حسمتها: أنا حمار في الاقتصاد! عن جدّ أنا بغل في التوفير!
جواب نهائي: أنا صفر الأصفار في الادخار!
كلما حاولت الاستعانة بمثَـل أو بحكمة في حياتي خذلتني·
حاولت أن أوفّر قرشي الأبيض ليومي الأسود، وقرشي الأخضر ليومي النيلي، وقرشي الأصفر ليومي الكحلي، لكنني فشلت في كل القروش، من كل الألوان، وبقي لون الظلام يخيّم على جيوبي·
لا أحد مسؤول عن ذلك سواي، وحدي الذي يستحق الرجم، لأنني كما قلت سابقاً: أنا حمار في مادة الاقتصاد·
يحدث مثلاً أن أقود سيارتي في شوارع بيروت، أفتش عن موقف مجاني في محاذاة رصيف، وذلك لأدّخر ثمن موقف·· أصفُّها، أبتهج، أُصفِّق من الفرح، لقد وفّرت ألفي ليرة لبنانية، أو ما يعادلها بالدولار الأميركي، ولا أنتبه كغبي لبناني بالليرة، أنني استهلكت وقوداً أثناء اللف والدوران حوالي نصف ساعة بتوقيت غرينتش وأخواتها· ومع ذلك أعتز بحسن حظي، وأمشي: واثق الخطوة يمشي موفراً !
الأهبَل في الادخار مثلي، سيعود إلى سيارته المركونة ويجد محضر ضبط بقيمة 20 دولاراً أميركيا، ما أذكاني! ما أهبلني! لم أرَ لافتة ممنوع الوقوف ·
وهكذا أقف إلى جوار السيارة المجروحة كرامتها، منتصباً بقامتي، مرفوع الهَامَة، في كفي محضر ضبط·· وأنا أمشي وألعَن حظي، وألعن الشرطي، وألعن سيارتي·
وحين فكرت يوماً في أن أوفر الوقود وأذهب مشياً على قدميّ، دهستني سيارة·
وحين قررت أن أوفر غضبي، وأخزّنه في القلب، وأدّخر زعلي في الأمعاء نبت السرطان في داخلي وأحشائي·
وحين حاولت أن أوفر شتائمي ضدّ المجتمع والأفراد، وكظمت غيظي، مطبقاً فمي وشادّاً على أسناني، فقدت أضراسي!
قسَمَاً عَظَمَاً: لا توفير بعد اليوم، سأُبدّد عمري، سأبذِّر وقتي، لن أؤجل، لن أوفّر عمري الأبيض لأيّ يوم أسود·