توقع خبراء في أحاديث مع "العربي الجديد" أن يرتفع الطلب على التسهيلات الائتمانية التي تمنحها البنوك الأردنية خلال الفترة المقبلة، كونها الملاذ المتاح أمام القطاعات الاقتصادية والأفراد لتغطية التزاماتهم المالية المتراكمة بسبب تداعيات فيروس كورونا.
وقال المحلل الاقتصادي عوني الداوود لـ "العربي الجديد" إن انخفاض أسعار الفائدة على القروض الممنوحة من قبل البنوك، وإن جاء متأخرا، فإنه مهم للغاية لجهة تخفيض كلفة الاقتراض، وتخفيف الأعباء عن كاهل المقترضين سواء الأفراد أو المستثمرين، لكن لن يكون الأثر كبيرا على الوضع الاقتصادي.
وأضاف أن نسبة الفائدة، ورغم تخفيضات البنوك، لا تزال مرتفعة، وهنالك فجوة كبيرة ما بين الفائدة على الودائع والتسهيلات الائتمانية، ومن المفيد للاقتصاد الأردني والجهاز المصرفي ذاته أن يتم إجراء تخفيضات ملموسة على فائدة القروض، خاصة القروض الشخصية في ظل الأوضاع الصعبة التي يعاني منها المواطن بسبب التداعيات السلبية لأزمة كورونا.
وشرح أن انخفاض أسعار الفائدة على الودائع والتسهيلات التي منحتها البنوك خلال الخمسة شهور الأولى من العام الحالي يعود الى أسباب مختلفة، أهمها قرارات البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة عدة مرات، وكان آخرها بواقع مرتين في آذار / مارس الماضي.
كما رأى الداوود أن المنافسة بين البنوك، وكذلك حالة الانكماش الاقتصادي التي يمر بها الأردن بسبب جائحة كورونا، أدت إلى انخفاض أسعار الفائدة على الودائع والتسهيلات الائتمانية معا، فيما لا تزال البنوك تحجم عن تخفيض أسعار الفائدة على القروض، رغم قرارات البنك المركزي بتقليص الفائدة على كافة أدوات السياسة النقدية.
وبحسب أحدث بيانات للبنك المركزي الأردني، فقد انخفضت أسعار الفائدة على كافة أنواع الودائع والتسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك المرخصة في الأردن في نهاية أيار/ مايو من العام الحالي بنسب مختلفة بالمقارنة مع مستوياتها المسجلة في نهاية العام الماضي. وبلغ رصيد إجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة من قبل البنوك المرخصة في نهاية شهر مايو ما مقداره 27 مليار دينار.
ويوازي الدينار الواحد حوالي 1.41 دولار. وقال أحد كبار مستوردي قطع السيارات في الأردن إنه توقف عن البيع بالدين لتجار التجزئة خوفا من عدم قدرتهم على السداد، في الوقت الذي قام فيه بتخفيض أسعار القطع بنسبة زادت عن 50 في المائة للدفع النقدي. وارتفعت التسهيلات الممنوحة لكل من القطاع الخاص المقيم بمقدار 840.4 مليون دينار، والمؤسسات المالية غير المصرفية بحوالي 101 مليون دينار، فيما انخفضت التسهيلات الممنوحة للقطاع الخاص غير المقيم بمقدار 64.2 مليون دينار وبنسبة 9.5 في المائة عن مستويات العام الماضي.
وبلغ رصيد إجمالي الودائع لدى البنوك المرخصة في نهاية مايو ما مقداره 34.9 مليار دينار بانخفاض نسبته 1.3 في المائة. وبالنظر إلى تطورات الودائع في نهاية مايو، وفقا لنوع العملة، يلاحظ أن رصيد الودائع بالدينار الأردني قد بلغ ما مقداره 26.6 مليون دينار و8.3 مليارات دينار بالعملات الأجنبية.
وقال الخبير الاقتصادي مازن مرجي إن المرحلة الحالية وتحدياتها التي زادت بسبب جائحة كورونا تتطلب تخفيضا أكبر على أسعار الفائدة على التسهيلات البنكية، بحيث تحفز المواطن والمستثمر على الاقتراض وسط أهمية توجيه الودائع المصرفية لمشاريع استثمارية تعظم العائد للبنوك.
وأضاف لـ "العربي الجديد" أن أي انخفاض لأسعار الفائدة لا شك أنه يحدث أثرا ايجابيا على بنية الاقتصاد، ولكن تعزيز وتسريع إجراءات التعافي الاقتصادي يتطلب إعادة النظر بأسعار الفائدة، وتخفيضها بشكل يحرك الوضع الاقتصادي بشكل عام.
وبيّن أن حجم الودائع ربما يتراجع خلال الفترة المقبلة، نظرا لانكماش الوضع الاقتصادي وانخفاض عائدات غالبية القطاعات الإنتاجية والخدمية وأرباح الشركات وغيرها، إضافة إلى توقع انخفاض كبير في تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج بنسبة قد تتجاوز 20 في المائة، والتي يتم ادخار غالبيتها في الجهاز المصرفي وجزء منها يذهب لشراء العقارات بالدرجة الأولى.
واتخذ البنك المركزي عدة إجراءات تهدف لاحتواء تداعيات أزمة فيروس كورونا على الاقتصاد الوطني، وتخفيض كلف التمويل وخدمة الدين لكافة النشاطات الاقتصادية، والمساهمة في استمرارية حركة عجلة الاقتصاد وتعزيز فرص استعادة النشاط الاقتصادي والتعافي من الأزمة التي أحدثها الوباء.