وذكر بيان لرئاسة الحكومة التونسية أنه بعد التشاور مع رئيس الجمهورية، قيس سعيد، وعملا بأحكام الفصل 92 و89 من الدستور، تعلم رئاسة الحكومة أنه تقرر إعفاء وزير الدفاع الوطني، عبد الكريم الزبيدي، من مهامه على أن يتولى كريم الجموسي وزير العدل الحالي مهام وزارة الدفاع الوطني بالنيابة.
كما تقرر إعفاء وزير الشؤون الخارجية، خميس الجهيناوي، من مهامه وتكليف صبري باشطبجي، كاتب الدولة بوزارة الشؤون الخارجية، بتسيير شؤون الوزارة طبقا لما تقتضيه النصوص القانونية الجاري بها العمل، وكذلك إعفاء كاتب الدولة للدبلوماسية الاقتصادية حاتم الفرجاني من مهامه.
ومن الناحية الإجرائية والقانونية، فإن رئيس الحكومة، يوسف الشاهد، هو الذي من الوزيرين، وليس رئيس الجمهورية، لأنه بخلاف بقية الوزارات فإن وزارتي الدفاع والخارجية تتم بالضرورة بالتشاور مع رئيس الجمهورية حسب الفصل 92 من الدستور، وليس بشكل مباشر منه.
ولئن كانت إقالة أو استقالة الجهيناوي منتظرة لأسباب عديدة، فإن إقالة الزبيدي تطرح أكثر من سؤال.
وكان الرئيس التونسي قد استقبل، الاثنين، وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، وهو أول وزير خارجية يستقبله سعيد منذ تسلّمه مهامه.
ولاحظ المتابعون من خلال الصور التي نشرتها الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية غياب الجهيناوي، مقابل حضور كل من سفير تونس بإيران طارق بالطيب، ورؤوف بالطيب المرشح لمنصب مدير الديوان الرئاسي (لم يتم تعيينه رسميا إلى الآن).
وأثار غياب الجهيناوي جدلا واسعا في تونس حيث اعتبر البعض أن ذلك يتعارض مع بروتوكولات اللقاءات الرسمية والأعراف الدبلوماسية، وخصوصا أن الوزير الألماني التقى به قبل سعيد في وزارة الخارجية، ولكن تغييبه أظهر بما لا يدع مجالا للشك رغبة الرئاسة في الاستغناء عن خدماته.
وكتب السفير السابق والقيادي في حزب "تحيا تونس"، سمير عبد الله، تدوينة نشرها على صفحته بـ"فيسبوك" اعتبر فيها أن استقبال سعيد لوزير الخارجية الألماني في غياب الجهيناوي يتعارض مع مبدأ استمرارية الدولة، وما يقتضيه البروتوكول والعرف السياسي.
وتداولت في تونس وثيقة نسبت إلى الجهيناوي، اليوم الثلاثاء، تظهر أنه هو الذي تقدم باستقالته ولم تتم إقالته، وذكرت الوثيقة أن هذه الاستقالة جاءت بسبب "استحالة مواصلة مهامه على رأس الوزارة حسب ما تقتضيه الأعراف الدبلوماسية وما يتطلبه ذلك من انسجام بين مؤسسات الدولة خدمة لمصالح تونس وشعبها وإشعاعها على الساحة الدولية"، وهو ما يبيّن رفضه لتغييبه عن الاجتماع المذكور.
ولكن إقالة كاتب الدولة حاتم الفرجاني في الوقت نفسه تشير بوضوح إلى وجود رغبة في إبعاد الفريق الذي كان داعما للرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، وبقي مساندا له إلى آخر لحظة، وخصوصا أن الفرجاني كان يمكن أن يبقى في حكومة تصريف أعمال إلى غاية تشكيل الحكومة الجديدة. ولكن يبدو أن رغبة الإقالة بهذا الخصوص كانت مشتركة بين سعيد والشاهد معا، بالإضافة إلى أن وجود الدبلوماسي السابق عبد الرؤوف بالطبيب، وهو ابن وزارة الخارجية منذ عقود، كانت تؤشر على تغييرات داخل هذه الوزارة ولكنها حدثت بسرعة أكبر من المتوقع.
ولكن الإقالة الغريبة تتعلق بوزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، حيث تؤكد شخصيات مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن العلاقة بينه وبين سعيد كانت جيدة منذ انتخابه وقبل أدائه القسم ودخوله قصر قرطاج، وذهبت إلى حد طرح إمكانية بقائه في الوزارة في التشكيل القادم.
ويؤكد مسؤول حزبي لـ"العربي الجديد"، أنه تحدث معه صباح اليوم، الثلاثاء، ولم يكن هناك ما يؤشر إلى وجود أي تغيير أو أزمة في الأفق، ما يؤكد فرضية وجود اتفاق حصل، أمس الاثنين، في لقاء الشاهد بسعيد، وخصوصا أن الشاهد والزبيدي وصلا إلى نقطة اللاعودة في الخلاف الذي نشب بينهما في الانتخابات الرئاسية.