شهدت مصر حدثاً اقتصادياً مؤلماً بالنسبة لأي مواطن يحلُم بالاستقرار، مع ارتفاع سعر بيع طن الحديد قرابة 24%، حتى تجاوز 6300 جنيه. ربما تكون زيادة الأسعار أمراً غير مستغرب بين المصريين الآن، نتيجة انهيار قيمة الجنيه مقابل الدولار الأميركي، ولكن نسبة ارتفاع سعر الحديد كانت مفجعة وخاصةً بعد خفض الحكومة سعر توريد الغاز الطبيعي لمصانع الحديد من 7 دولارات إلى 4.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية.
إلا أن ما يثير الغرابة، أن الدولة لم تسع للإعلان عن أسباب هذه المفارقة العجيبة في زيادة الأسعار رغم انخفاض الأكلاف، أو حتى توضيح ماهية الإجراءات التي ستتخذها لمحاربة الارتفاع في أسعار الحديد. لا بل سارع الجيش بقيادة من يستحق أن يوصف بجدارة رئيس الوزراء الحقيقي للبلاد، اللواء كامل الوزير، وهو رئيس الهيئة الهندسية للقوات المُسلحة، بالإعلان عن تلقيه تكليفاً من الرئيس عبد الفتاح السيسي لقيام الجيش بدراسات لإنشاء مصنع جديد للحديد، يخلق توزاناً في السوق ويُنهي الاحتكار.
يحمل هذا الإعلان بين طياته العديد من التوجهات، أهمها أن الدولة تعلم أن هناك ممارسات احتكارية بقطاعات حيوية وعلى رأسها الحديد، ومع ذلك لم تحرك ساكناً، بل تمنحهم صك البراءة، كما حدث في قضية الاحتكار التي واجهت إمبراطور الحديد أحمد عز. والأدهى من ذلك، يكثف الجيش جهوده لاستثمار أي فرصة لتوسيع إمبراطوريته الاقتصادية حتى لو على حساب الوضع المُزري الذي وصل إليه المواطن. ذلك دون أن يخطر في باله أن هناك حكومة وجهات تنفيذية ومؤسسات مدنية وشركات حكومية وقطاع خاص من صُلب مهامه تنفيذ المشروعات شريطة خضوعها للقوانين المُنظمة للاستثمار.
بل أكثر من ذلك، تعمّد الجيش إغفال وجود أكبر مصنع للحديد والصلب في الشرق الأوسط في منطقة حلوان، والذي خضع لخطة تخريب مُحكمة عبر حرمانه من الاستثمارات اللازمة للتطوير لصالح القطاع الخاص وعلى رأسه أحمد عز، أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم أيام مُبارك.
اقــرأ أيضاً
ووسط هذه التناقضات، سؤال يدور في ذهن كل مصري حول المجالات الاقتصادية، فهل الأجدر الآن أن يُنشئ الجيش مصنعاً جديداً باستثمارات مُرتفعة يعمل به الجنود من دون مقابل؟ أم من الأجدى تطوير مصنع الحديد والصلب باستثمارات أقل وحماية آلاف العاملين من التسريح وتشريد أطفالهم؟
الإجابة يعيها المواطن جيداً، غير أن المكاسب الاقتصادية للمؤسسة العسكرية تُعميها عن إدراك مصالح الناس. في حين أن الرئيس وذارعه التنفيذية كامل الوزير يدركان وجود دراسات أجراها مكتب استشارات إنجليزي لتطوير خطوط إنتاج الحديد والصلب والتي قدّرت الاستثمارات المطلوبة بنحو مليون جنيه، أي أقل بأكثر من 70% من تكاليف إنشاء أي مصنع حديد عملاق يضاهي مصنع الحديد والصلب.
ورغم ذلك، فلا تزال دراسة تطوير المصنع حبيسة أدراج الشركة ووزارة قطاع الأعمال منذ عامين، ويبدو أنها لن ترى النور وسط توسع دور الجيش الاقتصادي سواء بتأسيس مصانع هادفة للربح في مجال الإسمنت والصناعات الغذائية، أو بتكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بكافة الملفات الاقتصادية ذات البُعد الاجتماعي، منها ملف العشوائيات التي تطوّق أنحاء مصر، عبر نقل سكانها إلى مجمعات سكنية جديدة.
دفعت استراتيجية التوغل الاقتصادي التي يتبناها الجيش في عصر السيسي، كامل الوزير، للتباهي بالإعلان صراحةً بدء العمل لتنفيذ 659 مشروعاً خلال المرحلة الحالية. وتتوزع هذه المشاريع في مجالات حيوية، منها تخطيط وتنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية واستصلاح مساحة 1.5 مليون فدان، بالإضافة إلى شبكة الطرق ومحطات مياه وكهرباء.
يتم تنفيذ هذه المشاريع دون الإعلان عن حجم الإيردات المالية التي تعود على الهيئة الهندسية، وعمّا إذا كانت تسدد الضرائب من عدمه. وبلغة الاستثمار، فإن هذه الأمور تشكل تعجيزاً لأي شركة حكومية أو خاصة لمنافسة مؤسسات الجيش الاقتصادية، خاصةً أنها غير ملزمة بسداد أجور في ظل تشغيل المجندين في المشاريع.
ويبقى السؤال الأخير، ما الفائدة من وجود وزير للتخطيط أو للإسكان أو الاستثمار أو المال أو التضامن الاجتماعي، إذا كانت هناك مؤسسة عسكرية تسيطر على الحياة الاقتصادية والمشروعات الحكومية؟ ربما الإجابة على هذا السؤال، تفسّر للسيسي أسباب تحوّل مصر من دولة إلى مجرد أشلاء دولة، كما صرح دون خجل قبل أيام.
يحمل هذا الإعلان بين طياته العديد من التوجهات، أهمها أن الدولة تعلم أن هناك ممارسات احتكارية بقطاعات حيوية وعلى رأسها الحديد، ومع ذلك لم تحرك ساكناً، بل تمنحهم صك البراءة، كما حدث في قضية الاحتكار التي واجهت إمبراطور الحديد أحمد عز. والأدهى من ذلك، يكثف الجيش جهوده لاستثمار أي فرصة لتوسيع إمبراطوريته الاقتصادية حتى لو على حساب الوضع المُزري الذي وصل إليه المواطن. ذلك دون أن يخطر في باله أن هناك حكومة وجهات تنفيذية ومؤسسات مدنية وشركات حكومية وقطاع خاص من صُلب مهامه تنفيذ المشروعات شريطة خضوعها للقوانين المُنظمة للاستثمار.
بل أكثر من ذلك، تعمّد الجيش إغفال وجود أكبر مصنع للحديد والصلب في الشرق الأوسط في منطقة حلوان، والذي خضع لخطة تخريب مُحكمة عبر حرمانه من الاستثمارات اللازمة للتطوير لصالح القطاع الخاص وعلى رأسه أحمد عز، أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم أيام مُبارك.
ووسط هذه التناقضات، سؤال يدور في ذهن كل مصري حول المجالات الاقتصادية، فهل الأجدر الآن أن يُنشئ الجيش مصنعاً جديداً باستثمارات مُرتفعة يعمل به الجنود من دون مقابل؟ أم من الأجدى تطوير مصنع الحديد والصلب باستثمارات أقل وحماية آلاف العاملين من التسريح وتشريد أطفالهم؟
الإجابة يعيها المواطن جيداً، غير أن المكاسب الاقتصادية للمؤسسة العسكرية تُعميها عن إدراك مصالح الناس. في حين أن الرئيس وذارعه التنفيذية كامل الوزير يدركان وجود دراسات أجراها مكتب استشارات إنجليزي لتطوير خطوط إنتاج الحديد والصلب والتي قدّرت الاستثمارات المطلوبة بنحو مليون جنيه، أي أقل بأكثر من 70% من تكاليف إنشاء أي مصنع حديد عملاق يضاهي مصنع الحديد والصلب.
ورغم ذلك، فلا تزال دراسة تطوير المصنع حبيسة أدراج الشركة ووزارة قطاع الأعمال منذ عامين، ويبدو أنها لن ترى النور وسط توسع دور الجيش الاقتصادي سواء بتأسيس مصانع هادفة للربح في مجال الإسمنت والصناعات الغذائية، أو بتكليف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بكافة الملفات الاقتصادية ذات البُعد الاجتماعي، منها ملف العشوائيات التي تطوّق أنحاء مصر، عبر نقل سكانها إلى مجمعات سكنية جديدة.
دفعت استراتيجية التوغل الاقتصادي التي يتبناها الجيش في عصر السيسي، كامل الوزير، للتباهي بالإعلان صراحةً بدء العمل لتنفيذ 659 مشروعاً خلال المرحلة الحالية. وتتوزع هذه المشاريع في مجالات حيوية، منها تخطيط وتنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية واستصلاح مساحة 1.5 مليون فدان، بالإضافة إلى شبكة الطرق ومحطات مياه وكهرباء.
يتم تنفيذ هذه المشاريع دون الإعلان عن حجم الإيردات المالية التي تعود على الهيئة الهندسية، وعمّا إذا كانت تسدد الضرائب من عدمه. وبلغة الاستثمار، فإن هذه الأمور تشكل تعجيزاً لأي شركة حكومية أو خاصة لمنافسة مؤسسات الجيش الاقتصادية، خاصةً أنها غير ملزمة بسداد أجور في ظل تشغيل المجندين في المشاريع.
ويبقى السؤال الأخير، ما الفائدة من وجود وزير للتخطيط أو للإسكان أو الاستثمار أو المال أو التضامن الاجتماعي، إذا كانت هناك مؤسسة عسكرية تسيطر على الحياة الاقتصادية والمشروعات الحكومية؟ ربما الإجابة على هذا السؤال، تفسّر للسيسي أسباب تحوّل مصر من دولة إلى مجرد أشلاء دولة، كما صرح دون خجل قبل أيام.