في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين تاريخ الفلسفة والفكر والسيرة المصوّرة والتاريخ الجسد والمسرح والنقد والشعر.
■ ■ ■
عن منشورات "ألموثارا"، صدر مؤخّراً كتاب "تاريخ الفلسفة" للباحث الإسباني سانتياغو نافاخاس، والذي يبدو وقد دخل في هذا العمل مغامرة فكرية جديدة؛ حيث إن إصداراته السابقة تميّزت بطرافة استعمالاتها للفلسفة، وأبرزها كتابه "من نيتشه إلى مورينو.. الدليل الفلسفي لعصر الأزمة"، وفيه يربط بين الفلسفة وكرة القدم. العمل الجديد يعود إلى موضوع أَثير في الفلسفة وهو العودة إلى تاريخها، يفعل نافاخاس ذلك من خلال مناقشة أفكار من أفلاطون إلى برغسون متسائلاً في كلّ مرّة عن فائدتها للإنسان الحديث.
في طبعة مشتركة بين "الروافد الثقافية" و"ابن النديم"، صدر مؤخّراً كتاب "الإسلام والحكم، دراسات في المسألة السياسية في الفكر الإسلامي المعاصر" للباحث الجزائري الزواوي بغُّورة. يعود العمل إلى أبرز السجالات التي عرفتها السياسة في العالم العربي؛ مثل خيار الدولة العلمانية ومسألة الخلافة، إلى جانب مسائل أخرى في الفكر السياسي. وقد أصدر الباحث في هذا الإطار: "النظريات السياسية والأخلاقية لفلاسفة الإسلام"، كما صدرت له أعمال أخرى، منها: "مدخل إلى فلسفة ميشيل فوكو" و"الاعتراف: من أجل مفهوم جديد للعدل".
صدر مؤخّراً كتاب "هيرمان هِسّه.. سيرة مصوّرة" لـ فولكر ميتشِلز بترجمة ثائر ديب عن منشورات "فواصل". تُعدّ السيَر المصوّرة من أكثر أنواع الكتابة البيوغرافية رواجاً في الغرب مقابل غيابها في العالم العربي. يسرد العمل حياة الكاتب الألماني من طفولته نهاية القرن التاسع عشر إلى رحيله سنة 1962؛ حيث يُظهرنشأته ومواقفه المضادّة لصعود النازية، وصولاً إلى خيارات الكتابة التي عرفت فترتَين: الأولى كانت محكومة بكثير من عدم الاستقرار، والثانية تُمثل مرحلة اعتراف بإبداعه، خصوصاً بعد حصوله على "نوبل للآداب" سنة 1946.
"العشق في النصوص المقدّسة" عنوان الكتاب الذي صدر مؤخّراً للباحثة زهرة ثابت عن "دار الرافدين" و"مسكلياني". يستقصي العمل حضور الجسد في النصوص المقدّسة، وتعتبر ثابت أنه "ما من نص مقدّس إلا وكان الجسد فى سلوكه وطقوس أكله وشربه وطهارته وعبادته ومراسم تدبيره والاحتفال به ديدنه الأكبر، وما من نص مقدّس أيضاً إلا وكانت انفعالات النفس الخفيّة فى هذا الجسد همّه الأبعد". تقف المؤلّفة على مفارقة تتمثّل في أن حضور الجسد في النصوص المختلفة تقابله عملية إقصاء في الفضاء الاجتماعي وتلبيسه بالخطيئة.
صدرت مؤخّراً، عن "دار الآداب"، ترجمة جديدة إلى العربية لكتاب "العالم والنص والناقد" لـ إدوارد سعيد، أنجزها محمد عصفور. مثّل هذا العمل منطلقاً جديداً للنظرية الأدبية المعاصرة، وفيه يتبنى سعيد فكرةً تقول إن الخطاب النقدي الحديث تعزّز بفضل كتابات ديريدا وفوكو، وبتأثيرات الماركسية والبنيوية والألسنية وعلم النفس؛ إلّا أن الأساليب والمدارس النقدية كانت ذاتَ تأثيرات معوِّقة أيضاً لكونها أَخضعت الأعمال الأدبية لمتطلّبات النظرية، متجاهلةً العلائق المعقّدة التي تربط تلك الأعمال بالعالم.
عن منشورات "إيرولس"، صدر مؤخّراً "الكتاب الكبير للمسرح" لـ لوك فريتش، وهو رجل مسرح وباحث فرنسي يجمع في هذا العمل بين التحليل الفنّي والكتابة التاريخية؛ حيث يتابع تطوّر المسرح والتنظير حوله من العصور القديمة إلى أيامنا، كما يُقدّم تقنيات المسرح من الإنارة والسينوغرافيا إلى النظريات الإخراجية ومختلف المسارح التي نبعت منها. أخيراً، يخصّص المؤلّف جزءاً من كتابه لدراسة حول الأجناس في المسرح، من التراجيديا إلى مسرح الأفكار، معتبراً أن هذه المسألة مهملة مقارنة بالدراسات المخصّصة لها في الأدب والسينما والموسيقى.
ضمن سلسلة "البلاغة الجديدة وتحليل الخطاب"، صدر مؤخّراً كتاب "إشكاليات الحِجاج في المفهوم والتوصيف" لـ صلاح حاوي عن منشورات "شهريار". يشير المؤلّف إلى الاهتمام الذي حظي به الحجاج في الغرب، خصوصاً ضمن الدراسات اللسانية بداية من منتصف القرن العشرين، كما يشير إلى وجود متابعة عربية لهذا الإنتاج من خلال الترجمة، كما في التدريس والتأليف. يؤكّد حاوي وجود ضبابية في استعمالات المصطلحات والمفاهيم الخاصة بدراسة الحجاج، ويعود ذلك إلى توزّع هذا المبحث بين مجلات عدّة؛ مثل المنطق واللسانيات الفلسفة.
عن "دار صفحات"، صدر حديثاً "معجم شعراء فلسطين في العصر الحديث والمعاصر" للباحث الفلسطيني خليل محمود الصمادي. يسجّل الكتاب بشكل أقرب إلى الأرشفة التجارب الشعرية الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها، مُقدّماً سيَر قرابة ألف ومئتَي شاعر وشاعرة من فلسطين التي يُلاحظ الباحث أنها حضرت بأشكال ومقاربات متعدّدة في قصائدهم منذ نكبة 1948. يُخصّص العمل جانباً للإضاءة على شعراء ارتبطت أسماؤهم بالمقاومة؛ سواء بتعرّضهم إلى الاعتقال، أو بمشاركتهم في الكفاح المسلّح؛ كما هو الأمر بالنسبة إلى نوح إبراهيم وعبد الرحيم محمود.