يبدو أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد كسبا، أخيراً، "موقعة" أوكرانيا، بعدما أحرزت المعارضة هناك، إلى الآن، تقدماً أفضى إلى تشكيل نظام مؤقت يقود البلاد.
وما إن تحولت المؤشرات التي كانت تتجه ناحية روسيا بدفع الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش إلى عكس اتجاهها، حتى انهالت على الدولة، المتأزمة اقتصادياً، عروض بمساعدات مالية أوربية وأميركية ودولية ضخمة لن تقلّ، وفق محللين، عن المساعدات التي رصدتها روسيا لأوكرانيا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي والمقدّرة بنحو 15 مليار دولار.
وقال جورج أوزبورن، وزير المالية البريطاني، اليوم الاثنين، إن بريطانيا مستعدة لتقديم دعم لأوكرانيا من خلال برامج لصندوق النقد الدولي والاتحاد الاوروبي.
وأضاف أوزبورن للصحافيين في سنغافورة: "يجب أن نكون هناك مستعدين لتقديم المساعدة المالية من خلال منظمات مثل صندوق النقد الدولي، وبالطبع الكثير من ذلك سيأخذ شكل قروض وما شابه ذلك، ولكن ستكون هناك استثمارات جيدة في اقتصاد أوكرانيا".
وقالت القيادة الجديدة في أوكرانيا، اليوم الاثنين، إنها تحتاج إلى مساعدات خارجية بقيمة 35 مليار دولار على مدى العامين المقبلين، وطلبت الحصول على مساعدة عاجلة بعد عزل الرئيس.
وأعلنت وزارة المالية أنها دعت إلى عقد مؤتمر للمانحين وأنها تحتاج أول المساعدات في غضون أسبوع أو أسبوعين. وقال أولكسندر تيرتشينوف، الرئيس المؤقت الذي تم تعيينه بعدما عزل البرلمان الرئيس فيكتور يانوكوفيتش يوم السبت، إن أوكرانيا توشك على التخلّف عن سداد ديونها وإن الاقتصاد يتجه نحو الهاوية.
وقال وزير المالية المؤقت، يوري كولوبوف، في بيان: "على مدى اليومين الماضيين أجرينا مشاورات واجتماعات مع سفراء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى ومؤسسات مالية بشأن تقديم مساعدات مالية عاجلة لأوكرانيا".
وقال إن المؤتمر الدولي للمانحين يجب أن يشارك فيه ممثلون للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي. ويتعيّن على أوكرانيا سداد مدفوعات ديون تقارب ستة مليارات دولار هذا العام.
وتحدث تيرتشينوف، في خطاب إلى الشعب يوم الأحد، عن ضخامة المهمة الملقاة على عاتق القيادة الجديدة، وقال إن استعادة الاستقرار الاقتصادي أولوية.
وتعهدت القيادة المؤقتة في أوكرانيا، أمس الأحد، بإعادة البلاد إلى مسار الاندماج مع أوروبا الآن بعد عزل الرئيس فيكتور يانوكوفيتش الذي كانت تدعمه موسكو.
ومنذ رفض الرئيس يانوكوفيتش في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي توقيع اتفاقات شراكة مع الاتحاد الاوروبي من أجل التقارب مع روسيا، تغرق البلاد في أزمة عميقة إثر موجة احتجاجات كبرى.
وستسافر كاثرين آشتون، مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الاوروبي، الى أوكرانيا اليوم الاثنين، حيث من المتوقع أن تناقش إجراءات تعزيز الاقتصاد المتعثر.
وكانت آشتون قد أعلنت، أمس، أن الاتحاد يحضّر مع الولايات المتحدة برنامج مساعدة مالية لأوكرانيا.
ولم تحدد آشتون حجم المساعدات التي من المقرر أن يتم صرفها لأوكرانيا في شكل قروض أو استثمارات، لكن السلطات الأوكرانية قدّرت الحجم الكلي للمساعدات المالية التي يحتاجها الاقتصاد الأوكراني بقيمة 35 مليار دولار تقدم خلال العامين الحالي والمقبل.
وقالت آشتون إن الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة "يضعان خطة لمعرفة ما يمكن أن نقوم به اعتباراً من الآن في مختلف قطاعات الاقتصاد من أجل تحسين الأمور".
وأضافت، في مقابلة نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" على هامش مؤتمر ميونيخ حول الامن، إن المساعدة لن تكون مؤلفة فقط من المال. وأشارت الى احتمال تقديم "ضمانات" مالية ومساعدات للاستثمار أو حتى دعم العملة الاوكرانية لضمان استقرارها.
واقترحت وزارة المالية والبنك المركزي، بالإضافة إلى رئيس البرلمان الأوكراني أولكسندر تورتشينوف، على الشركاء الدوليين، ولا سيما بولندا والولايات المتحدة، تقديم قرض لأوكرانيا خلال الأسبوع أو الأسبوعين المقبلين.
واستغلت روسيا الأزمة المالية التي تمر بها أوكرانيا لتعزيز التقارب منها على حساب الاتحاد الأوروبي، بعدما عرضت موسكو على كييف شراء سندات أوكرانية بقيمة 15 مليار دولار وخفض سعر الغاز الذي تبيعه إليها بنحو الثلث، وهو ما يمكن أن يوفّر على كييف نحو 7 مليارات دولار سنوياً.
واشترت روسيا بالفعل ثلاثة مليارات دولار من السندات الأوكرانية في ديسمبر/ كانون الأول لتخفيف الأزمة الخانقة التي تعاني منها البلاد.
في المقابل، أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده المتحفظ لتلبية مطالب كييف، في حينه، إذ كانت كل المؤشرات تؤكد أن الرئيس فيكتور يانوكوفيتش يتجه ببلاده إلى أحضان الدب الروسي.