شهدت العاصمة اليمنية صنعاء، ليل السبت الأحد، أول اشتباك بين مسلحي "جماعة أنصار الله" (الحوثيين) وحلفائهم من الموالين لعلي عبدالله صالح، في مشهد قد يتجدد ويتطور ربما إلى حرب مرتقبة، أو قد يمثل إنذاراً يدفع الحليفين إلى طاولة الحوار والتفاهم.
وأدت الاشتباكات في منطقة المصباحي القريبة من مقر دار الرئاسة اليمنية في صنعاء، إلى مقتل خمسة أشخاص بينهم ضابط رفيع، وإصابة آخرين. ونتج عن الاشتباكات توتر أمني واستنفار للحوثيين وقوات صالح، طوال نهار أمس، لكن الأجواء عادت واتسمت بهدوء حذر مساءً، بعد اتصالات جرت بين الطرفين لاحتواء الوضع.
وأوضحت مصادر محلية في صنعاء أن التوتر كان قد بدأ منذ أيام عندما شرع الحوثيون بنشر أطقم مسلحة ونقاط تفتيش جديدة في مناطق متفرقة من العاصمة، وصولاً إلى حي حدة، والمناطق القريبة من ميدان السبعين، والتي تعتبر من أبرز مراكز نفوذ وحضور صالح والقوات الموالية له. وهناك يقع أيضاً منزل النجل الأكبر لصالح، الموجود في الإمارات، أحمد علي عبدالله صالح. وتابعت المصادر أن هذه الأجواء من التوتر تطورت للمرة الأولى إلى اشتباكات مسلحة اعتباراً من مساء السبت.
وأشارت رواية الحوثيين إلى أن المسلحين الموالين لصالح هاجموا حاجز التفتيش الذي أقامته "الجماعة" في المصباحي، ما أدى إلى مقتل اثنين من أفراد النقطة، وأعقب ذلك اشتباكات، قبل أن تصل تعزيزات من قوات الأمن لاحتوائها. وفي المقابل، ذكرت مصادر غير رسمية، قريبة من حزب صالح، أن الحوثيين اعترضوا سيارة كانت تقل أحد أبناء صالح، وهو صلاح، وأن الاشتباكات جرت مع حراسته، وسط أنباء عن تعرضه لإصابات طفيفة جراء الاشتباكات.
في وقت لاحق، أكدت الأنباء أن قيادياً بارزاً في حزب صالح وفي القوات الموالية له، قضى برصاص قناصة، في منطقة الاشتباكات ذاتها، وهو نائب رئيس الدائرة السياسية في حزب "المؤتمر الشعبي"، خالد أحمد الرضي، والذي كان في السابق قائداً عسكرياً في قوات النخبة اليمنية (القوات الخاصة المعروفة بالولاء لصالح).
وأكدت مصادر قريبة من الطرفين لـ"العربي الجديد"، أن قيادات في "الجماعة" وأخرى في حزب صالح، قامت باتصالات مكثفة لاحتواء التوتر، بعد انتشار عسكري كبير في مناطق جنوب العاصمة وفي حي حدة على نحو خاص، للموالين لصالح، بالإضافة إلى الانتشار المسبق الذي عززه الحوثيون، لتبدو صنعاء أقرب من أي وقت مضى، إلى ساحة مواجهة مسلحة بين شريكي الانقلاب. وتشير المعلومات إلى أنه تم الاتفاق على سحب الاستحداثات العسكرية من الطرفين، لتجنب تجدد الصدام.
الجدير بالذكر أن الحوثيين بدأوا منذ الأسبوع الماضي تصعيداً بحشد مسلحيهم إلى مداخل صنعاء تحت مسمى "رفد الجبهات"، وكذلك "مواجهة التصعيد بالتصعيد"، رداً على تحضيرات حزب صالح لمهرجان ذكرى تأسيسه الـ35 في ميدان السبعين بصنعاء، يوم الخميس الماضي، وهي الفعالية التي مرت بسلام. لكن الوضع كان جاهزاً للانفجار بأي لحظة، وجرى تنظيم المهرجان في ظل انتشار أمني وعسكري مكثف للقوات الموالية لصالح على مداخل ميدان السبعين ومحيطه. وما إن انتهى المهرجان حتى أقام الحوثيون استعراضاً عسكرياً بعشرات الأطقم المسلحة (تردد أن عددها 300 طقم مسلح)، قاموا بتسييرها من مناطق فعالياتهم بمداخل صنعاء مروراً بميدان السبعين، حيث نُظم مهرجان ذكرى تأسيس حزب المؤتمر.
وبالنظر إلى مختلف المعطيات، رأى محللون أن التطورات الأخيرة، وتحديداً المواجهات في منطقة المصباحي في حي حدة، مرشحة للتجدد ليس بالضرورة في المنطقة ذاتها، ولكن قد يكون ذلك في مناطق أخرى، أو على نحو أوسع، ذلك أن طرفاً يسعى ليكون صاحب القرار الأول داخل العاصمة. وعلى الرغم من انتشار الحوثيين بكثافة في شوارع متفرقة بالعاصمة، إلا أن الانتشار المقابل، والذي بدأ مساء السبت وفجر الأحد، لموالين لصالح، قد خلق حالة من توازن الرعب تُفضي إلى التهدئة حتى إشعار آخر، أو المواجهة مجدداً، وكل ذلك تبقى تفاصيله مفتوحة على تطورات الأيام والأسابيع القليلة المقبلة.
في غضون ذلك، عقد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في مقر إقامته بالعاصمة السعودية الرياض، اجتماعاً مع هيئته الاستشارية بحضور نائبه الفريق علي محسن الأحمر، ورئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر. وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية بنسختها التابعة للشرعية، بأن هادي قدم خلال الاجتماع صورة موجزة عن مختلف تطورات البلاد، من دون أن تشير الوكالة إلى ما يتعلق بالتطورات الحاصلة في صنعاء.