيادي تكبد خسائر مالية، منذ تأسيسه في عام 2005، بنحو خمسة مليارات دولار، وكان من المفترض أن يجني أرباحاً سنوية بنحو 5% من رأسماله سنوياً.
وحسب تقديرات المؤسسة التي تتولى إدارة أموال ليبيا بالخارج، فإن أصولها موزعة على محفظة طويلة المدى وشركة استثمارات خارجية ومحفظة أفريقية وشركة الاستثمارات النفطية، ويتمثل نصف الاستثمارات في سندات وأموال سائلة، والنصف الآخر مكون من 550 شركة موزعة بين العالم العربي وأفريقيا وأوروبا.
ويقع معظم أصول المؤسسة السائلة تحت الحظر، منذ نحو 6 سنوات، نتيجة مطالبة المجلس الانتقالي أثناء الثورة، خوفاً من استيلاء أطراف أخرى عليها، ما حرم البلاد منها على الرغم من الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها.
ويرى المحلل المالي، عمرو فركاش، أن استثمارات الصندوق في أفريقيا كانت أكثر تسيساً وفساداً. وأوضح أن الإدارات التي تولت موارد البلاد في فترة القذافي كانت غير مهنية، ولذا انتهت بقضايا الإغراء من عاهرات وعمولات وإنشاء شركات في لندن يديرها أحد أصدقاء سيف القذافي، ومنها شركة "كا أف أم كابيتال".
ومن جانبه أكد عضو مجلس الأمناء بالمؤسسة الليبية للاستثمار سابقاً، أبوبكر الحبشي، لـ "العربي الجديد"، أن الاستثمارات الليبية لم تحقق عوائد مالية باستثناء المحفظة طويلة المدى، في ظل شبهات فساد عديدة تحيط ببعض العمليات.
وتلقت "العربي الجديد"، رداً مقتضباً على تساؤلاتها بشأن قضايا الفساد التي تلازم الصندوق، من مكتب رئيس المؤسسة الليبية للاستثمار التابعة لحكومة طبرق (شرق) والتي يديرها حسن بوهادي، وتضمن البيان الذي أرسله المكتب تصريحات لبوهادي يقول فيها "إن أموال الصندوق تخضع لقرار تجميد من مجلس الأمن، والمصارف العالمية لا تدير الأصول بشكل جيد بما يحقق عائداً مالياً للصندوق".
وأضاف أن "الاستثمار في مصرف غولدن ساكس به مشتقات مركبة ذات خطورة عالية ولا تتماشى مع طريقة عمل المحافظ الليبية" ولم يعط بوهادي أيّ تفاصيل أخرى.
وتفاقم الصراع على منصب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام للصندوق بعد دخول المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني طرابلس ومباشرة أعماله، منذ نحو 3 شهور، وكانت الحكومتان المتنافستان في طرابلس وطبرق عين كل منها رئيساً للمؤسسة، وفي ما كلفت حكومة طبرق، حسن بوهادي، بالإدارة التنفيذية للمؤسسة الليبية للاستثمار والتي تدار في مالطا، في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، كانت حكومة الإنقاذ الوطني التابعة للمؤتمر الوطني العام عينت عبدالرحمن بريبيش، مديراً تنفيذياً للمؤسسة.
ولا تزال الأموال الليبية المنهوبة في الخارج حبيسة نزاعات قضائية، ومنها أكثر من قضية لاسترداد أكثر من 3 مليارات دولار من مصرفي غولدمان ساكس الأميركي وسوسيتيه جنرال الفرنسي في محكمة لندن التجارية العليا، حتى الآن، حيث يطالب كل طرف بأحقية رئيس المؤسسة المعين من قبله للتعاطي مع هذه الأموال.
وتأسس الصندوق السيادي الليبي برأس مال 50 مليار دولار، منذ 11 عاماً، وكانت تدار استثماراته عبر مجلس الأمناء للمؤسسة الليبية للاستثمار ويضم في عضويته وزير المالية ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ووزير التخطيط والمدير التنفيذي للمؤسسة الليبية للاستثمار ولا تتخذ قرارات الاستثمار إلا بعد اعتمادها من المجلس.
وكان مجلس الأمناء والإدارة التنفيذية يخضعان لتوجيهات القذافي مباشرة والذي كان يحرك الاستثمارات لخدمة مصالحه السياسية، وعلى سبيل المثال سحبت ليبيا أموالاً تقدّر بنحو مليار دولار من سويسرا وحولتها إلى إيطاليا بسبب توتر العلاقات مع سويسرا دون أي خطة استثمارية ناجحة. وحسب محللين، كان لبزوغ سيف الإسلام القذافي دور كبير في عمليات الفساد ومنها المصرفان الغربيان.
ويقول أحدث تقرير لديوان المحاسبة بطرابلس، إن إجمالي أصول المؤسسة الليبية للاستثمار تبلغ 68.8 مليار دولار، حتى نهاية سبتمبر/أيلول من العام الماضي، وإن المؤسسة تتكون من صافي الموارد النقدية بـ 50.6 مليار دولار وموارد عينية 14.7 مليار دولار، بالإضافة إلى أصول أخرى.