تنظرُ زينب عابدين، وهي أم لخمسة أطفال وتقطن في محافظة الإسكندرية (شمال مصر)، إلى السماء. ترى سحباً تنذر باقتراب فصل الشتاء، الذي يبدو أنه سيحل ثقيلاً هذا العام. لا تستطيع نسيان مشاهد غرق المدينة في كل مرة تتساقط فيها أمطار غزيرة، ما يؤدي إلى حدوث كارثة.
لا تنامُ عابدين الليل. تخشى هبوب الرياح القوية وسقوط أمطار غزيرة، وتكون ضحية جديدة حالها حال العديد من أبناء المدينة، وتموت إما صعقاً بالكهرباء أو تحت أنقاض بيتها الآيل للسقوط. تتذكر ذلك اليوم بكل تفاصيله المؤلمة، بعدما كادت تخسر حياتها بسبب الطقس، حين تحوّلت الإسكندرية إلى مستنقع كبير مليء بمياه الأمطار ومجاري الصرف الصحي. المياه دخلت إلى بيتها ما اضطرها وأبناءَها إلى المغادرة واللجوء إلى الشارع خشية أن ينهار المنزل فوق رؤوسهم.
حالُ عابدين يكادُ يكون مشابهاً لحال آلاف الأسر، وخصوصاً الفقيرة منها. هذه العائلات تضررت بسبب غرق الشوارع وإغلاقها وانقطاع التيار الكهربائي في عدد من المناطق وغيرها، ما أدى إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، حتى أن هذه المرأة خسرت العربة الخشبية التي تستخدمها في بيع الخضار لتربية أبنائها اليتامى.
تقول عابدين لـ "العربي الجديد"، إنها تنتظر "بلاء الله في أي وقت، بعدما تخلّت الحكومة والمسؤولون عنّا. لا نملك من الدنيا إلا هذا المنزل المهترئ والصادر قرار بهدمه منذ سنوات. ما زلنا، حتى الآن، نحتمي فيه من حرارة شمس الصيف وبرد الشتاء".
تضيف أن المنطقة بمعظمها تضم مساكن قديمة ومتهالكة. وفي الوقت نفسه، "لا نملك القدرة على شراء شقة جديدة، ما دفعني إلى التوقيع على مستند ينص على بقائي في المنزل على مسؤوليتي الخاصة". تضيف: "الأفضل لنا أن نموت تحت الأنقاض بدلاً من التشرد في الشوارع". وتشير إلى أن الأزمة، هذا العام، تبدو مختلفة، وقد أدت إلى غرق مناطق ومنازل، وشردت كثيرين غالبيتهم من الفقراء.
وبسبب الأمطار، لا تعود ممتلكات عابدين صالحة. تقول إنها تنتظر أن تغرق وأبناؤها طالما لم توافق الحكومة على إخراجهم من هذا المستنقع وتوفير حياة لائقة لهم، منتقدة تصريحات المسؤولين التي لطالما أكدت الاستعداد لفصل الشتاء. وتسأل عن وسائل الإنقاذ والتعويضات.
تجاهلُ المسؤولين مشكلة عابدين وأولادها دفعها إلى المشاركة مع أبناء المنطقة في الوقفة الاحتجاجية التي نظموها عند السكة الحديد، بعدما أوقفوا حركة القطارات المتجهة إلى مرسى مطروح، اعتراضاً على عدم استجابة أجهزة المحافظة لاستغاثتهم، وعدم إرسال مساعدات إليهم، وتعويضهم عن الخسائر التي لحقتهم.
اقرأ أيضاً: إسكندرية بتغرق