إدوارد وليم لين.. كيف يُحكم الناس

31 أكتوبر 2017
(تمثال لـ إدوارد لين بملابس عربية في لندن)
+ الخط -

"القاهرة قبل خمسين عاماً" عنوان الكتاب الذي ألّفه المستشرق الإنكليزي إدوارد وليم لين (1801 – 1876)، ونُشر بعد رحيله بعقدين، ضمن سلسلة تصوّر الحياة الاجتماعية في مصر آنذاك، ولم يصدر منها سوى ثلاثة أعمال فقط.

عاد الاهتمام بنقل كتبه إلى العربية في السنوات الأخيرة، إذ صدر مؤخّراً هذا الكتاب بعنوان آخر هو "القاهرة منتصف القرن التاسع عشر" عن "الدار المصرية اللبنانية" بترجمة أحمد سالم سالم، وبتقديم من ابن شقيقته عالم الآثار الإنكليزي ستانلي لين بول (1854 – 1931)، الذي ساعده مع شقيق آخر ووالدته في جمع معلومات من داخل البيوت وحمامات النساء وغيرها من الأمكنة التي كان يصعب عليه وصولها.

لأسباب غير معلومة، لم يكمل دراسته الجامعية، وقرّر تعلّم اللغة العربية وسافر إلى مصر بعد أن حصل على تمويل من أحد المتبرّعين عام 1825، ومثل غيره من المستشرقين انصبّ اهتمامه بداية على الآثار، لكنه انصرف مبكّراً عنها، وبدأ بدراسة الحياة الحديثة مدوّناً ملاحظاته التي استقاها من علاقاته الممتدّة التي بناها بوصفه "منصور أفندي"؛ الاسم المصري الذي أُطلق عليه.

بعض المراجع أشارت إلى أن وليام تايلور، أحد الجنود البريطانيين الذي رفض العودة إلى بلاده بعد انتهاء مهمّته، واختار مصر وطناً، والإسلام ديناً، وعثمان اسماً جديداً له، كان أحد أهم مصادر صاحب "السلوك والعادات في مصر الحديثة"، كما تميّزت علاقته مع الشيخ محمد عيّاد الطنطاوي الذي أمدّه بمعارف متنوّعة.

تعدّدت اهتمامات لين بين ترجمة معاني القرآن و"ألف ليلة وليلة" إلى الإنكليزية، ووضع معجم (عربي/ إنكليزي)، إلى جانب العديد من المقالات المنشورة حول اللغة والثقافة العربية. لكن مشروعه الأساسي تمثّل في تأليف موسوعة عن مصر تهتم بثلاثة أمور؛ الدولة وأجهزة إدارتها، والقوانين والأديان، والعادات والتقاليد، كأنه يريد معرفة كيف يُحكم الناس في خمسينيات القرن التاسع عشر.

عمله الأبرز بعد خمسة وثلاثين عاماً من البحث والتنقيب كان "وصف مصر" (وهو غير الكتاب الفرنسي الذي يحمل نفس العنوان ورافق ما يسمى "الحملة الفرنسية")، الذي احتوى تفصيلاً عن أحوال السلطة وعلاقتها مع فئات المجتمع وطوائفه وزوايا التصوّف، وتصوير الأعياد والطقوس الاجتماعية والخرافات، والتعريف بجميع المهن والحرف اليدوية، والأسواق والطعام والشراب واللباس، وأنماط العمارة والمقاهي والتدخين، وتطوّر الغناء والموسيقى وحياة الليل والملاحم والسير الشعبية.

في كتابه "القاهرة منتصف القرن التاسع عشر" يرصد لين في عشرة فصول تاريخ تأسيس العاصمة المصرية منذ نشأة معسكر الفسطاط في القرن السابع، مروراً بالعصرين الأيوبي والمملوكي، وما طرأ عليها من تطوّر عمراني واجتماعي، كبناء قلعة صلاح الدين ومراكز عسكرية إضافية، وصولاً إلى لحظة وصوله إليها قادماً من الإسكندرية.

يتناول في فصول لاحقة المدينة الناشئة في زمن محمد علي باشا، وتشييد أهمّ المباني فيها وشكل شوارعها ومتاجرها وبيوتها ودور العبادة والمقابر وبواباتها، والسفر عبر نهر النيل وجزره نحو مدن وبلدات أخرى انتهاء بالنوبة.

المساهمون