إسرائيل الليكودية بانتظار انتصار الجمهوريين

04 نوفمبر 2014
من المتوقع أن تتغيّر العلاقة بين الطرفين (وين ماكنامي/Getty)
+ الخط -


لم يخفِ رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوماً نفوره من الرئيس الأسود الأول في البيت الأبيض منذ اللحظة الأولى. لم يتوقف نتنياهو يوماً، في ولايتي الرئيس الأميركي باراك أوباما الأولى والثانية، عن التدخل في الشؤون الداخلية الأميركية والترويج لمواقف الحزب الجمهوري، لا بل إنه خطا خطوة إلى الأمام، عندما تدخل علناً ودعا خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية 2012، للتصويت لصالح المرشح الجمهوري ميت رومني.

لم يفوّت نتنياهو ولا وزراء حكومته، تحديداً وزير الأمن موشيه ياعلون، ووزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شطاينتس، على مرّ العامين الأخيرين فرصة لمناكفة البيت الأبيض، والطعن في سياسة أوباما، واتهام الولايات المتحدة في عهده بالتراجع، حتى عن حماية ودعم حلفائها في منطقة الشرق الأوسط.

كما اتهموه بعدم فهم الواقع الشائك والمعقّد في المنطقة، تحديداً بعد خطابه في العاصمة المصرية القاهرة (2009)، وموقف الإدارة الأميركية في بداية الانقلاب المضاد في مصر، من ضرورة احترام الانتخابات المصرية التي أوصلت محمد مرسي للرئاسة، والمماطلة في الاعتراف بالنظام الانقلابي في مصر.

وفي مناسبة الانتخابات النصفية الأميركية، يعوّل نتنياهو على انتصار الجمهوريين، دون أن يخفي جفاءه مع أوباما، على الرغم من تصريحاته خلال اللقاء الأخير معه قبل نحو ثلاثة أسابيع، بأن "الإدارة الأميركية، لم تتخلّ عن إسرائيل خلال العدوان على غزة، وأنه ما كان لإسرائيل أن تطيل حربها في القطاع، من دون الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي".

كما أن نتنياهو استلّ، يوم الأحد، سلاحاً جديداً ووجّهه ضد الديمقراطيين، عندما سرّب عبر وزيري "البيت اليهودي"، أوري أريئيل ونفتالي بينيت، أن أوباما هدد بأنه سيلجأ بعد الانتخابات الأميركية إلى تغيير السياسة الأميركية تجاه إسرائيل كلياً، والامتناع عن استخدام حق النقض الأميركي (الفيتو)، في حال عُرض على مجلس الأمن الدولي، قرار يندد بالبناء الإسرائيلي في المستوطنات، ويدعو إلى تحديد جدول زمني لإنهاء الاحتلال وفق التحرك الفلسطيني الأخير.

ومع أن موقع صحيفة "معاريف" نشر هذا التسريب، إلا أنه أشار إلى شهادة ياعلون، أثناء زيارته واشنطن قبل أسبوعين، والتي جاء فيها أن "السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامانثا باور نشطت إلى جانبه في أروقة المنظمة الدولية، لصدّ كل محاولة لاستصدار قرار مناوئ لإسرائيل". كما أشار الموقع إلى أنه "لا يوجد حالياً أي اقتراح جدي مطروح ضد إسرائيل في مجلس الأمن الدولي".

مع ذاك يترقب نتنياهو، وبحسب المحللين في إسرائيل، اليوم الأميركي، معلقاً آماله على انتصار للجمهوريين يفقد الحزب الديمقراطي أغلبيته في الكونغرس، ليهيمن الجمهوريون عليه، ما سيؤدي حكماً إلى دعم أميركي جمهوري مطلق لسياسات نتنياهو.

وفي السياق، يقرّ المحلل الإسرائيلي في صحيفة "هآرتس"، باراك رابيد، أن "ابتهالات نتنياهو بتوجيه ضربة وهزيمة للديمقراطيين في الانتخابات ليست سراً. وإنه إذا طالعنا الاستطلاعات الأميركية فإن فرص تحقق تمنيات نتنياهو ليست سيئة".

ويضيف رابيد "وعلى الرغم من ذلك، فإن نتنياهو لن يمانع في البقاء في مكتبه حتى ساعة متأخرة من ليل اليوم الثلاثاء، بانتظار النتائج الأميركية وبانتظار تلقّيه اتصالاً من السفير الإسرائيلي لدى واشنطن رون درمر، وبالتالي لن يسارع إلى فتح زجاجات الشمبانيا احتفالا بالنتائج، فقد سبق أن قام بذلك قبل عامين، في الانتخابات الرئاسية، لكن آماله خابت عندما مُني ميت رومني بالهزيمة، واستمرّ أوباما في البيت الأبيض".

في المقابل، فإن البيت الأبيض ليس بحاجة لوكالة الاستخبارات لمعرفة النتائج التي يتوق نتنياهو لسماعها، فهم يرون نشاط درمر الحثيث مع أعضاء الكونغرس الجمهوريين، ولا ينسون أن عراب درمر، الملياردير شلدون أدلسون، استثمر 100 مليون دولار من أجل إسقاط أوباما، وأن نتنياهو التقاه قبل يومين من لقائه الأخير بأوباما.

ويعلّق نتنياهو آمالاً كبيرة، وبغض النظر عن صحة ذلك ومدى قناعته به، بأن يساعده فوز الجمهوريين وتوسيع وبسط هيمنتهم على الكونغرس، في إضعاف إدارة أوباما ومنعها من تحقيق أهم الأهداف التي أعلن الرئيس الأميركي عنها في ولايته الثانية، وهو التوصل إلى اتفاق تاريخي بين الغرب وإيران حول ملف إيران النووي.

ويلفت رابيد إلى أن "نتائج الانتخابات الأميركية ستُنشر قبل ثلاثة أسابيع من انتهاء الموعد الأخير للمفاوضات بين إيران والدول الغربية الست، وقبل خمسة أيام من لقاء القمة المرتقب بين وزير الخارجية الأميركي، جون كيري ووزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف ووزيرة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون".

ويتوقع رابيد أن "يشنّ نتنياهو فور إعلان نتائج الانتخابات الأميركية، في حال فوز الجمهوريين، حملة سياسية ضارية لتأليبهم على إدارة أوباما وسياسته وضد كل اتفاق محتمل مع إيران، عبر استخدام وتوظيف نشطاء اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة لتمرير مواقف ورسائل نتنياهو".

مع ذلك يشير رابيد، إلى أن "نتنياهو الذي يعتبر نفسه أكثر الإسرائيليين دراية وخبرة بالشؤون الأميركية، قد يكون مخطئاً في تحليله للتطورات وللسياسة الأميركية، خصوصاً وأنه نسي على ما يبدو أنه في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية فإن قدرات الكونغرس الأميركي على تقييد خطوات الرئيس الأميركي تقارب الصفر".

وعلى العكس من النتائج التي يتوقعها نتنياهو، يرى رابيد أن "من شأن أوباما بعد الانتخابات الأميركية، أن يشعر بأنه لم يعد هناك ما يخسره، مما قد يدفعه ليس فقط العمل للتوصل إلى اتفاق مع إيران، وإنما إلى تصفية الحسابات مع نتنياهو".
المساهمون