يعكس قرار القيادات السياسية والأمنية الإسرائيلية بتجميد المفاوضات مع الولايات المتحدة حول المعونات الأميركية لإسرائيل، إلى ما بعد توقيع الاتفاق بين الدول 5+1 مع إيران حول المشروع النووي لإيران، تسليماً من قبل إسرائيل واعترافاً بفشلها في إجهاض الاتفاق ومنع الوصول إليه، وإقراراً بفشل الإبقاء على الخيار العسكري ضد المواقع النووية الإيرانية.
ووفقاً لما كشفه موقع "والا" الإسرائيلي فإن قراراً إسرائيلياً صدر في ختام لقاء مشترك لكبار المسؤولين في وزارة الأمن الإسرائيلية ووزارة الخارجية وديوان رئاسة الوزراء، قضى بـ"تجميد المفاوضات مع الطرف الأميركي إلى ما بعد إتمام الاتفاق مع إيران".
ويهدف القرار أساساً، وإن كان مدفوعاً بالتوتر بين إدارتي الرئيس الأميركي باراك أوباما وحكومة بنيامين نتنياهو، إلى إتاحة مجال مناورة أوسع أمام إسرائيل، ومنحها المزيد من الوقت لتحديد الثمن الذي ستتلقاه من الولايات المتحدة، وعدم التسرّع في تحديد هذا الثمن، قبل معرفة الصيغة النهائية للاتفاق وتفاصيله بحذافيرها.
ولعل اللافت في قرار التجميد، وفق ما أفاد به مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى لـ"والا"، أن "القرار قد يبقى ساري المفعول طيلة المدة الزمنية المتبقية لإدارة أوباما، وربما بانتظار الرئيس العتيد (أواخر العام 2016)". وما يعزز هذا الاتجاه هو حقيقة إقرار التفاهمات الأميركية ـ الإسرائيلية بشأن المعونات التي تحصل عليها إسرائيل، في العام 2008، إبان رئاسة إيهود أولمرت للحكومة، وتم تحديد فترة سريانها بعشرة أعوام، أي لغاية العام 2018، بكلفة 32 مليار دولار.
اقرأ أيضاً: إسرائيل تروّج لنهاية الخيار العسكري الأميركي ضد إيران
ويمنح الاتفاق مع أولمرت، حكومة نتنياهو متسعاً للمناورة في المفاوضات، وتأجيلها إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، بدعوى أن "التفاهمات الأخيرة لا تزال سارية المفعول، وأنه يتعيّن قبل تحديد سقف ونوع المعونات المستقبلية، متابعة تبعات وإسقاطات الاتفاقية التي يفترض التوصل إليها بين إيران والدول الـ5+1، مع تلاشي فرص الخيار العسكري، الأميركي على الأقلّ". وذلك استناداً إلى تصريحات أوباما نفسه في مقابلة مع القناة الإسرائيلية الثانية الشهر الماضي، والتي أعلن فيها أن "الضربة العسكرية لن تحلّ المشكلة الإيرانية ولن تساهم في أكثر من تأخير البرنامج النووي الإيراني، خلافاً للخيار الدبلوماسي" الذي يطرحه.
ومع أن اتفاق المعونة يبقى ساري المفعول حتى العام 2018، إلا أنه وبحسب موقع "والا" فقد استنفذت إسرائيل كل المعونات من العتاد والسلاح الذي حصلت عليه من إدارة أوباما، وكانت تأمل بأن تحصل على مزيد من المعونات، من حساب الدعم العسكري المستقبلي الذي لم يتحدّد حجمه بعد.
وعلى الرغم من خط الدعاية الإسرائيلي ضد إدارة أوباما، واتهامات إسرائيل له بأنه "خَرَقَ تفاهمات طويلة الأمد بين الطرفين"، إلا أن الرئيس الأميركي كان صادقاً في بيع مقاتلات من طراز "في 22" (انتاج شركة بوينغ)، وصواريخ متطورة، وشبكات إنذار، وإن لم يتم التوصل على صيغة نهائية لحجم المعونات ونوعيتها.
وكانت إسرائيل سارعت عبر مؤسستها الأمنية إلى محاولات ابتزاز الولايات المتحدة، مع الإعلان عن إحراز تقدم في المفاوضات الغربية مع إيران، من جهة، وانعقاد قمة كامب ديفيد، الشهر الماضي، بين أوباما وقادة الدول الخليجية، التي أقرّت "الدعم العسكري الأميركي لدول الخليج، في حال تعرّض أمنها القومي للخطر من قبل إيران"، إلى جانب إبرام اتفاقيات لتسليح دول الخليج".
وبموازاة مساعي الابتزاز هذه، واصلت إسرائيل ممارسة ضغوط على إدارة أوباما من داخل الكونغرس الأميركي، المعروف بموالاته بفعل تركيبته الحالية، للحكومة الإسرائيلية، واستغلال ورقة أمنها، سلاحاً في وجه إدارة أوباما الديمقراطية. كما اتسعت الضغوط أيضاً لتطال جهات داخل الإدارة نفسها، أو عناصر معروفة بتأييدها العام لسياسات أوباما في الشرق الأوسط، وعلى رأس هؤلاء، المبعوث السابق للشرق الأوسط، ومنسّق عملية السلام دنيس روس.
وفي السياق، أفاد موقع "والا" أن "مجموعة من الخبراء الأميركيين في مجال الأمن والسياسة الخارجية، وجّهوا مساء الأربعاء، رسالة لأوباما، طالبوه من خلالها التراجع عن الاتفاق المرتقب مع إيران. وجاء في الرسالة بحسب الموقع الإسرائيلي، أنه "من شأن الاتفاق ألا يوفر أدوات ووسائل حماية لائقة من الخطر الإيراني، وألا يستوفي شروط ومعايير سبق وأن حددتها الولايات المتحدة نفسها". وبحسب هؤلاء الخبراء فإنه "يتعيّن على الاتفاق أن يحمل موقفاً حازماً في كل ما يتعلق بمراقبة منشآت الذرة". وقد وقّع على الرسالة إضافة إلى دنيس روس، كل من رئيس وكالة الاستخبارات المركزية "سي. آي. إيه" السابق ديفيد بترايوس، وقائد القوات الأميركية سابقاً في العراق روبرت أينهرون.
اقرأ أيضاً يعالون: إيران وحملات المقاطعة أكبر تحديات إسرائيل