في الثامن من الشهر الحالي، قامت قوة من الجيش الإسرائيلي بشقّ طرق وتركيب سياج شائك في جبل سدانة، عند المنطقة الحدودية بين لبنان وفلسطين المحتلة. في اليوم التالي، قاد النائب في كتلة التنمية والتحرير (يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري) قاسم هاشم تحركاً لأهالي بلدة شبعا الحدودية، بهدف المطالبة بإزالة الشريط الشائك، ورفعوا عليه العلم اللبناني. حينها قال هاشم "سنعمل على إزالة الشريط الشائك إن لم تكن هناك إرادة دولية لإزالته وسحبه في أسرع وقت".
وفي تصريح لـ"العربي الجديد" أكّد هاشم، أن "بري تابع هذا التحرك بتفاصيله، لأنه يتخوّف من استغلال إسرائيلي للوضع السياسي في لبنان والمنطقة بهدف تحقيق مكاسب ميدانية. كما أن بري يرى أن هذا الملف يُعيد النقاش السياسي في لبنان إلى منطق أقلّ حدة، بسبب وجود إجماع على عدوانية إسرائيل".
لكنّ الجانب الإسرائيلي لم يتراجع عن اعتدائه، لا بل أزال في العاشر من يونيو/حزيران، العلم اللبناني، وهو الأمر الذي دفع بري إلى إعادة تحريك ملف مقفل منذ مدة، عبر تنظيم اعتصام للمطالبة بفتح طريق العباسية الغجر ــ الوزاني، المقفلة منذ العام 2006. تلاحقت الاعتداءات الاسرائيليّة، ليقوم الجيش الإسرائيلي منذ أيام بـ "تمشيط الطرف الجنوبي لمزارع شبعا مستخدماً الرشاشات الثقيلة والمدفعية"، كما جاء في الخبر الذي نشرته الوكالة الوطنية للإعلام.
اقرأ أيضاً تمايز بري عن حزب الله: توزيع أدوار أم اختلاف؟
والمقصود بـ"المكاسب الميدانيّة" في هذا السياق، تعزيز وجودها الأمني، وبحسب هذه المصادر، فإن "إسرائيل قد أبلغت جهات دوليّة بأن لديها شكوكاً قوية بقيام حزب الله بحفر أنفاق تمرّ تحت حدود لبنان مع فلسطين المحتلة، وأنها ستقوم بما تراه مناسباً لكشف هذه الأنفاق وتدميرها". وتُشير هذه المصادر إلى أن "الخطوات المتوقع أن يقوم بها الجيش الإسرائيلي ستكون على شاكلة ما جرى في الثامن من يونيو".
ويقول أحد المقربين من بري لـ"العربي الجديد"، إن "هناك نيّة عدائية دائمة لدى هذا العدو، لكن منذ ستة أشهر، يقوم الجيش الإسرائيلي بأعمال تُثير الريبة، من التصريحات التي تُهدد بتهجير مليون ونصف مليون لبناني، إلى سلسلة من المناورات التي يجري تنفيذها، ومن عمليّة حزب الله في مزارع شبعا رداً على غارة الجولان".
ويُضيف المقرب من بري إلى أن "الأخير، طرح هذه الهواجس خلال لقاءات مع قائد قوات اليونيفيل وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان وعدد من السفراء الغربيين، وقد تفهّم هؤلاء الهواجس اللبنانيّة بالكامل". ويلفت إلى أن "الإسرائيليين قد يعتقدون بأنهم قادرون على تكبير حصتهم في المنطقة، بالتزامن مع توسيع الحصة الإيرانيّة نتيجة الاتفاق النووي مع الدول الغربيّة، وفي ظل الانشغال الغربي والفراغ في لبنان".
من جهته، يؤكّد المتحدث الرسمي باسم قوات الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان (اليونيفل) آندريا تينانتي في اتصال مع "العربي الجديد"، أنه "لا يملك معلومات محددة حول هذا الموضوع"، لافتاً إلى أن "كل الأمور الخلافية تُبحث في اجتماعات التنسيق الثلاثية التي تديرها الأمم المتحدة". ويُشير إلى أن "جميع القوى ملتزمة بالحفاظ على الهدوء عند الحدود". ولدى سؤاله عن سبب عدم إزالة القوات الاسرائيليّة للسياج الشائك الذي وضعته في جبل سدانة، يقول تنانتي إن "هذا الأمر يجري بحثه خلال الاجتماع الثلاثي لمنع رفع مستوى التوتر وحلّ المشكلة". ولا يرغب تينانتي في كشف عمّا إذا كان موضوع الأنفاق قد نوقش خلال هذه الاجتماعات.
وتأتي هذه المعطيات المرتبطة بنية إسرائيل في تحقيق مكاسب ميدانية، في ظل استمرار السعي الأميركي لإيجاد تسوية بين لبنان وإسرائيل لاستخراج الغاز من أحد الحقول المشتركة بين البلدين. ويُعد ملف الغاز من أهم الملفات الخلافيّة إلى جانب مزارع شبعا التي ترفض إسرائيل الاعتراف بأنها أرض لبنانيّة.
اقرأ أيضاً حزب الله بعد العودة من سورية: حساب الميدان والسياسة