18 أكتوبر 2024
إسلاميو لبنان ولبْننة الخطاب الديني
خلال أسبوع واحد، نظّم إسلاميو لبنان مؤتمرين حاشدين حملا رسائل عديدة، وأكّدا الحضور في الساحة الإسلامية اللبنانية بفعالية، خصوصاً في ظل حالة الإحباط التي تعيشها هذه الساحة في ضوء الصدمات التي تلقتها خلال العقدين الأخيرين. نظّمت هيئة العلماء المسلمين (تضم علماء دين سنّة) مؤتمراً علمائياً في بيروت، حضره أكثر من 350 عالم دين لبناني، ينضوون في الهيئة، وهم من مختلف التوجهات الإسلامية، ولكن يغلب على عضويتها العلماء الذين يؤمنون بأفكار سياسية، وعلى صلة بحركات "الإسلام السياسي". وقد تزامن تشكيل الهيئة مع ثورة الشعب السوري، وأدّت دوراً كبيراً ومهماً، وما تزال، في الدفاع عن هذه الثورة، وعن حقوق اللاجئين السوريين في لبنان، فضلاً عن حقوق المسلمين في لبنان، لا سيما قضية الموقوفين الإسلاميين. وقد برزت بوضوح في أحداث بلدة عرسال عندما خُطف جنود لبنانيون، وقامت حينها الهيئة بدور الوساطة في محاولة لإطلاق سراحهم، وتعرض علماؤها إلى مخاطر جمّة، كادت تقتل بعضهم عندما تعرضوا لكمين من مسلحين مجهولين.
كانت الهيئة يومها تقدّم اهتماماتها تلك على الاهتمامات اللبنانية، لكن الملفت في مؤتمر 7 مايو/ أيار 2017 أن منسوب الاهتمام بالقضايا الوطنية اللبنانية ارتفع، في خطابها، وبات مقدّماً على القضايا الأخرى، وباتت تركز أكثر على القضايا اللبنانية، ومصالح المسلمين في لبنان. وأكثر من ذلك، تبدّلت الصورة النمطية التي كانت مأخوذة عنها، وذلك من خلال فتحها علاقات وصداقات مع مسؤولين في الحكومة اللبنانية، وحتى مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتركيزها على الأمور التي تعتقد أنها تحصّن الواقع اللبناني عن الاخترق الأمني أو الأخلاقي أو الفوضى، وتطالب بقيام دولة المؤسسات والقانون، وهو ما يعدّ تطوراً وتقدّماً في خطاب الهيئة واهتمامها، وهو ما يمنحها مزيداً من الثقة في الوسط الإسلامي، وحتى على مستوى الوطن، خصوصا وأنها لم تناصب المرجعية الدينية الرسمية (دار الفتوى) العداء أو المزايدة، بل أكدت على تكاملها مع هذه المرجعية.
وإلى مؤتمر الهيئة، نظّمت الجماعة الإسلامية في لبنان (تنتمي فكرياً إلى تيار الإخوان المسلمين) مؤتمراً واسعاً يوم 14 مايو/ أيار الجاري، في بيروت، عنوانه "رؤية وطن" بحضور رسمي لممثلي الرؤساء الثلاثة في لبنان (الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة) إضافة إلى وزراء ونواب وممثلي بعثات دبلوماسية وسياسية وحزبية، فضلاً عن كوادرها وقياداتها في المناطق، وبلغ عدد الحضور قرابة ألف وخمسمائة شخص، وقد قدّمت أمام وسائل الإعلام والمدعوين رؤيتها للواقع اللبناني، وسبل معالجة هذا الواقع على المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك، فضلاً عن رؤيتها للدولة وأجهزتها المختلفة وسياستها الخارجية.
الملفت في مؤتمر الجماعة أن خطابها ورؤيتها جاءت منصبّةً بشكل كبير وأساسي على القضايا الوطنية المحلية، وأكدت خلالها لبنانيتها بشكل كامل، كما أكّدت تطلعها إلى قيام دولة مؤسساتٍ، تعتمد القانون والمساواة بين المواطنين، وتكون المواطنة أساسها، وترفض الانتماء إلى أيٍّ من المحاور الإقليمية، وإن كانت تشدّد على العداء مع الكيان الإسرائيلي، وعلى أن يبقى لبنان جزءاً من الوطن العربي، ومن الدول التي تساند حق الشعوب في تقرير مصيرها، فكانت رؤيةً وطنيةً لبنانية، بكل ما تعني الكلمة من معنى، وقد حملت توجهاً جديداً واضحاً يؤكد على الانخراط في القضايا المحلية على حساب القضايا المركزية الكبرى.
واضح أن الإسلاميين اللبنانيين، من خلال المؤتمرين، وسلسلة مواقف وإجراءات، يتجهون أكثر من قبل إلى لبننة خطابهم الديني والسياسي، وإلى تركيز اهتمامهم على القضايا المحلية، من دون إغفال القضايا الكبرى، ما يضعهم أمام مسؤولية جديدة وجسيمة في آن، فحالة الإحباط التي تعيشها الساحة المسلمة في لبنان تحتاج إلى مشروع جديد يخرجها منها، في وقت يشعر الكثيرون أن تيار المستقبل الذي يتمتع بحضور كبير في الساحة المسلمة السنّية لم يتمكن من إزالة حالة الإحباط التي تنامت في الفترات الأخيرة، لظروف وأسباب كثيرة. وتعتبر خطوة الإسلاميين في زيادة منسوب اللبننة في خطابهم ومواقفهم واهتماماتهم أملاً لمسلمين لبنانيين كثيرين توّاقين إلى الخروج من حالة الجمود والمراوحة والفساد، ولكن ذلك يؤكد مرة جديدة أن التحدّي كبير أمام الاسلاميين، لتأكيد قدرتهم على الإسهام في إنقاذ البلد من أزماته الكثيرة التي أرهقت اللبنانيين، وهددّت وطنهم بالانهيار أكثر من مرة.
كانت الهيئة يومها تقدّم اهتماماتها تلك على الاهتمامات اللبنانية، لكن الملفت في مؤتمر 7 مايو/ أيار 2017 أن منسوب الاهتمام بالقضايا الوطنية اللبنانية ارتفع، في خطابها، وبات مقدّماً على القضايا الأخرى، وباتت تركز أكثر على القضايا اللبنانية، ومصالح المسلمين في لبنان. وأكثر من ذلك، تبدّلت الصورة النمطية التي كانت مأخوذة عنها، وذلك من خلال فتحها علاقات وصداقات مع مسؤولين في الحكومة اللبنانية، وحتى مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، وتركيزها على الأمور التي تعتقد أنها تحصّن الواقع اللبناني عن الاخترق الأمني أو الأخلاقي أو الفوضى، وتطالب بقيام دولة المؤسسات والقانون، وهو ما يعدّ تطوراً وتقدّماً في خطاب الهيئة واهتمامها، وهو ما يمنحها مزيداً من الثقة في الوسط الإسلامي، وحتى على مستوى الوطن، خصوصا وأنها لم تناصب المرجعية الدينية الرسمية (دار الفتوى) العداء أو المزايدة، بل أكدت على تكاملها مع هذه المرجعية.
وإلى مؤتمر الهيئة، نظّمت الجماعة الإسلامية في لبنان (تنتمي فكرياً إلى تيار الإخوان المسلمين) مؤتمراً واسعاً يوم 14 مايو/ أيار الجاري، في بيروت، عنوانه "رؤية وطن" بحضور رسمي لممثلي الرؤساء الثلاثة في لبنان (الجمهورية والمجلس النيابي والحكومة) إضافة إلى وزراء ونواب وممثلي بعثات دبلوماسية وسياسية وحزبية، فضلاً عن كوادرها وقياداتها في المناطق، وبلغ عدد الحضور قرابة ألف وخمسمائة شخص، وقد قدّمت أمام وسائل الإعلام والمدعوين رؤيتها للواقع اللبناني، وسبل معالجة هذا الواقع على المستويات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك، فضلاً عن رؤيتها للدولة وأجهزتها المختلفة وسياستها الخارجية.
الملفت في مؤتمر الجماعة أن خطابها ورؤيتها جاءت منصبّةً بشكل كبير وأساسي على القضايا الوطنية المحلية، وأكدت خلالها لبنانيتها بشكل كامل، كما أكّدت تطلعها إلى قيام دولة مؤسساتٍ، تعتمد القانون والمساواة بين المواطنين، وتكون المواطنة أساسها، وترفض الانتماء إلى أيٍّ من المحاور الإقليمية، وإن كانت تشدّد على العداء مع الكيان الإسرائيلي، وعلى أن يبقى لبنان جزءاً من الوطن العربي، ومن الدول التي تساند حق الشعوب في تقرير مصيرها، فكانت رؤيةً وطنيةً لبنانية، بكل ما تعني الكلمة من معنى، وقد حملت توجهاً جديداً واضحاً يؤكد على الانخراط في القضايا المحلية على حساب القضايا المركزية الكبرى.
واضح أن الإسلاميين اللبنانيين، من خلال المؤتمرين، وسلسلة مواقف وإجراءات، يتجهون أكثر من قبل إلى لبننة خطابهم الديني والسياسي، وإلى تركيز اهتمامهم على القضايا المحلية، من دون إغفال القضايا الكبرى، ما يضعهم أمام مسؤولية جديدة وجسيمة في آن، فحالة الإحباط التي تعيشها الساحة المسلمة في لبنان تحتاج إلى مشروع جديد يخرجها منها، في وقت يشعر الكثيرون أن تيار المستقبل الذي يتمتع بحضور كبير في الساحة المسلمة السنّية لم يتمكن من إزالة حالة الإحباط التي تنامت في الفترات الأخيرة، لظروف وأسباب كثيرة. وتعتبر خطوة الإسلاميين في زيادة منسوب اللبننة في خطابهم ومواقفهم واهتماماتهم أملاً لمسلمين لبنانيين كثيرين توّاقين إلى الخروج من حالة الجمود والمراوحة والفساد، ولكن ذلك يؤكد مرة جديدة أن التحدّي كبير أمام الاسلاميين، لتأكيد قدرتهم على الإسهام في إنقاذ البلد من أزماته الكثيرة التي أرهقت اللبنانيين، وهددّت وطنهم بالانهيار أكثر من مرة.