بعدما روجت الأذرع الإعلامية التي يحركها ضباط الاستخبارات المصرية، تحت إشراف اللواء عباس كامل، بشكل مكثف إلى أهمية دفع حزب "الوفد" المصري بمرشح رئاسي "حفاظاً على صورة مصر أمام العالم"، امتثل "الوفد" معلناً عن تقديم مرشح للانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة، لمنافسة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وكشفت مصادر مطلعة في حزب "الوفد" المصري أن الحزب سيُعلن رسمياً عن ترشيح رئيسه، السيد البدوي، لانتخابات الرئاسة، السبت المقبل، عقب اتخاذ القرار النهائي في اجتماع الهيئة العليا للحزب، وفقاً للائحته المنظمة، مشيرة إلى أن الإعلان المرتقب سيؤكد أن قرار الحزب "تم اتخاذه من دون أي ضغوط أو تدخلات خارجية"، علماً أن رئيس الحزب أعلن، في 19 يناير/كانون الثاني الحالي، أنه تقرر بشكل نهائي أن يكون السيسي هو مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في مارس/آذار المقبل.
ووفقاً للمصادر، فإن ضباطاً في الاستخبارات تواصلوا مع بعض قيادات الحزب، لطمأنتهم بشأن إمكانية جمع 25 ألف توكيل شعبي في المحافظات المختلفة (اللازمة للترشح)، في أقل من 24 ساعة، من خلال حشد أنصار النظام الحالي، في حالة عدم إقناع 20 نائباً ممن لم يزكوا السيسي بدعم مرشح الحزب، بعدما زكى 36 من نوابه الأخير (منافسه المحتمل).
وتصدرت مواقع "اليوم السابع" و"البوابة نيوز" و"الدستور" الإلكترونية، حملة مطالبة حزب "الوفد" بضرورة خوض الانتخابات، بدعوى أنه من أقدم الأحزاب، ويمتد تاريخه "العريق" في الحياة السياسية المصرية، علاوة على دوره "الوطني" في إعادة الحيوية إلى العملية الانتخابية، وذلك عقب انسحاب جميع المنافسين للسيسي، واحتجاز بعضهم بتهم ملفقة في السجون.
وفيما دشنت لجان السيسي وسم "#أين_حزب_الوفد_من_انتخابات_الرئاسة"، على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، كتب الإعلامي تامر عبدالمنعم الذي أظهرت تسريبات أخيرة تلقيه للتعليمات من ضابط استخبارات، يدعى أشرف الخولي، قائلاً: "أين حزب الوفد من انتخابات الرئاسة؟ هل لدينا أعرق من هذا الحزب للمنافسة على منصب رئيس مصر؟".
بدوره، قال البرلماني مصطفى بكري على حسابه الشخصي "من حقي أن أسال، أين حزب الوفد من الانتخابات الرئاسية، هل عجز الحزب عن تقديم مرشح للانتخابات؟" مضيفاً "لقد فعلها قبل ذلك، والآن يقف صامتاً، فقط يتابع الأحداث، وكأنه على الحياد.. ثم أين بقية الأحزاب، إننى أدعوكم للحاق بالسباق الانتخابي الرئاسي، فالفرصة لا تزال سانحة".
وجاءت هذه الحملة، ثم إعلان "الوفد" عن تقديم مرشح، بعدما أعلن المحامي الحقوقي خالد علي انسحابه من خوض الانتخابات الرئاسيّة المصرية، اعتراضاً على ممارسات السلطة القمعية. وتعرض علي، ليل الأربعاء، لهجوم ضار من قبل الأذرع الإعلامية، واللجان الإلكترونية، الموالية لنظام الرئيس السيسي، مقابل إشادات واسعة بموقفه من جانب شخصيات سياسية وعامة.
وقال الإعلامي تامر أمين، في برنامجه المذاع على قناة "الحياة" الفضائية: "عاوز تخدم الشعب المصري إزاي، وأنت بتنسحب؟" مدعياً أنه حصل على معلومات مفادها أن "انسحاب خالد علي من السباق الرئاسي جاء لعدم قدرته على استكمال التوكيلات الشعبية اللازمة لترشحه، وجمع حملته الانتخابية لنحو ثمانية آلاف توكيل فقط".
بدوره، عبر الإعلامي عمرو أديب عن حزنه لانسحاب خالد علي من الانتخابات، "رغبةً منه في فتح المجال العام وتعدد الرؤى"، معتبراً ما ذكره في مؤتمر إعلان انسحابه عن التحقيق مع رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق، سامي عنان، ضمن صراع الأجهزة "غير صحيح"، بدعوى أن الأخير لم يكن مدعوماً من أي جهاز في الدولة، حتى يكون هناك صراع بين مؤسستين.
وفي برنامجه المذاع على قناة "المحور" الفضائية، اتهم الإعلامي محمد الباز، خالد علي، بـ"بيع الوهم للمصريين"، قائلاً إنه "فشل في جمع توكيلات الناخبين، واضطر للانسحاب من سباق الرئاسة، بعد أن ساق الاتهامات حول منعه من جمع التوكيلات من دون دليل"، مضيفاً: "كان الأولى بالمرشح المحتمل أن يعترف بفشله في تكوين جبهة مؤيدة لترشحه".
فيما وجه الإعلامي أحمد موسى أسئلة عدة لخالد علي، من بينها: "أين التوكيلات التي جمعتها، أو تزكيات نواب البرلمان اللازمة للترشح؟ وهل توجهت رسمياً إلى الهيئة الوطنية للانتخابات، وتقدمت لها بأوراق ترشحك حتى تعلن انسحابك؟"، ثم تابع: "الحديث عن انسحابك غير صحيح، فأنت كان لديك رغبة أو نية في الترشح، ولكنك لم تتقدم رسمياً للترشح".
على الجانب الآخر، أبدى عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وشخصيات عامة ترحيبهم بقرار خالد علي الانسحاب، من خلال تدشين وسم "#شكراً_خالد_علي"، موجهين التحية له، لرفضه لعب دور "الكومبارس"، وإفشال "الديكور الانتخابي" لنظام الرئيس الحالي، باعتبار أن قرار الانسحاب يعد أصعب من قرار الترشح.
وقال العضو السابق بحملة السيسي الانتخابية حازم عبدالعظيم "شكراً خالد علي، لم تخذلنا.. عاشت مصر حرة مستقلة كريمة.. دولة الظلم ساعة، وغداً لناظره قريب.. تحية لكل الشباب اللي اشتغل في الحملة، والجميع يعلم كم المجهود والإخلاص الذي بذلتموه.. لن يضيع مجهودكم هدر، والمستقبل لكم، ولكل شباب مصر الحالم بالتغيير.. رغم حكم العسكر، الذي سنسمع نهايته قريباً".
وكتب نائب رئيس الوزراء السابق في أول حكومة لسلطة الانقلاب، زياد بهاءالدين: "لم تكن انتخابات من الأصل، بل استفتاء أو مبايعة لفترة ثانية.. مع ذلك، ومع الاختلاف في الرأي، فإن التحية والاحترام واجبان لكل من حاول أن يأخذها مآخذ الجد، وأن يخوض المعركة في ظروف لا تمت للديمقراطية بأي صلة".