بدت شوارع قطاع غزة شبه خالية، اليوم الثلاثاء، من حركة المارة والسيارات والتزم عدد كبير من المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة بقرار الجهات الحكومية في القطاع فرض حظر التجول في القطاع لمدة 48 ساعة عقب تسجيل أربع إصابات بفيروس كورونا داخل القطاع من غير المحجورين في المراكز الصحية.
وهذه المرة الأولى التي تفقد فيها الجهات الحكومة سيطرتها على الحالات المصابة بفيروس كورونا من غير المحجورين، بعد جهود واسعة بذلتها على مدار سبعة أشهر لتطويق ومنع تفشي الفيروس داخل القطاع، إلا أنّ التحذيرات كانت تتجه دائماً إلى أنّ الخطر لا يزال قائماً وأنّ السيطرة لا تعني انتهاء الأزمة.
ووفقاً للرواية الرسمية، فإنّ الإصابات الأربع من عائلة واحدة في مخيم المغازي وسط قطاع غزة، ودعت الجهات المختصة في وقت لاحق المواطنين المخالطين للمصابين إلى حجر أنفسهم والتواصل معها من أجل تحديد دائرة انتشار الفيروس.
ووفق آخر إحصائيات لوزارة الصحة بغزة، فإنّ إجمالي الإصابات بالفيروس من المحجورين داخل القطاع وصل إلى 83 إصابة مؤكدة، منها 11 إصابة نشطة ما زالت تحت العناية السريرية، فيما تحسنت 71 حالة، توفيت حالة واحدة لامرأة مسنة.
وأغلقت المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة أبوابها، وقالت وزارة التربية والتعليم إنه "نظراً للظروف الصحية الطارئة فقد تقرر تعليق الدراسة وإغلاق جميع المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة ووكالة الغوث (رياض أطفال ومدارس ومؤسسات تعليم عالٍ) خلال اليومين القادمين، ودعت أهالي الطلبة إلى ضرورة الالتزام بالتعليمات ومنع أبنائهم من الخروج من المنازل.
كما عادت المساجد في قطاع غزة لإغلاق أبوابها بشكل كامل بقرار من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، التي شددت على ضرورة التزام الإجراءات الحكومية المتعلقة بحظر التجول وعدم الخروج للمساجد والأسواق وغيرها إلى حين صدور موقف جديد.
وأكّدت الأوقاف أنّ قطاع غزة اليوم أمام مرحلة جديدة بعد اكتشاف إصابات داخله، تستوجب التعامل الجدي مع التعليمات الصحية المتعلقة بالتباعد وارتداء الكمامات وعدم المصافحة؛ لأن التقصير في الإجراءات يمكن أن يزيد من انتشار الفيروس.
في المقابل، فتحت المخابز والصيدليات أبوابها بشكل معتاد لتلبية احتياجات المواطنين، وفي الوقت الذي فتحت فيه بعض المولات والسوبر ماركت أبوابها، امتنعت أخرى عن فتح أبوابها معلنة التزامها الكامل بقرار حظر التجول.
وشهدت الأسواق الرسمية والشعبية في قطاع غزة إغلاقاً تاماً التزاماً بقرار حظر التجول، في مشهد أعاد لأذهان الفلسطينيين مشاهد حظر التجول في الانتفاضة الأولى إبان الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة.
وطالبت الجهات الحكومية المواطنين بعدم مغادرة منازلهم لمدة 48 ساعة، إلى حين صدور توجيهات جديدة بهذا الخصوص، حفاظاً على صحتهم وسلامة المجتمع، غير أنّ فئة قليلة من المواطنين لم تلتزم بقرار حظر التجول.
وشهدت شوارع القطاع انتشاراً مكثفاً للطواقم الشرطية مرتدين الكمامات، كما تجولت سيارات الشرطة بين الحواري والشارع تطالب المواطنين بالالتزام في بيوتهم.
ومنذ اللحظات الأولى لفرض حظر التجول ليلة أمس، شهدت المخابز ومحلات البقالة والسوبر ماركت حركة غير اعتيادية للمواطنين، تزامناً مع حالة قلق غير مسبوقة خشية تفشي الفيروس في أنحاء قطاع غزة.
والقطاع المحاصر يسجل أعلى نسبة كثافة سكانية على مستوى العالم بعد اقتراب سكانه من مليوني ونصف المليون نسمة يعيشون في 360 كيلومتراً مربعاً، في ظل أزمات صحية واقتصادية ومعيشية غاية في الصعوبة.