رغم عدم وجود قانون دولي يحكم المؤسسات الإعلامية والمحطات التلفزيونية حول العالم بقوانين أخلاقية، إلا أن أغلب القنوات الإعلامية التزمت بمبادئ حقوق الإنسان التي نصت عليها اتفاقية جنيف. وهذا الالتزام الأخلاقي هو وحده الذي ردع القنوات الإعلامية عن عرض الأشلاء والجثث، أو تشويش وجوه الضحايا على الأقل.
إلا أنّ الإعلام في بعض الدول لم يلتزم بأخلاق المهنة المتعارف عليها، مثل إعلام النظام السوري، والذي بصفته ذراعاً للنظام، استعرض في سنوات الحرب، مشاهد دموية وأعضاء وأشلاء بشرية لا تتواجد عادةً بهذا الكم، حتى في أفلام الرعب العنيفة.
وتحت مسمى "الإعلام الحربي"، نقلت المحطات الإعلامية التابعة للنظام السوري بشكل يومي وبطريقة إعلانية بحتة العمليات العسكرية لجيش النظام و"انتصاراته". كما نقلت أيضاً التفجيرات وصورا لأشلاء الجثث بعد المجازر، من خلال عدسة تعاملت مع الموت ببراغماتية، واستغلت الجسد السوري كوثيقة لإثبات نظرية المؤامرة التي تؤمن بها.
قناة "سما" الفضائية، وهي إحدى أبرز قنوات النظام، تنقل بشكل دوري صوراً من مستشفيات حلب. وعلى مدخل الإسعاف تقف المذيعة والكاميرا لترصد المسعفين والمصابين، وتطرح عليهم الأسئلة فور وصولهم، وتسارع إلى سؤالهم عن رأيهم في "الإرهاب الذي يتعرضون له". فيلعب الحضور المزروعون في ممرات المستشفى دورهم، ويناشدون رئيس النظام أمام المنكوبين للاستمرار في عمليات الحسم العسكري، والضرب بيد من حديد. وتصوّر الكاميرا أثناء الحوار المبتذل والمكرر رجالا قطعت أذرعهم، وفي بعض الأحيان تزداد جرعة الشحن العاطفي، فتقوم بتصوير أطفال رضّع مصابين بجروح مريعة، وتسببت العمليات العسكرية في تشويههم، وتتوّج المراسلة المشهد بسؤال لا يلائم المشهد، وتقول "مين عمل فيك هيك؟".
أمّا في أماكن التفجيرات والقذائف، فيُسارع التلفزيون السوري إلى تصوير الجثث والأشلاء، ويباغت المراسلين الحضور ليستغل حالة الذعر المخيّمة على المكان، ويتم ربط الصورة العنيفة
بكلمات الحضور التي تنم عن الذعر، بالإضافة إلى جمل يكررها كادر العمل بعد كل حادثة، مثل "الله لا يوفقهم خربوا البلد"، "تعالوا شوفوا الحرية شو عملت فينا".
يعمل النظام السوري بشكل ممنهج على استغلال الأوضاع الصعبة للمدنيين من أجل الترويج لفكرة أن الحرية المطالب بها هي ما تسببت في مآسي السوريين، وأن النظام هو الطرف الوحيد الذي يعمل على حماية المدنيين. ولذلك ترتبط المشاهد العنيفة والدموية في قنوات النظام بمفهومين: الأول، هو الاستفزاز العاطفي لإثبات نظرية المؤامرة. والثاني، هو الترهيب والتخويف من مصير المعارضة.
فمنذ عام 2011 وقنوات النظام تنقل صور العمليات العسكرية للجيش برفقة جثث منكّل بها لتبرز انتصاراتها، ودموية عقابها للمعارضين. وأفرز هذا النوع من الإعلام نموذجاً غريباً من الإعلاميين. فبعضهم تزاحموا لتصوير المشاهد الأكثر دموية بغرض كسب شهرة، ومنهم من استطاع أن يبني شهرته من خلال استفزاز المشاهد بالصورة، مثل مراسلة قناة "سما" في حلب، كنانة علوش، التي التقطت "سيلفي" مبتسمة بين جثث مقاتلي المعارضة.
ورغم فضحها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونقدها من قبل الموالين والمعارضين، إلا أن مسيرتها المهنية لم تتأثر، وما زالت إلى اليوم تعمل كمرسلة حربية في نفس القناة، وتضحك أثناء وقوفها بين الجثث والجرحى بشكل يناقض كل قوانين حقوق الإنسان المتعارف عليها إعلامياً واجتماعياً.
اقــرأ أيضاً
وتحت مسمى "الإعلام الحربي"، نقلت المحطات الإعلامية التابعة للنظام السوري بشكل يومي وبطريقة إعلانية بحتة العمليات العسكرية لجيش النظام و"انتصاراته". كما نقلت أيضاً التفجيرات وصورا لأشلاء الجثث بعد المجازر، من خلال عدسة تعاملت مع الموت ببراغماتية، واستغلت الجسد السوري كوثيقة لإثبات نظرية المؤامرة التي تؤمن بها.
قناة "سما" الفضائية، وهي إحدى أبرز قنوات النظام، تنقل بشكل دوري صوراً من مستشفيات حلب. وعلى مدخل الإسعاف تقف المذيعة والكاميرا لترصد المسعفين والمصابين، وتطرح عليهم الأسئلة فور وصولهم، وتسارع إلى سؤالهم عن رأيهم في "الإرهاب الذي يتعرضون له". فيلعب الحضور المزروعون في ممرات المستشفى دورهم، ويناشدون رئيس النظام أمام المنكوبين للاستمرار في عمليات الحسم العسكري، والضرب بيد من حديد. وتصوّر الكاميرا أثناء الحوار المبتذل والمكرر رجالا قطعت أذرعهم، وفي بعض الأحيان تزداد جرعة الشحن العاطفي، فتقوم بتصوير أطفال رضّع مصابين بجروح مريعة، وتسببت العمليات العسكرية في تشويههم، وتتوّج المراسلة المشهد بسؤال لا يلائم المشهد، وتقول "مين عمل فيك هيك؟".
أمّا في أماكن التفجيرات والقذائف، فيُسارع التلفزيون السوري إلى تصوير الجثث والأشلاء، ويباغت المراسلين الحضور ليستغل حالة الذعر المخيّمة على المكان، ويتم ربط الصورة العنيفة
يعمل النظام السوري بشكل ممنهج على استغلال الأوضاع الصعبة للمدنيين من أجل الترويج لفكرة أن الحرية المطالب بها هي ما تسببت في مآسي السوريين، وأن النظام هو الطرف الوحيد الذي يعمل على حماية المدنيين. ولذلك ترتبط المشاهد العنيفة والدموية في قنوات النظام بمفهومين: الأول، هو الاستفزاز العاطفي لإثبات نظرية المؤامرة. والثاني، هو الترهيب والتخويف من مصير المعارضة.
فمنذ عام 2011 وقنوات النظام تنقل صور العمليات العسكرية للجيش برفقة جثث منكّل بها لتبرز انتصاراتها، ودموية عقابها للمعارضين. وأفرز هذا النوع من الإعلام نموذجاً غريباً من الإعلاميين. فبعضهم تزاحموا لتصوير المشاهد الأكثر دموية بغرض كسب شهرة، ومنهم من استطاع أن يبني شهرته من خلال استفزاز المشاهد بالصورة، مثل مراسلة قناة "سما" في حلب، كنانة علوش، التي التقطت "سيلفي" مبتسمة بين جثث مقاتلي المعارضة.
ورغم فضحها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونقدها من قبل الموالين والمعارضين، إلا أن مسيرتها المهنية لم تتأثر، وما زالت إلى اليوم تعمل كمرسلة حربية في نفس القناة، وتضحك أثناء وقوفها بين الجثث والجرحى بشكل يناقض كل قوانين حقوق الإنسان المتعارف عليها إعلامياً واجتماعياً.