ويتعلق الأمر بثالث محاولة تفكيك لهذا المعسكر في غضون 6 أسابيع. ولهذا السبب كانت التعزيزات البوليسية كبيرة، نحو 20 شاحنة درك و11 شاحنة شرطة، إضافة إلى شاحنتي شرطة من الصنف الذي ينقل فيه السجناء، كما أحضرت السلطات نحو 40 حافلة لنقل عائلات المهاجرين ثم الأفراد.
وبدأت عملية الإجلاء في الساعة السابعة والنصف صباحاً، وخاصة في معسكر يحمل اسم بُويتُوك، وتقيم فيه أغلبية من الأكراد العراقيين. أما مجموع الموجودين في أرجاء منطقة غراند- سانت، فيتجاوز رقم 1800 شخص.
وسيتمّ نقل هؤلاء المهاجرين، في البداية، إلى ثلاثة مراكز رياضية في مدينة السوم (Somme)، قبل أن يتم توزيعهم على مراكز استقبال وتوجيه مختلفة ومتباعدة.
وليست المرة الأولى التي تتعرض فيها معسكرات المهاجرين في هذه المنطقة للإخلاء والتفكيك، فقد تم إجلاء 539 مهاجرا في السادس من سبتمبر/أيلول الماضي، ثم جرى إجلاء نحو 500 شخص يوم 28 سبتمبر/أيلول الماضي.
ولكن ما حدث اليوم يأتي بعد تولي كريستوف كاستانير، القيادي في "الجمهورية إلى الأمام" والمقرب من رئيس الجمهورية، منصب وزارة الداخلية.
وكان كريستوف كاستانير قد أوضح معالِم سياسته، لصحيفة لوجورنال دي ديمانش، يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول، والمتمثلة في "تعبئة مستمرة من أجل التحكم في تدفق المهاجرين". وشدد على تنفيذ "قانون اللجوء والهجرة"، الذي صادق عليه البرلمان أخيرا، لكنه استدرك بأنه "مقابل التشدد، فإن فرنسا لن تعوزها الإنسانية، وستزيد من إمكانات الاستيعاب في مراكز الاستقبال بزيادة 3500 مكان لطالبي اللجوء".
وكان وزير الداخلية كريستوف كاستانير، الذي سيحل في السابعة والنصف من مساء اليوم بمدينة غراند-سانت، حيث تمت عملية الإخلاء، قد تحدّث عن وجود متاجرين بالبشر في هذا المعسكر، يقومون بإخضاع سكان المعسكر لـ"حياة فظيعة"، وهو ما "سيضطر وزارة الداخلية، بالتنسيق مع الجماعات المحلية، لإخلائه". وتوعّد الوزير الجديد للداخلية بإبعاد كل من رُفِضت طلبات لجوئهم خارج فرنسا، قائلا: "ليس من المعقول أن يظل هؤلاء الذين رفضت طلبات لجوئهم وكذلك الأجانب الذين لا يمتلكون وثائق إقامة قانونية، على أراضينا".
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من سكان هذا المعسكر سبق إجلاؤهم في مرات سابقة، حيث غادروا مراكز الاستقبال والتوجيه التي كانوا فيها، إضافة إلى مهاجرين آخَرين جدد يصلون تباعاً. وتؤكد مختلف الجمعيات التي تقدم العون والمشورة لهم أن أغلبيتهم، وخاصة العائلات، من أصول كردية عراقية، وأنهم رفضوا كل عروض السلطات الفرنسية بتعليم أبنائهم وتقديم طلب اللجوء في فرنسا، لأن حلمهم الأوحد هو اللحاق ببريطانيا العظمى، وهو ما يثير لُعاب مهرّبي وتجار البشر الموجودين في المكان وفي مدينة وميناء دانكيرك.
وإذا كان الجميع، من جمعيات وجماعات محلية وأيضا وزارة الداخلية، لا يشكون، لحظة، في عودة الكثير من هؤلاء المهاجرين لهذه المنطقة، فإن العمدة الإيكولوجي لمدينة غراند-سانت، داميان كاريم، لا يخفي استعداده لإعادة فتح "معسكر لينيير"، الذي احترق في ظروف غامضة ومشبوهة سنة 2017، والذي كان يستقبل في أرجائه أكثر من 1500 مهاجر ولاجئ. وكان هذا المعسكر مثالا رائدا وناجحا، باعتراف جمعيات إنسانية وطبية، في استقبال وإدماج إنسانيّ وأخويّ للمهاجرين، قبل أن تلتهمه النيران.