كشفت مصادر صحافية إسرائيلية النقاب عن مخطط جديد، يسعى من خلاله جيش الاحتلال لتجنيد العرب من بدو النقب، فيما يعتبره معارضوه "محاولة جديدة لسلخهم عن هويتهم الفلسطينية، وإمعانا في سياسة فرق تسد".
ويأتي هذا المخطط بعد الانخفاض المطرد في معدلات الالتحاق بجيش الاحتلال في أوساط عرب النقب في السنوات الأخيرة، وارتفاع حالات التهرب من الخدمة، الأمر الذي يصفه مناهضو التجنيد بـ"النجاح اللافت" والتعبير الحقيقي عن فشل مشاريع التجنيد.
ويعزو جيش الاحتلال هذا الانخفاض إلى العدوان الأخير على غزة، والاحتجاجات التي شهدتها النقب ضد مخطط برافر، والذي سعت إسرائيل من خلاله إلى تهجير عشرات الآلاف من أهل النقب ومصادرة عشرات الآلاف من الدونمات من الأراضي.
ووفقاً للمخطط، يخضع المجندون لمرحلة تصنيف أولي، ومن ثم مرحلة تحضيرية لمدة ثلاثة أشهر، تتضمن استبياناً أمنياً، ودورات في اللغة العبرية في قاعدة ألون العسكرية، شمالي فلسطين المحتلة، وفي ختام الأشهر الثلاثة يتم تجنيدهم أو تسريحهم، حسبما ورد في التقرير.
كما يعتزم جيش الاحتلال إتاحة المجال للانتساب، إضافة لكتيبة "التجوال الصحراوية"، ووحدة "قصاصي الأثر"، إلى وحدات التكنولوجيا، وفي سبيل ذلك يعمد إلى تقديم إغراءات مالية وتسهيلات في سوق العمل للملتحقين، بحسب ما جاء في المخطط.
وشهدت السنوات الأخيرة تراجعاً ملحوظاً في نسبة الملتحقين من عرب النقب بجيش الاحتلال، والذين لا يتعدى عددهم الـ280، مقارنة بـ320 من العام الفائت، علما أن جمعيات الخدمة الوطنية، التي تعتبر مقدمة للخدمة العسكرية، صارت تنشط بشكل كثيف في النقب.
إلى ذلك، عقب عضو المكتب السياسي عن "التجمع الديمقراطي" ولجنة التوجيه العليا لعرب النقب، جمعة الزبارقة، على المخطط بقوله: "هذا إقرار بفشل مخططاتهم السابقة، ومحاولة بائسة لإعادة عجلة الزمن للوراء، بعد تمدد وتمكن الفكر الوطني، وارتفاع الوعي، مقابل فضح مشروع إسرائيل الاستعماري".
وأوضح الزبارقة أن الملتحقين بجيش الاحتلال "مجموعة هامشية منبوذة بأغلبيتها، ولا تعبر عن أهل النقب، الذين يعانون الأمرين من سياسة مصادرة الأراضي وهدم البيوت"، وخلص إلى أن "ما لا يفقهه الإسرائيليون أن المسألة ليست منافع ومغريات، بل مسألة انتماء لشعبنا الفلسطيني، وإن البدو في النقب هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، ومحاولة سلخهم عن هويتهم فاشلة لا محالة".
من جهتها، أعربت هدى أبو عبيد، من سكان النقب، عن ثقتها برفض أبناء المنطقة هذا المخطط، قائلة: "شبابنا الفلسطيني في النقب اليوم شباب واع بهويته الفلسطينية، وواع بخطورة المحاولات الإسرائيلية لاستعماله في حروبها ضد أهلنا وشعبنا، ولن يرضى باستعماله وقوداً لآلة الحرب الإسرائيلية".
أما النائب عن "القائمة المشتركة"، طلب أبو عرار، فأكد أن هناك إجماعاً في الداخل على رفض مخططات التجنيد، فـ"موقف لجنة المتابعة العليا واضح وبيّن ضد التجنيد. نحن كأقلية قومية عربية في هذه البلاد لنا قيمنا وأخلاقنا التي تتنافي مع سياسة إسرائيل العنصرية"، مضيفا أن "حكومة إسرائيل تحاول تضييق الخناق علينا، من خلال سياسة تكميم الأفواه، تبعا لقاعدة ما لم يتأت بالقوة يأتي بالمزيد من القوة".
وختم المتحدث كلامه بالتشديد: "إن أرادت حكومة إسرائيل تحسين حياة مواطنيها العرب، فعليها أن تلتزم بسد الفجوات، خاصة في قضايا الأرض والمسكن، عوضا عن التفكير في تجنيد العرب".
راتب أبو قرينات، الناشط في الحراك الشبابي، يعتقد أن مساعي الاحتلال مصيرها الفشل، "لأن الواقع أقوى من كل "الخزعبلات""، على حد وصفه، موضحاً: "لا يمكن لعمليات الدجل والتضليل أن تحجب الحقيقة البسيطة أن أهل النقب يتعرضون للملاحقة والتنكيل وهدم البيوت ومصادرة الأراضي من مؤسسات الدولة ذاتها وأذرعها العسكرية".
وأضاف: "إن هذه الخدع لن تنطلي على أهلنا، وستذهب مخططاتهم أدراج الرياح، كما سابقتها، وإن الإغراءات المادية المقدمة لا تساوي شرف وكرامة المرء".
يذكر أن الكنيست الإسرائيلي صادق، في مطلع شهر يوليو/تموز، على قانون ينص بفرض عقوبة السجن الفعلي لمن يحرض ضد التجنيد.