وفيما سارع نتنياهو إلى عقد اجتماع لمجلس الوزراء المصغر (الكابينيت) لمناقشة الاتفاق الإطاري، لم يصدر عن رئيس وزراء الاحتلال أي تصريح بشأن خطوات إسرائيل المستقبلية، فإن محللين ومراقبين في إسرائيل ذكروا أن نتنياهو يستعدّ عملياً لنقل معركته ضد الاتفاق إلى الكونغرس الأميركي معولاً على مواقف الجمهوريين، وفي مقدمتهم رئيس الكونغرس جون باينر. وذكر المراسل السياسي للقناة الثانية، أودي سيغل، أن نتنياهو ينتظر انتهاء عطلة الكونغرس خلال عيد الفصح، لاستئناف المعركة ضد الاتفاق من خلال حثّ الجمهوريين في الكونغرس على العمل لإسقاط الاتفاق وعدم المصادقة عليه من جهة، والمضي قدماً في سنّ قانون يحظر رفع العقوبات عن إيران، بل ويزيد حجم هذه العقوبات عبر تكبيل الرئيس الأميركي.
ولا يبدي نتنياهو في هذا السياق، حرجاً من مد يديه داخل الكونغرس، والتدخل في السياسة الأميركية الداخلية وتجيير الجمهوريين ضد أوباما، ولا سيما أنه لم يتوقف لحظة عن دعم الجمهوريين، والاعتماد عليهم في مواجهاته المتكررة مع الرئيس أوباما. وكان نتنياهو، التقى يوم الأربعاء، رئيس الكونغرس الأميركي جو باينر، خلال زيارة الأخير إسرائيل هذا الأسبوع.
اقرأ أيضاً: استعدادات إسرائيلية ضدّ إيران: دعاية وتجارب صاروخية وغواصات
وفيما يواصل نتنياهو حربه ضد الاتفاق بادعاء أنه يمنح إيران شرعية تطوير قدرات نووية، فإن المحللين للشؤون العسكرية والأمنية في إسرائيل، انقسموا في موقفهم من "الاتفاق الإطاري"، بين من اعتبره جيداً لإسرائيل، وبين من تبنى موقف نتنياهو.
ورأى المحلل الإسرائيلي، بوعز بيسموط، المقرب من نتنياهو، والذي عمل سابقاً سفيراً لإسرائيل في موريتانيا، أنه لا يمكن لإسرائيل والغرب الثقة بالإيرانيين، وبأن تلتزم إيران بتعهداتها، وأنه لا سبب يدعو الآن لأن نصدّقها.
في المقابل، أبرز المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس"، براك رفيد، حقيقة أن الاتفاق ليس سيئاً البتة بل هو جيد لإسرائيل. ولفت إلى أنه "وخلافاً لادعاءات نتنياهو رداً على الاتفاق، وعلى مدار العامين الماضيين، فإن الاتفاق يشمل نقاطاً إيجابية كثيرة تخدم المصالح الأمنية الإسرائيلية، ويوفر الحلول للمخاوف الإسرائيلية، عدا عن القيود الشديدة التي يفرضها على إيران ونشاطها النووي المستقبلي".
من جهته، اعتبر حامي شاليف في صحيفة "هآرتس" أن بمقدور نتنياهو الآن أن يقرر هل يريد مواصلة "انتفاضته" ضد البيت الأبيض، كما فعل لغاية الآن، ولا سيما أن أحد الاعتبارات في الهجوم الذي تعرض له نتنياهو من الإدارة الأميركية في الأسبوعين الماضيين، هدف إلى إضعاف موقفه ومعارضته للاتفاق الإطاري، أم أنه من المفضل له عملياً التسليم بالاتفاق الإطاري، والسعي للعمل من أجل التأثير، "من الداخل" على نصوص ومضامين الاتفاق الدائم.
أما الصحافي ناحوم برنيع، فاعتبر في "يديعوت أحرونوت"، أن اتفاق لوزان يمثل أقلّ الضررين، وأنه وضع حداً لمقولة وجود خيار عسكري إسرائيلي لإبادة المشروع النووي الإيراني، وبالتالي فإن الاتفاق الحالي يحول عملياً دون الخيارين الآخرين المطروحين؛ قصف المنشآت الإيرانية واندلاع حرب على أثر ذلك، أو مواصلة العقوبات وتمكين إيران من المضي قدماً في مشروعها النووي، وهما خياران كانا، بحسب برنيع سيفضيان إلى واقع أشد خطراً.
وكانت قد برزت أيضاً دعوة رئيس مجلس الأمن القومي السابق، غيورا أيلاند، ورئيس مركز أبحاث الأمن القومي، عاموس يدلين، اللذين أعربا في اليومين الماضيين عن موقفها المعروف بأن الاتفاق مع إيران أفضل من عدمه، على اعتبار أن وجود اتفاق يقيد إيران ويبقيها تحت نظام المراقبة، بينما يطلق تعثر المفاوضات وعدم الوصول إلى اتفاق أيادي إيران في متابعة نشاطها النووي، بعيداً عن أعين فرق التفتيش الدولية، وبعيدا عن أية قيود أو تعهدات ملزمة.
وفي هذا السياق، جدد يادلين، أمس، في مقابلة مع القناة العاشرة دعوته إلى وجوب التوصل إلى اتفاق ثنائي بين إسرائيل والولايات المتحدة يعزز التحالف الاستراتيجي بين البلدين، ويبقي إسرائيل في صورة التطورات.
وانضم، عضو الكنيست يتسحاق هرتسوغ، رئيس المعسكر الصهيوني إلى موقف يادلين، إذ دعا تعقيباً على الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق الإطاري، إلى وجوب تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، والسعي للتأثير من داخل المفاوضات على شكل ومضمون الاتفاق الدائم.
لكن إسرائيل، بموازاة ذلك، أطلقت في الأيام الماضية سلسلة تصريحات عن جهات عسكرية بينها تصريحات مطولة لوزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعالون، قبل ثلاثة أيام، رسمت ملامح الخط الدعائي الإسرائيلي في الشأن الإيراني، عبر التركيز على سياسة التضليل الإيرانية ووجوب فضح هذه السياسة، من خلال توفير أدلة معلوماتية واستخبارية بهذا الخصوص.
وكان لافتاً في هذا السياق، سماح الجيش الإسرائيلي، الأربعاء، للصحافيين والمراسلين العسكريين، بجولة في الغواصة الإسرائيلية "أحي تنين" التي تسلمتها في سبتمبر/أيلول الماضي من ألمانيا، ضمن صفقة بتزويد إسرائيل بسبع غواصات من طراز دولفين. وأسهب الجيش الإسرائيلي في تزويد الصحافة بمعلومات عن القدرات القتالية والعملياتية لهذه الغواصة، مع التركيز على كونها ذراعاً استراتيجية مهمة وطويلة تنشط في عمق ساحة العدو (في إشارة إلى الخليج) وقدرتها على البقاء لفترة طويلة تحت الماء، من جهة وكونها قادرة على حمل صواريخ ذات رؤوس حربية خطيرة، تمنح إسرائيل القدرة على توجيه الضربة الثانية في حال تعرضها لضربة نووية أو هجوم مباغت.
وفي السياق، نقلت الصحف الإسرائيلية تصريحات لرئيس قسم التخطيط في جيش الاحتلال، الجنرال نمرود شيفر، أكد فيها أن الخيار العسكري الإسرائيلي في مواجهة إيران لم يسقط، وأن إسرائيل ستبذل كل شيء لحماية أمنها.
كما نشرت صحيفة "يسرائيل هيوم" تصريحات لقائد سلاح الجو الإسرائيلي، الجنرال أمير إيشل، قالت إنه لمّح خلالها إلى أن بمقدور سلاح الجو الإسرائيلي أن يقوم بعملية مباغتة. وبحسب الصحيفة فإن إيشل، قال في يوم دراسي في تل أبيب، إنه توجد أهمية كبيرة، من الناحية العسكرية الصرف، لتوجيه ضربة مبكرة فهي تحقق إنجازات، على فرض أنك تملك القدرة المطلوبة، لكن ذلك يتطلب توفر شرعية دولية.
اقرأ أيضاً: النووي الإيراني: مفاوضات شاقة مهدت للاتفاق