مع ذلك، فإن إشارة بيلوسي إلى التهمة أثارت هواجس البيت الأبيض. كلامها الاتهامي الذي صدر عنها للمرة الأولى، بدا كمؤشر لاقتراب البدء في محاكمة الرئيس.
ومع أن رئيسة المجلس ليست متحمسة، حتى الآن، للمباشرة بهذا الإجراء، خلافاً لفريق كبير من حزبها داخله، لكن ملاحظتها أغاظت ترامب، الذي ردّ بنسف لقاء مع وفد من مجلسي الكونغرس كانت بيلوسي من ضمنه، بعد وصوله إلى البيت الأبيض.
وخاطب ترامب المدعوين بلغةٍ لا تخلو من التأنيب، معلناً مقاطعته للديمقراطيين في مجلس النواب ووقف التعامل والتعاون معهم في الإطار التشريعي، ما لم يتوقفوا عن متابعة التحقيقات وإصدار الاستدعاءات والملاحقات القضائية ضده. وفي ذلك تهديد بوقف العمل الحكومي الذي يحتاج إلى قوانين وقرارات مالية وموافقات من مجلسي الكونغرس معاً، وبما يهيئ الساحة لمأزق حكم تعاظمت احتمالاته في الأيام الأخيرة.
فالطوق يضيق حول البيت الأبيض، بعد دخول القضاء على خط حرب الرئيس مع الكونغرس. القاضي الفدرالي في واشنطن استجاب، أول من أمس، لطلب اللجنة المعنية في مجلس النواب، وأمر بتسليمها السجلات المالية لأعمال ترامب خلال سنوات سابقة. قاضٍ آخر في نيويورك قضى، أمس، بإلزام "دويتشه بنك" تسليم اللجنة المالية في مجلس النواب، الوثائق المتعلقة بمعاملاته المالية في السنوات الماضية مع ترامب وإمبراطورية أعماله. ترافق ذلك مع صدور قانون خاص في ولاية نيويورك التي يقيم فيها الرئيس، يسمح لدائرة الضريبة في الولاية بتزويد الكونغرس بالبيانات الضريبية التي سبق وقدمها ترامب للولاية.
الكشف عن أوضاع ترامب المالية قاومه الأخير منذ البداية، لأسباب غير واضحة. ربما لحجب مصادر التمويل، أو لئلا يتضح أمر المبالغة في حجم الثروة. ويبدو أنه في طريقه لخسارة الجولة في المحكمة حول بياناته الضريبية الفدرالية التي طالما مانع في وضعها بحوزة الكونغرس. وقد يجبره القضاء على التراجع عن اعتراضه على دعوة بعض معاونيه السابقين إلى المثول أمام اللجان والإدلاء بإفاداتهم تحت قسم اليمين.
Twitter Post
|
وفي ضوء هذه الخسائر، بدأت وزارة العدل تتراجع عن رفضها إطلاع لجان المجلس على بعض الوثائق والمستندات التي ارتكز عليها المحقق مولر في تقريره. كفة الميزان القانوني تبدو راجحة أكثر فأكثر لصالح خصوم الرئيس في مجلس النواب. ومعها تتزايد مطالبة المجلس بمباشرة محاكمة الرئيس. احتمالٌ رفع من منسوب التأزم في البيت الأبيض، والذي انعكس في صورة توتر غير مألوف في تعامل الرئيس مع وفد الكونغرس.
Twitter Post
|
وأثارت طريقة ترامب من الدهشة بقدر ما زادت من التخوف من انزلاق الوضع إلى المجهول، ليس فقط على الصعيد الداخلي، بل أيضاً الخارجي. ففي هذه الفورة "نخشى لجوء الرئيس إلى تفجير الوضع مع إيران"، كما قال السناتور كريس كوونز. ومخاوفه بدت أنها تعكس أجواء كثيرين في الكونغرس. السناتور كريس مورفي طرح، بالاشتراك مع عدد من زملائه، تعديلا ملحقا بمشروع قانون، ينص على قطع التمويل عن أي عمل عسكري يحصل ضد إيران من دون استشارة الكونغرس.
ويبدو أن ذلك مرتبط أيضاً بما تردد، أمس، في واشنطن عن خطة لإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى المنطقة إذا اقتضت الحاجة. فالأزمة الداخلية السائرة باتجاه المزيد من التعقيد والانكشاف، لا يستبعد تصديرها إلى الخارج، للتخلص من ضغوطها.