يتركز الحديث في تونس على المساعي الأوروبية لإنشاء مراكز ومخيمات لاستقبال المهاجرين فيها في خطوة غير مسبوقة، عززتها زيارات مسؤولين من منطقة اليورو وفاعلين في الاتحاد الأوروبي لتونس، بهدف محاربة الهجرة غير الشرعية.
ووصل وفد حكومي بلجيكي رفيع المستوى إلى تونس أمس الاثنين، يضم وزير الداخلية والأمن ونائب الوزير الأول البلجيكي يان يمبون، ووزير الدفاع ستيفن فاندوبيت، وكاتب الدولة للهجرة البلجيكي تيو فرانكن، في إطار توقيع مذكرة التفاهم للتعاون في مجال الهجرة والتنمية المتضامنة بين البلدين، بحسب ما كشفه كاتب الدولة للهجرة التونسي عادل الجربوعي.
ويبدو أن زيارة على هذا المستوى من التمثيل، تتجاوز خطوة توقيع مذكرة تفاهم إلى أبعاد إقليمية ما زالت تطبخ على نار هادئة، وترجئ حكومتا البلدين الإعلان عنها إلى حين.
كما يمكن لبروكسل العاصمة السياسية للاتحاد الأوروبي أن تنجح في وضع اللمسات الأخيرة لمشروع الحلم الأوروبي بتخفيف ضغط اللاجئين عنها، من خلال زرع نواة مراكز ومخيمات لإيواء آلاف الوافدين إليها في تونس، وذلك بمقابل مساعدة تونس اقتصادياً لتجاوز الأزمة الخانقة التي تمر بها.
وتشير صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية إلى أن الهدف من زيارة الوفد البلجيكي إلى تونس، بحث ملف الهجرة غير الشرعية وإنشاء مخيمات للاجئين على الأراضي التونسية، معتبرة أن هذه الزيارة تؤذن ببدء مباحثات مع الحكومة التونسية، بشأن إقامة مراكز لاستقبال اللاجئين غير الشرعيين الذين يُضبطون في البحر المتوسط.
وفي هذا السياق، نقلت نفس الصحيفة عن وزير الداخلية البلجيكي قوله إن "المهاجرين غير الشرعيين باتوا يهددون دول الاتحاد الأوروبي، وعليه لا بد من إيجاد بلد شمال أفريقي لتنفيذ هذا المشروع"، ما يؤشر إلى أن الزائرين سيسعون بكل الوسائل إلى تنفيذ هذا المشروع المأمول أوروبياً، والمرفوض مغاربياً.
ويعد ملف إيواء اللاجئين من المهاجرين غير الشرعيين هاجس أوروبا الأكبر، والملف الذي لا يغيب عن مفاوضاتها مع دول جنوب المتوسط، حتى باتت المقايضة مكشوفة بين الطرفين. وتسعى القارة العجوز إلى شراء أمنها واستقرارها وغلق حدودها مقابل تقديمها الدعم الاقتصادي والمالي والأمني لتلك الدول.
وفي هذا السياق، طرح وفد لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي لدى زيارته تونس اليوم، ولقائه قادة البلاد من الحكومة ورئيس البرلمان، ملف دعم البرلمان الأوروبي لتونس اقتصادياً، دون إخفاء مخاوف أوروبا من تواصل تدفق المهاجرين غير الشرعيين. وهو الخطاب نفسه الذي نقله في أقل من أسبوع المفوض الأوروبي لسياسة الجوار والتوسع جوهانس هان، الذي ترأس وفداً إلى تونس الخميس الماضي، ونقل مخاوف أوروبا وهواجسها إلى رئيس البلاد الباجي قايد السبسي، ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.
الطرح الأوروبي يقابله جدل كبير بشأن مراكز تجميع المهاجرين غير الشرعيين في البلدان المغاربية، غير أن شعوب تلك الدول لم تستسغ التوجه الأوروبي وقابلته برفض واسع.