يبدو لمن اطلع على الإنجازات العلمية التي حدثت منذ بداية عام 2017 حتى الآن أنّنا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من مستقبل الخيال العلمي الذي نشاهده في الأفلام. وبالرغم من أنّ هذا العام لم يُغلق أبوابه بعد وما انطوى من صفحاته سوى أشهر ونيّف إلا أننا أمام الكثير من الإنجازات المهمة التي دفعتني إلى تخصيص مقالٍ في التحدّث عنها وسردها. ولو أردنا تحليل آفاقها ومستقبلها لاحتجنا إلى العشرات من المقالات، لذا سأحاول أن أصف تلك الإنجازات التي ستجعل حياتنا أكثر أمناً، أسهل، وأكثر إمتاعاً باختصارٍ ودقة.
سمعنا كثيراً عن الأمراض الوراثية التي ترتبط بمورثات الجنين المأخوذة من أمّه وأبيه والتي لا يمكن تغييرها، وطمح العلم منذ اكتشاف هذه الحقيقة إلى طريقةٍ يستطيع الوصول إليها إلى جينات الجنين في بطن أمّه ليتمكّن من تعديل الجينات المسببة للأمراض. وهذا ما توصّل إليه الباحثون في جامعة بورتلاند في ولاية أوريغون في الولايات المتحدة الأميركية مستفيدين من تقنية CRISPR المتقدّمة لتعديل الجينات. حيث تمكّنوا من تعديل جينات جنينٍ حيٍ في بطن أمّه وحذف مورثةٍ مرتبطة بإحداث أمراض قلبية معينة بنجاح.
يمكننا عن طريق هذه التقنية تعديل جينات محددة بدقة بالكائنات الحية دون إلحاق الأذى بالكائن الحي أو حتى بالجينات الأخرى، يمكننا بكل بساطة نسخ، لصق، قص، واستبدال جينات معينة بجيناتٍ أخرى. لا تعدّ هذه التقنية جديدة صراحةً لكنّ الأمر الهائل في عام 2017 أنّ العلماء قد تمكّنوا من تطبيق هذه التقنية على الجنين الحي في رحم أمّه.
وبالحديث عن الأرحام، قد يبدو أمر إنشاء رحمٍ اصطناعي لأجنة البشر أمراً من وحي أفلام الخيال العلمي التي شاهدناها مراراً وتكراراً لكنّ ماذا لو تحقّق هذا الأمر؟ تُعتبر الولادات المبكّرة السبب الأول لوفيات الأطفال حديثي الولادة، وتمكّن العلماء في جامعة فيلادلفيا من أخذ خطواتٍ جدية باتجاه عالميٍ تصبح فيه الأرحام الاصطناعية حقيقة. حيث أنشأوا كيساً يشبه الرحم قادراً على الحفاظ على حياة أجنة الحملان المولودة باكراً بعد أن بدأ تطورها برحم أمّها.
لكن ما الفائدة منها في أجنة الحملان؟ تُعتبر هذه الخطوة بداية الطريق إلى إنشاء رحمٍ اصطناعي أو على الأقل حاضنة لأجنة البشر الصغيرة جداً المولودة قبل أوانها ولا تتمكن من النجاة معتمدةً على ما نملكه من الحاضنات اليوم.
هيدروجين بحلة جديدة
لا غنى لنا عن عنصر الهيدروجين في حياتنا ككائنات حية وحتى في صناعاتنا وأعمالنا، نعرف جزيئات الهيدروجين الموجودة حولنا كغازٍ يطير في الهواء وهو العنصر الأول في الجدول الدوري وأكثر العناصر بساطةً؛ يتألف من إلكترونٍ واحدٍ وبروتونٍ واحد فقط. لكن تمكّن الباحثون في جامعة هارفارد من اصطناع شكلٍ جديدٍ للهيدروجين يمكن أن يكون نواةً لتحسين حياتنا المستقبلية بأكملها، عن طريق تطبيق ضغط هائل يعادل 5 ملايين ضعف الضغط الجوي الذي نعيش فيه حالياً. وهذه هي المرة الأولى التي يوجد فيها الهيدروجين على شكل معدنٍ صلب.
لكن ما الفائدة المرجوّة من ذلك؟ يمكن للهيدروجين الصلب أن يعمل كناقلٍ خارقٍ للتيار الكهربائي بسبب خواص ذراته التي لا تبدي مقاومةً تذكر وذلك لبساطتها بشكلٍ أساسي مما قد يحدث ثورة حقيقية في معظم الأشياء التكنولوجية من تخزين ونقل الطاقة وخاصةً الطاقات البديلة إلى أنظمة الصواريخ والفضاء.
إعادة تصنيع الفضاء
لنبتعد عن هذ الكوكب قليلاً ونفكّر بهذا الكون الواسع، يعمل علماء الطب والجينات على استكشاف كائنات هذا الكوكب الحية وتحليلها لفهمها بشكلٍ أعمق أو لمعالجة أمراضها، لكن يؤمن باحثون آخرون بأنّ المفتاح لفهم هذا الكون وأصل الحياة فيه هو الفضاء الرحب المحيط بهذا الكوكب الذي لا يشكلّ سوى نقطةٍ في بحر هذا الكون المتسّع أبداً.
قامت شركة SpaceX بإنجازٍ تاريخي في ما يتعلّق بعالم الفضاء في شهر مارس/ آذار الماضي حيث استطاعت بنجاحٍ منقطع النظير إعادة إطلاق معزز صاروخ من طراز Falcon 9 مستعمل سابقاً ومن ثمّ نجحت في جعله يهبط إلى الأرض ليعاد استخدامه مراتٍ أخرى. يخفّف هذا الأمر من تكاليف إطلاق الصواريخ بما يعادل 18 مليون دولار أميركي من كل إطلاقة، وإذا أضفنا حقيقة أنّ أنظمة Falcon 9 هي من أرخص أنظمة الصواريخ فإنّ ذلك سيجعل أمر السفر إلى الفضاء أو حتى السياحة الفضائية أكثر قابليةً للتحمّل عمّا كان عليه قبل ذلك.
"إنّه يومٌ رائع لصناعة الفضاء ككل، لأنّ ذلك يعني أنّك تستطيع إعادة استخدام معزز الصواريخ الذي يُعتبر أغلى جزء من الصاروخ مراراً وتكرارً" بحسب إيلون ماسك بعد نجاح شركته في التجربة.
ولا بدّ لنا أن نذكر ما قامت به المنظمة الأوروبية للبحوث الفلكية (ESO) عند الحديث عن الفضاء والإنجازات العلمية، حيث تمكّن الباحثون في شهر إبريل/ نيسان الماضي من إيجاد الكوكب الأكثر قابليةً لاحتواء حياةٍ خارج الأرض إلى الآن. وجد هذا الكوكب الذي سُمي LHS 1140b على بعد حوالي 40 سنة ضوئية من الأرض ويتلقّى نصف مقدار الضوء الذي تتلقّاه الأرض من الشمس من النجم الخاص به، LHS 1140.
وعبّر الكاتب جاسون ديتمان من مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية في تقرير نشرته المنظمة الأوروبية للبحوث الفلكية (ESO) "بأنّ هذا الكوكب هو أكثر كوكب مثير للاهتمام خارج المجموعة الشمسية رأيته في العقد الماضي، يمكننا من خلاله أن نأمل بالحصول على هدفٍ أفضل في البحث عن أهم الأسئلة العلمية التي تواجهنا اليوم – هل يوجد حياة خارج كوكب الأرض؟".
عمل الباحثون والعلماء بلا كلل ليجلبوا لنا هذا المستقبل، لذا لا بدّ لنا أن نبجّل مجهودهم العظيم، فعالم الغد يتشكلّ بينما كنت تقرأ هذه الكلمات القليلة. وكما رأيت فإنّ تلك الإنجازات لربما كانت من وحي الخيال في بدايتها لكنّها أصبحت الآن حقيقةً واضحة ونجاحاتٍ باهرة.
سمعنا كثيراً عن الأمراض الوراثية التي ترتبط بمورثات الجنين المأخوذة من أمّه وأبيه والتي لا يمكن تغييرها، وطمح العلم منذ اكتشاف هذه الحقيقة إلى طريقةٍ يستطيع الوصول إليها إلى جينات الجنين في بطن أمّه ليتمكّن من تعديل الجينات المسببة للأمراض. وهذا ما توصّل إليه الباحثون في جامعة بورتلاند في ولاية أوريغون في الولايات المتحدة الأميركية مستفيدين من تقنية CRISPR المتقدّمة لتعديل الجينات. حيث تمكّنوا من تعديل جينات جنينٍ حيٍ في بطن أمّه وحذف مورثةٍ مرتبطة بإحداث أمراض قلبية معينة بنجاح.
يمكننا عن طريق هذه التقنية تعديل جينات محددة بدقة بالكائنات الحية دون إلحاق الأذى بالكائن الحي أو حتى بالجينات الأخرى، يمكننا بكل بساطة نسخ، لصق، قص، واستبدال جينات معينة بجيناتٍ أخرى. لا تعدّ هذه التقنية جديدة صراحةً لكنّ الأمر الهائل في عام 2017 أنّ العلماء قد تمكّنوا من تطبيق هذه التقنية على الجنين الحي في رحم أمّه.
وبالحديث عن الأرحام، قد يبدو أمر إنشاء رحمٍ اصطناعي لأجنة البشر أمراً من وحي أفلام الخيال العلمي التي شاهدناها مراراً وتكراراً لكنّ ماذا لو تحقّق هذا الأمر؟ تُعتبر الولادات المبكّرة السبب الأول لوفيات الأطفال حديثي الولادة، وتمكّن العلماء في جامعة فيلادلفيا من أخذ خطواتٍ جدية باتجاه عالميٍ تصبح فيه الأرحام الاصطناعية حقيقة. حيث أنشأوا كيساً يشبه الرحم قادراً على الحفاظ على حياة أجنة الحملان المولودة باكراً بعد أن بدأ تطورها برحم أمّها.
لكن ما الفائدة منها في أجنة الحملان؟ تُعتبر هذه الخطوة بداية الطريق إلى إنشاء رحمٍ اصطناعي أو على الأقل حاضنة لأجنة البشر الصغيرة جداً المولودة قبل أوانها ولا تتمكن من النجاة معتمدةً على ما نملكه من الحاضنات اليوم.
هيدروجين بحلة جديدة
لا غنى لنا عن عنصر الهيدروجين في حياتنا ككائنات حية وحتى في صناعاتنا وأعمالنا، نعرف جزيئات الهيدروجين الموجودة حولنا كغازٍ يطير في الهواء وهو العنصر الأول في الجدول الدوري وأكثر العناصر بساطةً؛ يتألف من إلكترونٍ واحدٍ وبروتونٍ واحد فقط. لكن تمكّن الباحثون في جامعة هارفارد من اصطناع شكلٍ جديدٍ للهيدروجين يمكن أن يكون نواةً لتحسين حياتنا المستقبلية بأكملها، عن طريق تطبيق ضغط هائل يعادل 5 ملايين ضعف الضغط الجوي الذي نعيش فيه حالياً. وهذه هي المرة الأولى التي يوجد فيها الهيدروجين على شكل معدنٍ صلب.
لكن ما الفائدة المرجوّة من ذلك؟ يمكن للهيدروجين الصلب أن يعمل كناقلٍ خارقٍ للتيار الكهربائي بسبب خواص ذراته التي لا تبدي مقاومةً تذكر وذلك لبساطتها بشكلٍ أساسي مما قد يحدث ثورة حقيقية في معظم الأشياء التكنولوجية من تخزين ونقل الطاقة وخاصةً الطاقات البديلة إلى أنظمة الصواريخ والفضاء.
إعادة تصنيع الفضاء
لنبتعد عن هذ الكوكب قليلاً ونفكّر بهذا الكون الواسع، يعمل علماء الطب والجينات على استكشاف كائنات هذا الكوكب الحية وتحليلها لفهمها بشكلٍ أعمق أو لمعالجة أمراضها، لكن يؤمن باحثون آخرون بأنّ المفتاح لفهم هذا الكون وأصل الحياة فيه هو الفضاء الرحب المحيط بهذا الكوكب الذي لا يشكلّ سوى نقطةٍ في بحر هذا الكون المتسّع أبداً.
قامت شركة SpaceX بإنجازٍ تاريخي في ما يتعلّق بعالم الفضاء في شهر مارس/ آذار الماضي حيث استطاعت بنجاحٍ منقطع النظير إعادة إطلاق معزز صاروخ من طراز Falcon 9 مستعمل سابقاً ومن ثمّ نجحت في جعله يهبط إلى الأرض ليعاد استخدامه مراتٍ أخرى. يخفّف هذا الأمر من تكاليف إطلاق الصواريخ بما يعادل 18 مليون دولار أميركي من كل إطلاقة، وإذا أضفنا حقيقة أنّ أنظمة Falcon 9 هي من أرخص أنظمة الصواريخ فإنّ ذلك سيجعل أمر السفر إلى الفضاء أو حتى السياحة الفضائية أكثر قابليةً للتحمّل عمّا كان عليه قبل ذلك.
"إنّه يومٌ رائع لصناعة الفضاء ككل، لأنّ ذلك يعني أنّك تستطيع إعادة استخدام معزز الصواريخ الذي يُعتبر أغلى جزء من الصاروخ مراراً وتكرارً" بحسب إيلون ماسك بعد نجاح شركته في التجربة.
ولا بدّ لنا أن نذكر ما قامت به المنظمة الأوروبية للبحوث الفلكية (ESO) عند الحديث عن الفضاء والإنجازات العلمية، حيث تمكّن الباحثون في شهر إبريل/ نيسان الماضي من إيجاد الكوكب الأكثر قابليةً لاحتواء حياةٍ خارج الأرض إلى الآن. وجد هذا الكوكب الذي سُمي LHS 1140b على بعد حوالي 40 سنة ضوئية من الأرض ويتلقّى نصف مقدار الضوء الذي تتلقّاه الأرض من الشمس من النجم الخاص به، LHS 1140.
وعبّر الكاتب جاسون ديتمان من مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية في تقرير نشرته المنظمة الأوروبية للبحوث الفلكية (ESO) "بأنّ هذا الكوكب هو أكثر كوكب مثير للاهتمام خارج المجموعة الشمسية رأيته في العقد الماضي، يمكننا من خلاله أن نأمل بالحصول على هدفٍ أفضل في البحث عن أهم الأسئلة العلمية التي تواجهنا اليوم – هل يوجد حياة خارج كوكب الأرض؟".
عمل الباحثون والعلماء بلا كلل ليجلبوا لنا هذا المستقبل، لذا لا بدّ لنا أن نبجّل مجهودهم العظيم، فعالم الغد يتشكلّ بينما كنت تقرأ هذه الكلمات القليلة. وكما رأيت فإنّ تلك الإنجازات لربما كانت من وحي الخيال في بدايتها لكنّها أصبحت الآن حقيقةً واضحة ونجاحاتٍ باهرة.