"بقتلي لن يموت الحق بل خابت مساعيكم، وموتي في سبيل الله يحييني ويفنيكم"، هذه الكلمات تصدرت طوفاناً من التعليقات والصور، شهدته مواقع التواصل الاجتماعي في نعي محمود رمضان بعد الإعلان عن إعدامه. وهي أول حالة إعدام لمعارضي الانقلاب، والمتهم من السلطات بأنه قاتل الأطفال في عمارة سيدي جابر في الإسكندرية، بناء على فيديو غير واضح، ولكنه مصحوب بأمواج من الصراخ والضجيج الإعلامي.
وما إن انتشر خبر تنفيذ الإعدام في محمود رمضان، حتى قفز اسمه إلى الأكثر تداولاً على موقع "تويتر"، ودشّن أكثر من وسمٍ (هاشتاغ) مثل "#إعدام_بريء" و"#محمود_رمضان_بريء" ليعلن الناشطون تضامنهم الكامل مع رمضان، بوصف إعدامه حادثة دنشواي جديدة في عهد السيسي.
وحاول الناشطون من خلال تعليقاتهم التعبير عن حالة القهر والشعور بالظلم، والدعوة إلى العودة إلى الثورة من جديد على نظام يبرّئ قتلة شعب، ويعدم معارضاً، بعيداً عن أي محاكمة شفافة أو قانونية.
وكانت برامج "التوك شو" حاضرة بقوة للتعليق. فالإعلامي محمد ناصر وصف رمضان بـ"الشهيد الذي ذهب ضحية داخلية فاشلة وعسكر فاشل وقضاء أصلاً فاشل". وعلى الرغم من قتل العشرات من معارضي النظام في نفس الموقع، إلا أن الإعلام فضّل التركيز على جريمة واحدة وهي إلقاء الأطفال، بدل التركيز على الجريمتين، كما يفترض بأي إعلام مهني.
المستشار وليد شرابي، كشف في حواره على قناة "الجزيرة" عن مفاجأة من العيار الثقيل، تمثلت في أن المستشار عادل الشوربجي، والذي أصدر الحكم بتأييد إعدام رمضان، كان مرشحاً لمنصب وزير العدل، ما يعني محاولته إرضاء النظام بهذا الحكم، للوصول إلى المنصب الذي يطمح إليه.
في حين فضح الكاتب محمد القدوسي ضيف قناة "الجزيرة" هزلية المحاكمة، فأوضح أن محامي رمضان حسني دويدار، والذي قدم الطعن على الحكم، تم حبسه لحين انتهاء فترة المرافعات، بل عندما استعانت الأسرة بمحامٍ آخر، تم تهديده بالاعتقال، ما دفعه لترك القضية، وهذا يحطم مصداقية القضية والمحاكمة من الأساس.
على الجانب الآخر من طرفي الصراع، اعتبر وائل الإبراشي إعدام رمضان بداية لإعدام الرئيس المعزول محمد مرسي وقيادات الإخوان. في حين دخل أحمد موسى في هيستيريا اعتادها مشاهدوه، وذلك لإطلاق بعضهم على محمود رمضان لقب شهيد، واتفق مع الإبراشي في اعتبار إعدام رمضان بداية لإعدام مرسي ورفاقه.
في حين اعتبرت لينا محمد، زوجة محمود رمضان أن زوجها راح "ضحية لأكبر عملية تضليل إعلامي في تاريخ البلاد". وأضافت في تصريحات لوكالة "الأناضول": "محمود نزل مظاهرة عشان عزل الدكتور محمد مرسي، وكان في هناك بلطجية أعلى العقار في منطقة سيدي جابر بالإسكندرية يلقون كسر سيراميك وحجارة على المتظاهرين المؤيدين لمرسي، وكان معهم خرطوش.. وصعد محمود ومجموعة من المتظاهرين لكفّ أذاهم أعلى بناية، وهناك حدثت المشاجرة بين البلطجية أعلى خزان"، وأكدت: "أنا سأدافع عن محمود حيًّا وميتًا، ولن أترك حقه".
هذا الجدل الحاصل في برامج "توك شو"، لم تخلُ منه مواقع التواصل، وإن اكتست أغلبها تعاطفاً مع رمضان، فأغلب مؤيدي السيسي هللوا وطبلوا لإعدام شخص لم تثبت عليه جريمة القتل، لا لشيء إلا كُرْها ونكاية في معارضي السيسي والإخوان.
فالكاتبة فاطمة ناعوت ضبطت نفسها متلبسة وقالت: "رغم رفضي القتل في كافة صوره للإنسان والحيوان، إلا أنني ضبطت نفسي متلبسة بشيء من الراحة لإعدام سفاح الأطفال محمود رمضان اليوم". وعلقت الصحافية حنان شومان على تضامن الناشطين مع رمضان وقالت: "كلكم محمود رمضان، طب ماشي يلا بالسلامة، بس مش عايزين حمرئة وقت الجد، ونرجع في كلامنا، أوك يا كابتن منك له؟".
وعلى الجانب الآخر، صبت تعليقات المعارضين في اتجاه فاشية دولة السيسي، وتسييس قضائه، الذي يستخدم في تصفية المعارضين، فقال الإعلامي أيمن عزام: "يبدو أن محمد إبراهيم كان وزير المذابح الجماعية، وجاء الوزير الجديد ليبدأ مرحلة الإعدامات الجماعية التي كان باكورتها الشهيد #محمود_رمضان".
في الوقت الذي اعتبر الخبير الأمني العميد طارق الجوهري إعدام رمضان انتقالا لمرحلة جديدة من التعامل الأمني مع المعارضين، وقال: "إعدام محمود رمضان مع كمّ المداهمات الذي حدث اليوم، هو ما نطلق عليه سياسة الوزير الجديد... الانتقال من القمع العلني إلى القمع المكتوم، وذلك بتكثيف المداهمات والاعتقالات وسرعة تنفيذ الأحكام، مقابل الحد من القتل العلني للمتظاهرين، وهو الأمر الذي يحتاج إلى تجهيز سجون، وتفاعل سريع من القضاة، وبذلك تتم العودة إلى الحقبة المباركية العدلية".
وقارن بعضهم بين أداء القضاء في قضية رمضان، وعدة قضايا أخرى أهمها قتل الثوار والطفلة الشهيرة زينة، والذي برّأ القضاء قاتلها، فقال الحساب الساخر الذي يحمل اسم السيسي: "القضاء اللي أعدم #محمود_رمضان، هو نفسه اللي حكم سنتين على اللي اغتصبوا زينة ورموها من الدور 11 واعترفوا بجريمتهم كمان".
وعن التراشق بالفيديوهات، والحرب النفسية التي يلعبها الإعلام للعب بعقول المصريين، قال الناشط الملقب بـ"شريفوفيتش": "الناس اللي بتهلل لإعدام محمود رمضان بحجة إن الفيديو وهو بيقتل موجود وكده، ورّيهم فيديوهات قتل وسحل الشرطة للناس هيقولولك ده فوتوشوب". وعلق الصحافي أشرف صابر: "خلاص محمود رمضان مات، النائب العام المجرم استند إلى فيديو دليل براءته واعتبره دليل إدانة وظلمه ونفّذ فيه حكماً أصدره قاضٍ مجرم.. مش هنسيب حقك".
وعن الرسالة التي أراد النظام إيصالها إلى المعارضين في رأي بعضهم، علق الحقوقي هيثم أبو خليل: "رسالتكم لم تصل، ودماء محمود رمضان ستصبح لعنة عليكم وعلى مؤتمركم الاقتصادي". وأرجع الناشط عبد الرحمن عز مقتل رمضان إلى "محمود اتحاكم واتعدم ظلم عشان ما كانش عنده واسطة تكلم عباس مدير مكتب السيسي عشان يكلم القاضي إنه يطلعه براءة".