ككلّ سنة، تشهد الدورة الرئيسية للبكالوريا (الثانوية العامة) في تونس، حالات خاصة وطريفة. هذه السنة تقدّمت أم وابنها لامتحان البكالوريا في القسم ذاته، شعبة الآداب، في مركز الاختبار "أبو القاسم الشابي"، بمدنين جنوبي تونس.
وقالت الأم، سميرة الكسيكسي، وهي سيدة في عقدها الرابع، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنّها تجري امتحان البكالوريا في القسم ذاته، مع ابنها محمد أمين. وأضافت أنّها ربّة منزل، ولم يسبق لها العمل، مشيرة إلى أنها عندما تبدأ الامتحان، تفكّر في ابنها وتتمنى أن يجيب عن الأسئلة جيداً ويوفّق.
وتصف سميرة إحساس كونها في القسم ذاته مع ابنها، بأنّه "جميل وصعب" في الوقت نفسه، لأنها تفكر به كثيراً وتدعو له بالنجاح، ووجودها معه في القسم، يمنحه الثقة من جهة ويزيد من شعوره بالمسؤولية.
وتعرب سميرة عن فخر ابنها بها، وتقول إنّه سعيد لأنها تجري الامتحان معه، موضحة أنها انقطعت عن الدراسة في التسعينيات، عندما كانت في صف الخامس ثانوي، لتنجب 3 أبناء، صبيين وبنتاً. وهي درست في الجامعة، لكنها لم تكمل دراستها لظروف خاصة، أمّا ابنها الأصغر فيعاني من مرض التوحّد. وتقول إنّ شهادة البكالوريا "هي حلم وتحدٍ" بالنسبة إليها.
وتشير إلى أنّ زوجها توفي وترك لها مسؤولية رعاية 3 أبناء، فكانت لهم بمثابة الأم والأب. ومنذ 3 أعوام قرّرت العودة للدراسة في معهد خاص، وكانت تواظب على حضور جميع الحصص. وتعرب عن سعادتها لأنّ التلاميذ الذين يدرسون معها، شجّعوها ودعموها كثيراً، وكذلك الأساتذة ومديرة المعهد، وحتى صديقاتها وجيرانها.
وذكرت أنّ زوجها الراحل، شجّعها سابقاً للعودة إلى الدراسة، وهي أجرت الامتحان، العام الماضي، مع ابنها، لكنها أُجلت إلى دورة التدارك، ولم يسعفها الحظ بالنجاح، إلا أنها مصرّة هذا العام على النجاح، خاصة أنّ جميع معدّلاتها، جيدة.
وحول الامتحانات الحالية، قالت سميرة إنّها مرّت بسلام، باستثناء امتحان اللغة الفرنسية الذي كان صعباً نسبياً، لكنها تتمنى أن توفق. وأضافت أنّ البكالوريا تحدٍ بالنسبة إليها، إذ هي لديها هدف تريد تحقيقه، وهي ستنتظر النتائج لتقرّر ما إذا كانت ستنتقل إلى الجامعة بعد هذه الخطوة.
ترى سميرة أنّ قصتها شكّلت حافزاً للعديد من النساء، اللواتي أصبحن يفكرنّ جدياً في نيل شهادة البكالوريا والعودة إلى مقاعد الدراسة. بعضهنّ صديقات انقطعن عن الدراسة مثلها، بعد الزواج، وأخريات من الجوار أو المحيط العائلي.
مرشحون من كبار السن
وأكّد الناطق الرسمي باسم وزارة التربية، محمد الحاج طيب، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أنّ "هذه الأم هي الوحيدة التي تجري الامتحان برفقة ابنها هذا العام، وأنّ أكبر مرشّح للبكالوريا، هذه الدورة، يبلغ من العمر 66 عاماً، وهو من منطقة وادي مليز جندوبة، شمال غربي تونس". وأضاف أنّ "هناك مرشّحاً آخر، يبلغ 56 عاماً من العمر، من المنستير، ومرشّحاً عمره 50 عاماً، شعبة آداب، من معتمدية جربة ميدون".
وأكّد المدير الجهوي للتربية بجندوبة، رياض الوسلاتي، في تصريح لـ "العربي الجديد" أنّ أكبر مرشح للبكالوريا هذا العام، والذي يبلغ من العمر 66 عاماً، هو متقاعد و يحاول اجتياز امتحان البكالوريا للمرة العاشرة، ومع ذلك لم يفقد الأمل.