وتكشف تقارير أوروبية أن "هناك مطالبات بتغيير آلية العمل والقيام بإصلاحات في سياسة الهجرة واستقبال اللاجئين داخل أوروبا". وتُعدّد المطالبات ومنها "مضاعفة جهود عمليات الإنقاذ البحري عبر القيام بدوريات مكثفة لخفر السواحل الأوروبية على طول البحر المتوسط المقابل لبلدان العبور، بدلاً من أن تقتصر العمليات على نقاط محددة". ذلك لأن مهمة فرق الإنقاذ البحري الأوروبية عادة لا تشمل سواحل شمال أفريقيا البعيدة نسبياً عن السواحل الأوروبية، وستتمكن بالتالي، وفقاً للمطالبات الجديدة، من المساعدة في انتشال الجثث العالقة في تلك المنطقة.
كذلك تطاول الإصلاحات "تسيير السفن للقيام بإجلاء اللاجئين بدلاً من اعتمادهم على الزوارق المتهالكة، للحؤول دون وقوع كوارث جديدة. على أن يتم تمويل تلك العمليات من دول الاتحاد الأوروبي، والتي تبيّن أنها لا تزال تقدم القليل، مقارنة مع الحاجات التي تتطلّبها تلك المهمات"، علماً أن ما يُقدّم يومياً لبعض القطاعات الأوروبية، يناهز ما يقدمه الاتحاد سنوياً للمساعدة في مهمة إنقاذ اللاجئين.
اقرأ أيضاً: للمرّة الأولى: أغنية بلا لحن ولا كلمات.. تجتاح أوروبا
وتستند مطالبة دول الاتحاد الأوروبي بتحمّل مسؤولياتها إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار بمعادلة تقوم على أن "استمرار صفقات تصدير الأسلحة إلى دول النزاعات سيؤدي إلى تزايد في أعداد اللاجئين". وكشفت مجلة "دير شبيغل" الألمانية في هذا الصدد أن "إجمالي تصدير الأسلحة من ألمانيا إلى العالم العربي وشمال أفريقيا بلغ هذا العام 587 مليون يورو، بعد أن كان في العام الماضي 219 مليوناً. بالتالي فإن على الاتحاد الأوروبي بذل كل الجهد حالياً من أجل إعادة الاستقرار لتلك الدول، بعدما ساهم، في وقت من الأوقات، في تقديم الدعم للأنظمة الدكتاتورية في تلك البلدان".
وعدا عن المطالبات فإن بعض الدول الأوروبية يقترح العمل بآلية محددة من أجل توزيع عادل للاجئين، على أن تقوم تلك الدول بالالتزام بشكل كامل بتعهّداتها تجاه الاتحاد، وتحديد تكلفة تلك العمليات ليُصار في ما بعد إلى زيادة مخصصاتها المادية. كذلك يقترح بعض الدول الأوروبية أيضاً "المساهمة في مساعدة الأشخاص في أول مكان يفرّون إليه"، وفق ما ذكر وزير التنمية الألمانية غيرد مولر، عندما طالب أخيراً بـ"دعم الدول المجاورة لسورية بعشرة مليارات يورو لمواجهة تلك الأزمة".
كذلك طُرحت فكرة "إنشاء مخيمات للاجئين داخل دول أوروبا الشرقية"، والتي تُعاني أصلاً من هجرة مواطنيها. ويقترح بعض الدول "العمل مع القطاع الخاص وأصحاب المشاريع للاستفادة من وجود اللاجئين، وبناء عدد من المصانع والمعامل". ودعت إلى التركيز على الصناعات الزراعية ومشتقاتها، على أن يتم تمويل المشاريع من المفوضية الأوروبية، حتى يتمّ تأمين العمل والاستقرار لهذه الشريحة من اللاجئين.
مع العلم أن المفوضية الأوروبية أقرّت هذا الشهر 23 برنامجاً للتعامل مع ملف الهجرة واللجوء، والتي سيتم العمل بها خلال السنوات المقبلة وتبلغ قيمتها 2.4 مليار يورو، يتمّ توزيعها على الدول الأعضاء، تحديداً الدول التي تعاني من تدفق واستقبال اللاجئين.
وتكمن المهمة الأساس في تأمين ممرّات عبور إنساني عند الحدود، والتي يصل عبرها اللاجئون بين ليبيا وصقلية في إيطاليا، لقطع الطريق على المهرّبين من الاستغلال والاتجار بالبشر، وبالتالي تأمين وصولهم بالطرق الآمنة إلى أوروبا. بالإضافة إلى العمل على السماح بـ"العبور القانوني"، بإقامة مراكز استقبال على الأراضي الأوروبية والبتّ بطلبات اللجوء في أسرع وقت، بعد استبعاد فكرة إنشاء مثل تلك المراكز في دول أفريقية، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية هناك، وعدم إمكانية السلطات الرسمية تأمين حمايتها وضبطها.
وكان المفوّض الأوروبي لشؤون الهجرة ديمتري أفراموبولوس، قد ذكر في وقتٍ سابق، أن "الاتحاد الأوروبي قائم على مبدأ التضامن، ويتعيّن علينا تنظيم أوضاعنا لمواجهة هذه المعضلة بطريقة لائقة وحضارية، في ظلّ ما تشهده الدول الأوروبية من تدفق للمهاجرين غير الشرعيين". ورأى أن "العالم يواجه في الوقت الحالي أسوأ أزمة للاجئين منذ الحرب العالمية الثانية".
وفي السياق، دعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في حديثٍ للقناة الألمانية الثانية في 16 أغسطس/ آب، الدول الأوروبية إلى "إيجاد تقديرات مشتركة وتوحيد المعايير في التعامل مع الوافدين من اللاجئين، تفادياً لتفاقم المشكلة مستقبلاً". ولفتت إلى أنه "من المرجح أن قضية اللاجئين ستشغل الأوروبيين أكثر بكثير من اليونان واستقرار اليورو".
اقرأ أيضاً: هكذا يتوزّع اللاجئون في ألمانيا