يرى محللون أميركيون في المجالين الاقتصادي والعسكري أن التنازلات التي قدمها الرئيس الأميركي باراك أوباما لقيادات الحزب الجمهوري في الكونجرس الأميركي خلال المفاوضات التي سبقت التوصل إلى توافق حول إقرار مشاريع قوانين الإنفاق الخاصة بالحكومة الفدرالية، وفي مقدّمتها مشروع قانون نفقات وزارة الدفاع "بنتاجون"، سوف يفقده لاحقاً السيطرة على قرارات الأخيرة، ويمنح كبار القادة العسكريين المزيد من المرونة في إدارة نفقاتهم من دون الرجوع للبيت الأبيض.
ومن المبكر معرفة طبيعة التنازلات التي قدمها البيت الأبيض على وجه التحديد، ولكن المعلق الاقتصادي الأميركي المستقل أوستين رايت يرى أن القانون الخاص بنفقات وزارة الدفاع يتضمن تراجعاً عن القيود التي كان أوباما قد نجح في فرضها على مسؤولي "البنتاجون"، وحتى عن جزء من الرقابة التي يفرضها الكونجرس في العادة على بنود الإنفاق، وهو ما يعطي وزارة الدفاع صلاحيات لم تكن تتمتع بها إلا في عهد الرئيس السابق جورج بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.
وبحسب رايت، فإن قانون نفقات الدفاع الذي تم اقراره قبل ميزانية الحكومة الفدرالية كاملة قد خصص لوزارة الدفاع أرصدة تتجاوز ما طلبت، فضلاً عن أن قانون الإنفاق العسكري للسنة المالية 2015، بدا شديد الكرم مع الجنرالات، لجهة منحهم صلاحيات واسعة في شراء الكثير من الأسلحة التي لم ترد في مشروع الموازنة الأصلي. كما يمنحهم صلاحيات في التصرف في الأموال المتبقية من الاستقطاعات في موازنة الدفاع.
ولاحظ معلقون في محطات التلفزة الأميركية أن البيت الأبيض كان يحاول بكل قوة أن يتفادى توقف تمويل الحكومة الفدرالية وتكرار إصابة دوائرها بالشلل، الأمر الذي اضطر أوباما للقبول ببعض "شروط الجمهوريين المجحفة"، وهو ما اغضب التيار الليبرالي في مجلس الشيوخ الذي تقوده مرشحة الرئاسة المحتملة لعام 2016 السيناتور إليزابث تايلو.
كما أغضب بعض الجمهوريين المتشددين جداً في مسألة الإنفاق الذين يلتقون مع التيار الليبرالي فيما يتعلق بالنفقات العسكرية، ويختلفون معهم في ما عدا ذلك. وتوقع المعلقون كذلك حدوث انقسام لاحق في معسكر الجمهوريين بسبب ازدواجية البعض منهم، من حيث المطالبة بتقليل نفقات الحكومة ومشاريعها المختلفة والإصرار في الوقت نفسه على حماية الإنفاق العسكري من التقليص.
نصف الموازنة للدفاع
عندما تم الإعلان عن توصل الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس إلى اتفاق بشأن إقرار موازنة الحكومة الفدرالية الأميركية للعام المالي 2015، بنفقات تصل إلى ألف ومائة مليار دولار (1.1 ترليون)، كان من اللافت أن أكثر من نصف هذه النفقات ستلتهمها وزارة الدفاع، إذ خصصت لها الموازنة 585 مليار دولار، أي ما نسبته 53 في المائة من نفقات الحكومة الفدرالية بكامل وزاراتها وأجهزتها.
وإذا كانت دول العالم مجتمعة تنفق على جيوشها ألف وسبعمئة مليار دولار في السنة (1.7 ترليون)، فمعنى ذلك أن وزارة الدفاع الأميركية تحظى بنصيب يوازي 35 في المائة تقريباً من موازنات العالم الدفاعية، بما في ذلك الصين وروسيا ودول أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
مفاوضات ماراثونية
وبحسب وسائل الإعلام الأميركية، فانّ المفاوضات الماراثونية لإقرار الموازنة استمرت حتى ليلة السبت، ولم يعلن الاتفاق بشأن الموازنه العامة وبنود الإنفاق إلا في ساعة مبكرة من فجر الأحد. رغم أنه من النادر جداً أن يجتمع أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في يوم سبت. ولكن الاستثناء حدث لأن أوباما، ومعه كبار رجال حزبه، كان يهمهم جداً أن تقر الموازنات قبل التئام مجلس الشيوخ الجديد في يناير/كانون الثاني المقبل، تحت هيمنة الجمهوريين، الأمر الذي كان بالفعل سيعرّض الحكومة الفدرالية للإغلاق.
وكان وجود السيناتور كارل ليفن على رأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ قد ساهم في التسريع بالتوصل إلى اتفاق كونه من الديمقراطيين المؤيدين للمؤسسة العسكرية، ومن المنتظر أن يحل محله في يناير/كانون الثاني المقبل السيناتور جون ماكين، وهو جمهوري، لكنه من المطالبين بقوة بتخفيض النفقات الحكومية، ويخشاه حتى الجمهوريون أنفسهم.
ولوحظ كذلك أثناء المفاوضات أن البيت الأبيض استغل روح المقايضة السائدة، فطرح على مجلس الشيوخ الإسراع في المصادقة على تعيينات مرشحين اختارهم أوباما لشغل مناصب رفيعة دبلوماسية وغير دبلوماسية، وهو ما تم بالفعل في توقيت حرج قبل بدء عطلة الأعياد. وكان واضحاً على أعضاء مجلس الشيوخ أنهم في عجلة من أمرهم ويريدون إنجاز المهمة بسرعة للسفر إلى ولاياتهم البعيدة والقريبة كي يلتئم شملهم مع أسرهم خارج واشنطن قبل قدوم عيدي الميلاد ورأس السنة.
وقد نبّه ناشطون في مشروع الأولويات الوطنية الأميركية إلى أنه من المهم معرفة كم ستنفق وزارة الدفاع الأميركية في موازنتها للعام المالي المقبل، الذي ينتهي في نهاية سبتمبر/أيلول 2015، والأهم من الأرقام هو معرفة كيف ستنفق تلك المبالغ؟
وعلى الرغم من أن أرقام هذا العام تقل عن أرقام العامين الماضيين، غير أن مسؤولي "البنتاجون" وأنصارهم في الكونجرس يبدو عليهم الارتياح بشأن قانون الموازنة الحالية أكثر من سابقاتها، لما يتضمنه المشروع، الذي يقع في 1600 صفحة، من مرونه إزاء التصرف بتلك الأموال.
64 ملياراً للحروب الخارجية
وتضمن القانون النهائي لموازنة الدفاع نفقات تقدر بـ 585 مليار دولار، تتضمن 64 مليار دولار للحروب الخارجية، بما في ذلك الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتمويل المعارضة السورية، وفقاً لقوانين سابقة صدرت عن الكونجرس. وأصبحت خطة "البنتاجون" لتدريب وتجهيز المعارضة السورية ودعم القوات العراقية والكردية لمقاتلة "داعش" أمرا مفروضا بقوة القانون، ولم يعد مجرد خيار لإدارة أوباما. وقد خصصت خمسة مليارات دولار للحملة العسكرية ضد التنظيم في سورية والعراق.
وكانت وزارة الدفاع الاميركية قد اعترفت سابقاً بإنفاق ما يزيد عن مليار دولار منذ بدء العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش"، مشيرة إلى أن معدل تكلفة العمليات العسكرية ضد التنظيم في اليوم الواحد، تراوح ما بين 7 و10 ملايين دولار. ومن المرجح استمرار هذه الحرب لثلاث سنوات مقبلة. كما أفردت الموازنة الدفاعية مبلغ 350 مليون دولار لتمويل القبة الحديدية الإسرائيلية. ويمثل إقرار الكونجرس بمجلسيه مشروع قانون الموازنة الدفاعية والعامة تعاوناً نادراً بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي لإنجاح خطة خفض العجز التي بدأت من العام الماضي.
ومن المبكر معرفة طبيعة التنازلات التي قدمها البيت الأبيض على وجه التحديد، ولكن المعلق الاقتصادي الأميركي المستقل أوستين رايت يرى أن القانون الخاص بنفقات وزارة الدفاع يتضمن تراجعاً عن القيود التي كان أوباما قد نجح في فرضها على مسؤولي "البنتاجون"، وحتى عن جزء من الرقابة التي يفرضها الكونجرس في العادة على بنود الإنفاق، وهو ما يعطي وزارة الدفاع صلاحيات لم تكن تتمتع بها إلا في عهد الرئيس السابق جورج بوش بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.
وبحسب رايت، فإن قانون نفقات الدفاع الذي تم اقراره قبل ميزانية الحكومة الفدرالية كاملة قد خصص لوزارة الدفاع أرصدة تتجاوز ما طلبت، فضلاً عن أن قانون الإنفاق العسكري للسنة المالية 2015، بدا شديد الكرم مع الجنرالات، لجهة منحهم صلاحيات واسعة في شراء الكثير من الأسلحة التي لم ترد في مشروع الموازنة الأصلي. كما يمنحهم صلاحيات في التصرف في الأموال المتبقية من الاستقطاعات في موازنة الدفاع.
ولاحظ معلقون في محطات التلفزة الأميركية أن البيت الأبيض كان يحاول بكل قوة أن يتفادى توقف تمويل الحكومة الفدرالية وتكرار إصابة دوائرها بالشلل، الأمر الذي اضطر أوباما للقبول ببعض "شروط الجمهوريين المجحفة"، وهو ما اغضب التيار الليبرالي في مجلس الشيوخ الذي تقوده مرشحة الرئاسة المحتملة لعام 2016 السيناتور إليزابث تايلو.
كما أغضب بعض الجمهوريين المتشددين جداً في مسألة الإنفاق الذين يلتقون مع التيار الليبرالي فيما يتعلق بالنفقات العسكرية، ويختلفون معهم في ما عدا ذلك. وتوقع المعلقون كذلك حدوث انقسام لاحق في معسكر الجمهوريين بسبب ازدواجية البعض منهم، من حيث المطالبة بتقليل نفقات الحكومة ومشاريعها المختلفة والإصرار في الوقت نفسه على حماية الإنفاق العسكري من التقليص.
نصف الموازنة للدفاع
عندما تم الإعلان عن توصل الجمهوريين والديمقراطيين في الكونجرس إلى اتفاق بشأن إقرار موازنة الحكومة الفدرالية الأميركية للعام المالي 2015، بنفقات تصل إلى ألف ومائة مليار دولار (1.1 ترليون)، كان من اللافت أن أكثر من نصف هذه النفقات ستلتهمها وزارة الدفاع، إذ خصصت لها الموازنة 585 مليار دولار، أي ما نسبته 53 في المائة من نفقات الحكومة الفدرالية بكامل وزاراتها وأجهزتها.
وإذا كانت دول العالم مجتمعة تنفق على جيوشها ألف وسبعمئة مليار دولار في السنة (1.7 ترليون)، فمعنى ذلك أن وزارة الدفاع الأميركية تحظى بنصيب يوازي 35 في المائة تقريباً من موازنات العالم الدفاعية، بما في ذلك الصين وروسيا ودول أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
مفاوضات ماراثونية
وبحسب وسائل الإعلام الأميركية، فانّ المفاوضات الماراثونية لإقرار الموازنة استمرت حتى ليلة السبت، ولم يعلن الاتفاق بشأن الموازنه العامة وبنود الإنفاق إلا في ساعة مبكرة من فجر الأحد. رغم أنه من النادر جداً أن يجتمع أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي في يوم سبت. ولكن الاستثناء حدث لأن أوباما، ومعه كبار رجال حزبه، كان يهمهم جداً أن تقر الموازنات قبل التئام مجلس الشيوخ الجديد في يناير/كانون الثاني المقبل، تحت هيمنة الجمهوريين، الأمر الذي كان بالفعل سيعرّض الحكومة الفدرالية للإغلاق.
وكان وجود السيناتور كارل ليفن على رأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ قد ساهم في التسريع بالتوصل إلى اتفاق كونه من الديمقراطيين المؤيدين للمؤسسة العسكرية، ومن المنتظر أن يحل محله في يناير/كانون الثاني المقبل السيناتور جون ماكين، وهو جمهوري، لكنه من المطالبين بقوة بتخفيض النفقات الحكومية، ويخشاه حتى الجمهوريون أنفسهم.
ولوحظ كذلك أثناء المفاوضات أن البيت الأبيض استغل روح المقايضة السائدة، فطرح على مجلس الشيوخ الإسراع في المصادقة على تعيينات مرشحين اختارهم أوباما لشغل مناصب رفيعة دبلوماسية وغير دبلوماسية، وهو ما تم بالفعل في توقيت حرج قبل بدء عطلة الأعياد. وكان واضحاً على أعضاء مجلس الشيوخ أنهم في عجلة من أمرهم ويريدون إنجاز المهمة بسرعة للسفر إلى ولاياتهم البعيدة والقريبة كي يلتئم شملهم مع أسرهم خارج واشنطن قبل قدوم عيدي الميلاد ورأس السنة.
وقد نبّه ناشطون في مشروع الأولويات الوطنية الأميركية إلى أنه من المهم معرفة كم ستنفق وزارة الدفاع الأميركية في موازنتها للعام المالي المقبل، الذي ينتهي في نهاية سبتمبر/أيلول 2015، والأهم من الأرقام هو معرفة كيف ستنفق تلك المبالغ؟
وعلى الرغم من أن أرقام هذا العام تقل عن أرقام العامين الماضيين، غير أن مسؤولي "البنتاجون" وأنصارهم في الكونجرس يبدو عليهم الارتياح بشأن قانون الموازنة الحالية أكثر من سابقاتها، لما يتضمنه المشروع، الذي يقع في 1600 صفحة، من مرونه إزاء التصرف بتلك الأموال.
64 ملياراً للحروب الخارجية
وتضمن القانون النهائي لموازنة الدفاع نفقات تقدر بـ 585 مليار دولار، تتضمن 64 مليار دولار للحروب الخارجية، بما في ذلك الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وتمويل المعارضة السورية، وفقاً لقوانين سابقة صدرت عن الكونجرس. وأصبحت خطة "البنتاجون" لتدريب وتجهيز المعارضة السورية ودعم القوات العراقية والكردية لمقاتلة "داعش" أمرا مفروضا بقوة القانون، ولم يعد مجرد خيار لإدارة أوباما. وقد خصصت خمسة مليارات دولار للحملة العسكرية ضد التنظيم في سورية والعراق.
وكانت وزارة الدفاع الاميركية قد اعترفت سابقاً بإنفاق ما يزيد عن مليار دولار منذ بدء العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش"، مشيرة إلى أن معدل تكلفة العمليات العسكرية ضد التنظيم في اليوم الواحد، تراوح ما بين 7 و10 ملايين دولار. ومن المرجح استمرار هذه الحرب لثلاث سنوات مقبلة. كما أفردت الموازنة الدفاعية مبلغ 350 مليون دولار لتمويل القبة الحديدية الإسرائيلية. ويمثل إقرار الكونجرس بمجلسيه مشروع قانون الموازنة الدفاعية والعامة تعاوناً نادراً بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي لإنجاح خطة خفض العجز التي بدأت من العام الماضي.