31 أكتوبر 2017
إسرائيل تجبي ثمن الاتفاق النووي من العرب
تحرص إسرائيل على توظيف التحفظ العربي على الاتفاق بين إيران والدول العظمى في إضفاء صدقية على موقفها منه، وتحسين قدرتها على ابتزاز الإدارة الأميركية وإجبارها، في النهاية، على تقديم "تعويضات" هائلة. وقد فطن قادة إسرائيل إلى التحذير من تداعيات "سلبية" متوقعة للاتفاق مع إيران، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب من التقاء المصالح مع العرب في التحرك ضد الاتفاق. وفي الوقت نفسه، إمداد حلفاء نتنياهو من الجمهوريين واللوبي اليهودي بمسوغات تسهم في إحكام الحصار على إدارة أوباما، وتقلص من قدرتها على رفض قائمة المطالب المبالغ فيها، والتي يعكف على إعدادها، حالياً، كبار العسكريين الصهاينة. فقد ظلت ماكنة الدعاية الإسرائيلية تحذر من أن الاتفاق سيفضي إلى بلورة شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة وإيران، تعتمد واشنطن، في إطارها، على طهران في مواجهة الحركات الإسلامية السنية، مقابل القبول بمكانة إيران قوة إقليمية رائدة، ومراعاة مصالحها في المنطقة.
ومن الواضح أن استناد إسرائيل إلى هذا المسوغ، في محاولة تجنيد الموقف العربي لصالحها، ينطوي على قدر كبير من التضليل والاستغفال. فإسرائيل المحتفية بالتقاء المصالح مع العرب في مواجهة الاتفاق مع إيران تطالب الإدارة الأميركية بأن يدفع العرب تحديداً فاتورة الاتفاق.
ومن الواضح أن استناد إسرائيل إلى هذا المسوغ، في محاولة تجنيد الموقف العربي لصالحها، ينطوي على قدر كبير من التضليل والاستغفال. فإسرائيل المحتفية بالتقاء المصالح مع العرب في مواجهة الاتفاق مع إيران تطالب الإدارة الأميركية بأن يدفع العرب تحديداً فاتورة الاتفاق.
على سبيل المثال، كتب وزير الأمن الداخلي الصهيوني، يغآل أردان، تغريدات على حسابه في "تويتر" بتاريخ 20-7، قال فيها: "في حال تم تمرير الاتفاق في الكونغرس في النهاية، فإن إسرائيل لن تهتم كثيراً بعدد الطائرات التي ستحصل عليها كتعويض، بل معنية بشكل أساس بالتوصل إلى سلسلة من التفاهمات الاستراتيجية، في مقدمتها قبول العالم بفرض سيادتنا على هضبة الجولان". ويقدم المعلق الصهيوني، ران إيدليست، عرضاً أكثر تفصيلاً وإثارة لرهانات إسرائيل على العرب بعد الاتفاق. ففي مقال نشرته "معاريف" في 16-7، يوضح إيدليست أن إسرائيل ستطالب قادة العرب أنفسهم بتأييد القرار الذي اتخذته عام 1981 بفرض السيادة اليهودية على الجولان. أي أن إسرائيل تخطط لتوظيف الاتفاق في إضفاء شرعية دولية على سلبها الأراضي العربية. وهناك أساس للاعتقاد أن إسرائيل ستحاول إقناع إدارة أوباما بدعم موقف اليمين المطالب بضم مناطق "ج" التي تشكل أكثر من 60% من الضفة الغربية لإسرائيل، استناداً إلى المنطق الأعوج نفسه الذي عبر عنه الوزير أردان. ويشي التحذير الإسرائيلي من تداعيات الشراكة المستقبلية بين الولايات المتحدة وإيران، بقدر غير قليل من الاستخفاف بوعي العرب، لأن إسرائيل نفسها ستكون جزءاً من هذه الشراكة، بشكل مباشر أو غير مباشر.
فإذا تم تحييد المسألة النووية، فإن التقاء المصالح بين إسرائيل وإيران سيكون أكبر مما سيكون عليه مع الدول العربية؛ ولا سيما إذا أخذنا في الاعتبار حقيقة أنه لا توجد مواقف عربية متجانسة من التحولات التي تعصف بالإقليم. فعلى سبيل المثال، من الواضح أن إسرائيل تفضل بقاء حالة انعدام الحسم السائدة في سورية، والتي تضمن بقاء نظام الأسد ضعيفاً منهكاً، على سقوط النظام، خشية سيادة حال من الفوضى، تمهد لإحداث تغيير غير مسبوق في البيئة الاستراتيجية للكيان الصهيوني. المثير، حقاً، أن إسرائيل التي تراهن على الموقف العربي من الاتفاق تعمل، علناً، ضد نية الإدارة الأميركية تزويد دول الخليج، ولا سيما السعودية، بمنظومات أسلحة، لتحسين قدرتها على حماية أمنها الوطني. وقد برر وزير الحرب، موشيه يعلون، معارضته منح السعودية سلاحاً نوعياً بالقول، إن هذا السلاح يمكن أن يستخدم ضد إسرائيل في المستقبل (موقع وللا،10-7). ليس هذا فحسب، بل إن تحوط السعودية المادي لمواجهة تبعات الاتفاق الإيراني، يتم التعاطي معه في إسرائيل باعتباره تهديداً استراتيجياً، فقد دعا مركز أبحاث الأمن القومي، الإسرائيلي، إلى تكثيف جمع المعلومات الاستخبارية عن السعودية، لرصد مخططاتها المتعلقة ببناء قدراتها العسكرية، ومعرفة ما إذا كانت تخطط للحصول على سلاح غير تقليدي (مجلة مباط عال، عدد 723). ولا يبدو الموقف الإسرائيلي من حصول السعودية على سلاح نوعي مستهجناً، إذا أخذنا، في الاعتبار، حقيقة أن إسرائيل نجحت، أخيراً، في إقناع الولايات المتحدة بعدم تزويد الأردن بطائرات بدون طيار، لحماية حدوده مع سورية والعراق (معاريف، 4-7). ولا حاجة للتذكير، أن قادة إسرائيل يخرجون عن طورهم، وهم يشيدون بالشراكة الاستراتيجية مع نظام الحكم فيه، وتسهب النخب الصهيونية في إبراز طابع الخدمات التي وفرها ويوفرها هذا النظام لتل أبيب.
تفرض مواجهة تداعيات الاتفاق مع إيران على العرب العمل على تغيير قواعد اللعبة الحالية، وتطوير قدرات نووية، حتى لا يكونوا مجرد مادة للتوظيف في الصراع على منطقتهم. تستدعي مواجهة النووي الإيراني، أولاً، إلحاق هزيمة بإيران في ساحات الصراع والاشتباك معها، ولا سيما في سورية، عبر تغيير موازين القوى بشكل يفضي إلى إسقاط النظام الدموي في دمشق. التعجيل بسقوط نظام الأسد سيقلص من مجالات الشراكة بين إيران والولايات المتحدة، ويرفع من قيمة العنصر العربي في المعادلة الإقليمية، ويزيد من حجم الأعباء على كاهل إسرائيل. وإلحاق هزيمة بإيران ومشروعها في المنطقة سيمهد الطريق أمام بناء علاقة على أسس مغايرة معها. في وسع إيران أن تنكفئ، وتسلك سبيلاً آخر في التعامل مع العرب، بعد أن تدرك بؤس الرهان على تدخلاتها في شؤون العالم العربي على هذا النحو.
لكن، لا يمكن، في المقابل، توقع هذا السلوك من إسرائيل، حيث المشروع الصهيوني يقاوم أيّ محاولة عربية للخروج عن دائرة التوظيف والتبعية، ويحاول إحباط فرص انبعاث نهضة تغير الواقع في العالم العربي.
فإذا تم تحييد المسألة النووية، فإن التقاء المصالح بين إسرائيل وإيران سيكون أكبر مما سيكون عليه مع الدول العربية؛ ولا سيما إذا أخذنا في الاعتبار حقيقة أنه لا توجد مواقف عربية متجانسة من التحولات التي تعصف بالإقليم. فعلى سبيل المثال، من الواضح أن إسرائيل تفضل بقاء حالة انعدام الحسم السائدة في سورية، والتي تضمن بقاء نظام الأسد ضعيفاً منهكاً، على سقوط النظام، خشية سيادة حال من الفوضى، تمهد لإحداث تغيير غير مسبوق في البيئة الاستراتيجية للكيان الصهيوني. المثير، حقاً، أن إسرائيل التي تراهن على الموقف العربي من الاتفاق تعمل، علناً، ضد نية الإدارة الأميركية تزويد دول الخليج، ولا سيما السعودية، بمنظومات أسلحة، لتحسين قدرتها على حماية أمنها الوطني. وقد برر وزير الحرب، موشيه يعلون، معارضته منح السعودية سلاحاً نوعياً بالقول، إن هذا السلاح يمكن أن يستخدم ضد إسرائيل في المستقبل (موقع وللا،10-7). ليس هذا فحسب، بل إن تحوط السعودية المادي لمواجهة تبعات الاتفاق الإيراني، يتم التعاطي معه في إسرائيل باعتباره تهديداً استراتيجياً، فقد دعا مركز أبحاث الأمن القومي، الإسرائيلي، إلى تكثيف جمع المعلومات الاستخبارية عن السعودية، لرصد مخططاتها المتعلقة ببناء قدراتها العسكرية، ومعرفة ما إذا كانت تخطط للحصول على سلاح غير تقليدي (مجلة مباط عال، عدد 723). ولا يبدو الموقف الإسرائيلي من حصول السعودية على سلاح نوعي مستهجناً، إذا أخذنا، في الاعتبار، حقيقة أن إسرائيل نجحت، أخيراً، في إقناع الولايات المتحدة بعدم تزويد الأردن بطائرات بدون طيار، لحماية حدوده مع سورية والعراق (معاريف، 4-7). ولا حاجة للتذكير، أن قادة إسرائيل يخرجون عن طورهم، وهم يشيدون بالشراكة الاستراتيجية مع نظام الحكم فيه، وتسهب النخب الصهيونية في إبراز طابع الخدمات التي وفرها ويوفرها هذا النظام لتل أبيب.
تفرض مواجهة تداعيات الاتفاق مع إيران على العرب العمل على تغيير قواعد اللعبة الحالية، وتطوير قدرات نووية، حتى لا يكونوا مجرد مادة للتوظيف في الصراع على منطقتهم. تستدعي مواجهة النووي الإيراني، أولاً، إلحاق هزيمة بإيران في ساحات الصراع والاشتباك معها، ولا سيما في سورية، عبر تغيير موازين القوى بشكل يفضي إلى إسقاط النظام الدموي في دمشق. التعجيل بسقوط نظام الأسد سيقلص من مجالات الشراكة بين إيران والولايات المتحدة، ويرفع من قيمة العنصر العربي في المعادلة الإقليمية، ويزيد من حجم الأعباء على كاهل إسرائيل. وإلحاق هزيمة بإيران ومشروعها في المنطقة سيمهد الطريق أمام بناء علاقة على أسس مغايرة معها. في وسع إيران أن تنكفئ، وتسلك سبيلاً آخر في التعامل مع العرب، بعد أن تدرك بؤس الرهان على تدخلاتها في شؤون العالم العربي على هذا النحو.
لكن، لا يمكن، في المقابل، توقع هذا السلوك من إسرائيل، حيث المشروع الصهيوني يقاوم أيّ محاولة عربية للخروج عن دائرة التوظيف والتبعية، ويحاول إحباط فرص انبعاث نهضة تغير الواقع في العالم العربي.