في الوقت الذي رُصدت فيه مظاهر توتر بين الروس والإيرانيين بسبب "النتائج المتواضعة" لجهدهما الحربي المشترك في سورية، اعتبرت أوساط إسرائيلية أن التدخّل الروسي أثبت خدمته لمصالح الاستراتيجية الإسرائيلية.
ونقل معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف" بن كاسبيت، عن مصدر عسكري إسرائيلي، قوله إن التدخّل العسكري الروس أفضى إلى "التعادل الدامي" بين القوى المتصارعة في سورية، مما يضمن إطالة الصراع بينها إلى أطول فترة ممكنة، وهو ما يتماشى مع المصالح الاستراتيجية لإسرائيل. وفي تقرير نشر أمس الأول الثلاثاء، نوّه كاسبيت إلى أن قيادة الجيش الإسرائيلي تعتقد أن التنسيق بين موسكو وتل أبيب أثبت فاعليته، مشيراً إلى أن التنسيق المشترك يسمح لإسرائيل بالقيام بكل الإجراءات اللازمة للدفاع عن مصالحها.
وتعقيباً على الغارات الجوية التي نُفذت في سورية أخيراً ونُسبت لإسرائيل، قال كاسبيت إن منظومة التنسيق التي تم الاتفاق عليها بين نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يائير جولان ونظيره الروسي نيكالو بكدونسكي قبل شهر، تعمل بشكل جيد. وأوضح أن الروس التزموا بتقديم "إنذار عام" لإسرائيل عندما يخططون لشن غارات في مناطق قريبة من الحدود معها، لا سيما في منطقتي الجولان ودرعا جنوب سورية، في حين أن إسرائيل غير ملزمة بإبلاغ الروس بشكل مسبق عن الغارات التي تُقرر تنفيذها داخل سورية. ونقل كاسبيت عن جنرال إسرائيلي قوله ساخراً: "سماء سورية كبيرة جداً لدرجة أن سلاحي الجو الروسي والإسرائيلي بإمكانهما العمل فيها من دون مشاكل".
وفي السياق نفسه، قال معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، رون بن يشاي، إن التقديرات السائدة في إسرائيل تؤكد أن الجهد الحربي الذي يبذله الروس والإيرانيون في سورية لم يحقق إلا نتائج متواضعة حتى الآن، مشيراً إلى أن القصف المكثّف الذي يقوم به الطيران الروسي "لم يُثر انطباع" قوى المعارضة السورية المسلحة ولم يؤثر على معنويات مقاتليها ولا يوجد ما يؤشر على أنه سيقنع هذه القوى بتقديم تنازلات سياسية.
وفي مقال نشره موقع الصحيفة، نوّه بن يشاي إلى أن المعلومات المتوفرة لدى إسرائيل تؤكد أن حالة الإحباط أفضت إلى مظاهر توتر كبيرة بين الجنرالات الروس والإيرانيين المتواجدين على الأرض السورية. وأشار إلى أن الإيرانيين يشكون من انكشافهم أمام ضربات المعارضة السورية لعدم توفير الروس الغطاء الجوي الكافي لهم، مما أدى إلى فشلهم في تحقيق تقدّم يذكر في شمال سورية.
اقرأ أيضاً: سقوط دعوة روسيا لمباحثات حول سورية قبل حصولها
وأوضح بن يشاي أن زيادة عدد القتلى في صفوف الإيرانيين فاقم من إحباطهم وانزعاجهم من الأداء العسكري الروسي، لافتاً إلى أن الجنرالات الروس في المقابل ينتقدون الإيرانيين لأنهم كثّفوا من استخدام المطار العسكري في محيط اللاذقية، والذي قام سلاح الجو الروسي بتوسيعه من أجل تلبية حاجات طائراته، منوهاً إلى ان الروس يشكون من زيادة الإيرانيين وتيرة استخدام المطار في نقل العتاد العسكري من إيران إلى سورية. وأكد بن يشاي أن الروس منزعجون أيضاً من طابع المعلومات الاستخبارية التي يزودهم بها الجيش السوري حول مقاتلي قوى المعارضة السورية المسلحة، مشيراً إلى أن هذه المعلومات تساعد الطيران الروسي في ضرب أهداف داخل المدن فقط، في حين لا يوجد لدى السوريين معلومات دقيقة حول أماكن تواجد قوات المعارضة في الأرياف. وأشار إلى أن الروس اضطروا للحصول على معلومات استخبارية، إلى توظيف الطائرات من دون طيار ووسائل تقنية أخرى وهو ما أثّر سلباً على سير الغارات ونتائجها، لافتاً إلى أن هناك معلومات مؤكدة حول سقوط عشرة جنود روس قتلى على الأقل منذ بداية التدخل الروسي، وهو ما يسبّب إحراجاً كبيراً لرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي سياق متصل، دحض البروفسور الإسرائيلي إيال زيسر التقديرات القائلة بأن الأميركيين معنيون بإفشال التدخّل الروسي العسكري في سورية. وفي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"، نوّه زيسير، إلى أن الأميركيين يعون أن الفراغ الذي سيتركه الروس في حال فشلوا سيملأه "المتشددون" وهو ما لا يخدم المصالح الأميركية. وأوضح أن الأميركيين يعون حالياً حجم الخطأ الذي وقعوا فيه عندما ساندوا المجاهدين الأفغان في حربهم على الاتحاد السوفياتي، وباتوا يعلمون الآن أن خسارة الروس في سورية لا تعني ربحهم.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في عددها الصادر أمس الأول، أن الروس يجرون اتصالات جس نبض مع قيادات داخل النظام السوري في سعيهم للبحث عن بديل عن رئيس النظام السوري بشار الأسد. وأشارت الصحيفة إلى أن الروس أجروا اتصالات مكثفة مع مدير مكتب الأمن الوطني السوري، علي مملوك، متوقعة أن يكون الروس قد حاولوا معرفة مدى استعداده لخلافة الأسد. وأشارت الصحيفة إلى أن الروس يرون في المملوك مرشحاً مناسباً لخلافة الأسد لأنه علوي وبإمكانه ضمان احتفاظ النظام بدعم وولاء الطائفة العلوية علاوة على أنه شخصية "جدية". واستدركت الصحيفة أن الروس مستعدون للقبول بسيطرة النظام على جزء من سورية يضم الشريط الساحلي والعاصمة دمشق، لأن هذه المنطقة تضمن تحقيق مصالحهم الاستراتيجية، لا سيما تأمين بقاء ميناء طرطوس تحت سيطرتهم.
اقرأ أيضاً: إسرائيل وروسيا تلتقيان على سورية عبر "خط اتصال ساخن"