لا أعرف إن كان شعورنا بأن "الأول من أيار" مرّ بهدوء أكثر من أية سنة أخرى، مرتبطاً بواقع موضوعي أم هو مجرّد شعور. كذلك الأمر مع التراجع المطّرد (عربياً على الخصوص) لمنسوب العدالة الاجتماعية في الخطابات كلها.
في السياسة (بالأحرى التناحرات) العربية، لا يبدو خطاب العدالة الاجتماعية موضوعاً للصراع أو التجاذبات الآن، وكذلك الأمر في المشهد الثقافي على مستويي الإنتاج والسؤال الأدبيين، بل حتى على مستوى القلق، نشعر أنه لم يعد قلقاً.
أما الصحافة فيبدو أنها لم تعد ترى في العدالة الاجتماعية سوى "أُشدوقة" ما عادت مضطرة حتّى للتشدّق بها. وإن كان الاستقرار بلا عدالة اجتماعية هو تقنين للعبودية، فإن مشاريع التحرر التي لا تكون العدالة الاجتماعية نواتها ستعيد إنتاج الواقع.
يحاولون إقناعك بأن العالم حَسَم أمره ومال بكل ثقله إلى جهة اليمين. تجده كلاماً بلا معنى. (ما المعنى؟ نحن من يخلق معنى الأشياء). يحاولون إقناعك بأن الطبيعة حسمت أمرها ومالت هي أيضاً إلى اليمين، وأنها باتت تخص "معذّبي الأرض" وحدهم بكوارثها.
قد لا تعرف كيف يعيد لك زلزال نيبال ذكريات ورثتها عن زلزال نابلس 1927، لكنك موقن بأن فلاحي جبال الهملايا أقرب إليك الآن من رفاقك. ويتضاعف شعورك بأنك مواطن يبحث عن حياته بين أنقاض كَتماندو.