يوماً تلو الآخر يتأزم الموقف المصري في المفاوضات الخاصة ببناء سد النهضة الإثيوبي، لخفض التأثيرات السلبية على حصة مصر من مياه النيل. وقالت مصادر إثيوبية على صلة بملف سد النهضة، إن أديس أبابا بدأت فعلياً ملء خزان السد مع بداية شهر يوليو/تموز الحالي، نظراً لكونه بداية موسم الفيضان.
وتأتي الخطوة الإثيوبية في ظل استمرار الخلافات الفنية بين القاهرة وأديس أبابا، وسط تجاهل رسمي إثيوبي للمطالب الرسمية باستكمال الدراسات الفنية للتأثيرات السلبية للسد على دولتي المصب مصر والسودان.
يأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه مصادر دبلوماسية مصرية عن عدم تجاوب أديس أبابا مع وساطات قامت بها أطراف عربية أخيراً، من أجل تسهيل المفاوضات بين الجانبين لإتمام الدراسات الفنية. وقالت المصادر، التي أبدت استياءها من الإدارة الرسمية لملف السد من الجانب المصري، إن الأزمة الكبرى تمثلت في توقيع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على اتفاق المبادئ الذي سمح لإثيوبيا باستكمال بناء السد، لافتة إلى أن مصر لم تعد تملك سوى دور المتفرج بعدما فقدت أوراق الضغط في هذا الملف.
وحول الخيار العسكري للجانب المصري، أوضحت المصادر أنه "بات في غاية الصعوبة، لأنه سيكون له تداعيات دولية لن تستطيع القاهرة مواجهتها". وقالت إن "الجانب الإثيوبي يسعى لفرض سياسة الأمر الواقع على مصر، خصوصاً بعدما بدأ فعلياً في ملء الخزان وفقاً لرؤيته المنفردة التي تتضمن ملء الخزان خلال 3 سنوات، في حين تسعى مصر لزيادة الفترة لتتراوح بين 7 و11 عاماً". وتقدر السعة الاستيعابية لخزان السد بنحو 74 مليار متر مكعب من المياه، فيما توضح المصادر أن إصرار أديس أبابا على موقفها سيتسبب في خسائر فادحة لمصر، تشمل جفاف مئات الآلاف من الأفدنة، إضافة إلى عجز شديد في تلبية الاحتياجات المصرية من المياه خلال فترة ملء الخزان.
واجتمع، السبت الماضي، وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مع نظيره الإثيوبي، وركنا جيبيو، على هامش اجتماعات المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا لبحث التطورات الخاصة بسد النهضة ومسار أعمال اللجنة الفنية الثلاثية المعنية بمتابعة الدراسات الخاصة بتأثير السد. وطالب شكري نظيره الإثيوبي، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، بضرورة إتمام المسار الفني الخاص بدراسات سد النهضة وتأثيره على مصر في أسرع وقت، وإزالة أية عقبات قد تعيق إتمام هذا المسار لتسهيل الانتهاء من الدراسات المطلوبة في موعدها المقرر من دون أي تأخير. وأكد شكري لجيبيو أن مصر هي الطرف الرئيسي الذي يمكن أن يتضرر من استكمال بناء السد وبدء تشغيله من دون أخذ المخاوف المصرية بعين الاعتبار. وطالب شكري نظيره الإثيوبي بعقد اجتماع فوري للجنة الفنية الثلاثية على المستوى الوزاري بين مصر والسودان وإثيوبيا، لإعطاء التوجيهات اللازمة للجنة الفنية لاتخاذ القرار المناسب تجاه التقرير الاستهلالي الذي قدمه المكتب الاستشاري، والذي لم تتفق اللجنة عليه حتى الآن، وذلك لضمان السير قدماً في إعداد الدراسات وفقاً للإطار الزمني المتفق عليه. كما طالبه بالتجاوب مع المطلب المصري لتسهيل عقد الاجتماع على المستوى الوزاري في أسرع وقت.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، إن وزير الخارجية أكد لنظيره الإثيوبي أن اتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان، يؤكد بكل وضوح ضرورة الالتزام بنتائج الدراسات الخاصة بتأثيرات السد المحتملة على دولتي المصب، لتحديد فترة ملء خزان السد وأسلوب تشغيله سنوياً، ومن ثم فإن إضاعة المزيد من الوقت، من دون إتمام الدراسات في موعدها، سيضع الدول الثلاث أمام تحديات جسام، وبالتالي فإن الأمر يتطلب التدخل السياسي من أجل وضع الأمور في نصابها لضمان استكمال المسار التعاوني الفني القائم.